اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الحرب الباردة في الكرة الارضية بين دول القرار وصاحبة النفوذ والدول العظمى وغيرها لم تعد حربا باردة، بل اصبحت حربا على نار حامية جدا.

واذا انطلقنا من الحرب الروسية على اوكرانيا التي بدأت بعد ان علمت موسكو بأن الحلف الاطلسي سيضم اوكرانيا الى صفوفه، كما ستنضم اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي، وهي لها موقع استراتيجي هام يؤثر على امن روسيا الاتحادية، عندها اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهجوم على الاراضي الاوكرانية، حيث تدخل الحلف الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة، وبدأت بدعم الجيش الاوكراني بكل انواع الاسلحة. والآن تشتعل الجبهات بين الحلف الاطلسي والجيش الروسي، والخسائر تزداد يوما بعد يوم، وبات واضحا ان لا احد يستطيع التقدم على جبهات الطرف الآخر.

وامس بالتحديد، هاجم الحلف الاطلسي من خلال الاراضي الاوكرانية عبر مسيّرات، العاصمة موسكو وهي عاصمة دولة عظمى، ولديها كافة الاسلحة النووية والصواريخ البالستية العابرة للقارات. وقد اغلقت السلطات الروسية مطارين في العاصمة موسكو ، وقامت بتوجيه الرحلات المدنية الى مطارات اخرى.

ومن خلال القنوات العربية والدولية التي نقلت هذا الخبر، فان الشعب الروسي كان صامدا ولا يبدو عليه انه مصاب باحباط، بل كان افراده يطالبون القيادة الروسية بعدم استعمال سياسة الليونة، بل يطالبونها بقصف اوكرانيا بقوة.

واذا كانت الولايات المتحدة تريد تسليم طائرات «أف 16» الى سلاح الجو الاوكراني، فان روسيا لم تستعمل بعد طائرة الشبح «سوكوي»، وهي من الجيل الخامس وقادرة على مجابهة الـ «اف 16» واسقاطها.

واذا انتقلنا من الحرب في اوكرانيا الى اخبار العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، فان الامر انطلق من رعاية صينية جمعت وزيري خارجية البلدين في بجين عاصمة الصين، وهذا ما اثار حفيظة واشنطن التي لا تريد نفوذا للصين، سواء في الخليج العربي وجزء من آسيا ام في الشرق الاوسط، ولا تريد انفتاحا ايرانيا ولا سعوديا بين هذين البلدين.

وقد لحقت وساطة الصين زيارات متبادلة على مستوى وزراء الخارجية في طهران والرياض وجدة. ويبدو ان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ،الذي يركز على خطة 2020 و2023 التي ستنقل السعودية من دولة مصدّرة للنفط فقط ومشتقاته، الى اقتصاد انتاجي في كل المجالات، سواء الصناعة او الالكترونيات او غيرها، فانه رأى ان سياسة حسن الجوار بين السعودية وايران هي ضرورية لانجاح هذه الخطة.

وانتقلت السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية الى هدنة في اليمن، حيث كانت طائرات التحالف الدولي ومنها طائرات القاذفة السعودية تقصف مناطق الحوثيين ، ورد الحوثيون باطلاق صواريخ بدعم ايراني من خلال تسليمهم صواريخ، اضافة الى التقنيات والخبرة في هذا المجال، فقصفوا مدينة ابها السياحية وشركة ارامكو، وهي اكبر شركة نفطية في العالم، وقصفوا العاصمة الرياض، عندها رأى الامير محمد بن سلمان ان الهدنة في اليمن ضرورية لانجاح المشروع الاقتصادي والمالي الكبير للسعودية.

كما ان السعودية ترى ان الحكم في العراق انتقل من الطائفة السنية الى الطائفة الشيعية، مع ترك بعض المراكز ، ومنها مركز رئيس مجلس النواب للطائفة السنية، لكن الرؤية البعيدة للمملكة العربية السعودية قبلت بالوضع الراهن.

اما في سوريا، فان ادارة الرئيس بشار الاسد والجيش العربي السوري رغم الانشقاق الكبير في صفوفه مع دعم ايراني ومن حزب الله ومن الجيش الروسي، خاصة من سلاح الجو الذي قام بـ 1000 غارة واستطاعوا الحاق الهزيمة بالمنظمات التكفيرية الاسلامية على كامل اراضي سوريا، باستثناء المناطق التي احتلها الجيش الاميركي في مناطق الحسكة، وقسم من دير الزور والمنطقة الكردية، كما يحتل الجيش التركي مناطق في ريف حلب وريف ادلب، حيث تتواجد منظمات تكفيرية اسلامية ومنها «جبهة النصرة» و»داعش». كما يتواجد في هذه المنطقة حوالى 4 ملايين نازح سوري في الاراضي السورية المحتلة وايضا في الاراضي التركية، لكن الادارة السورية استطاعت فرض نظامها وسيطرتها على بقية المناطق السورية.

ورغم ان تظاهرات واضرابات تحصل في منطقة درعا والسويداء، فان الاهالي في هاتين المنطقتين هم من الموحدين الدروز والعشائر العربية، ويعلنون صراحة ان انتماءهم هو لسوريا، لكن العقوبات الاوروبية وخاصة الاميركية ومنها قانون قيصر الذي يحاصر سوريا في كل المجالات، هو الذي يتسبب بالازمة الاقتصادية والمالية الخانقة. وبالتالي اناشد القيادة السورية ضرورة احتضان هؤلاء ومساعدتهم للتغلب على الحالة الصعبة التي يعانون منها.

وهنا لا بد من ذكر القائد العربي الزعيم سلطان باشا الاطرش، الذي قام بالثورة ضد الاستعمار الفرنسي.

واذا انتقلنا الى التكتل الاقتصادي عبر منظمة «بريكس»، التي تضم الصين وروسيا والهند وجنوب افريقيا والبرازيل ودولتين اخريين، ستتلقى طلبا من السعودية للانضمام اليها، كما ان ايران تطلب الانضمام ايضا، وبذلك ستصبح قوة اقتصادية ومالية كبرى، لكن الادارة الاميركية قررت مواجهة هذا التكتل بتكتل آخر، حيث اجتمع الرئيس الاميركي جو بايدن برئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء اليابان في نهاية الاسبوع الماضي في كامب ديفيد، حيث الاستراحة للرؤساء الاميركيين.

ووفق المواقع الاقتصادية والمالية الكبرى، فان واشنطن تريد ان تضم الى هذا التكتل كندا والمانيا وفرنسا والسويد والدانمارك ونيجيريا، الغنية بالنفط والغاز، وبريطانيا واوستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وجزيرة تايوان، لتصبح اقوى قوة ماليا واقتصاديا من منظمة «بريكس» باربع نقاط ، حيث ان «بريكس» تشكل حاليا 25 بالمئة من اقتصاد ومالية العالم، وبعد انضمام السعودية وغيرها ستشكل 32 بالمئة.

اما المنظمة التي ستضم الولايات المتحدة والدول الاخرى ستشكل 36 بالمئة من اقتصاد ومالية العالم كله، وهذان القطبان اي منظمة «بريكس» والمنظمة التي ستقيمها الولايات المتحدة سيتصارعان على النفوذ في كل انحاء العالم.

وانتقل الى الضفة الغربية المحتلة من الكيان الصهيوني اضافة الى فلسطين 1948، فان مقاومة بطولية يقوم بها المجاهدون في مختلف مدن وبلدات الضفة الغربية، وقد الحقوا هزيمة كبرى بجيش العدو الاسرائيلي، ولم يعد قادرا على اللحاق بوتيرة العمليات البطولية.

واذا كانت الصهيونية اجتمعت في سويسرا في مدينتي بال ولوزان في القرن الثامن عشر، وقرروا التخطيط لاحتلال فلسطين، ونظموا الامر لاحقا مع الامبراطورية العثمانية، وفي القرن التاسع عشر مع الامبراطورية البريطانية وفرنسا، حيث تم تقسيم المنطقة من خلال اتفاق سايكس بيكو ، حيث توافد اليهود والصهاينة الى فلسطين، وقام الجيش البريطاني المستعمر لفلسطين بدعمهم، فيما كان الشعب الفلسطيني اعزل من السلاح، واستطاعت الصهيونية احتلال فلسطين فيما يسمى خط 1948، ولاحقا سنة 1967 تم احتلال الضفة الغربية بكاملها.

كما ان العدو الصهيوني قام بالانسحاب من قطاع غزة، واعتقد ان مليونين من الشعب الفلسطيني سيكونون تحت مستوى تحت خط الفقر ولا يستطيعون المقاومة، الا ان قطاع غزة تحوّل الى قطاع الابطال الذي يضرب بالصواريخ كل المستوطنات الصهيونية حوله.

هنا لا بد من ان نسأل هل ستبقى الصهيونية امام الازمة الكبرى التي تعيشها وتمر بها؟ ام انها اصبحت بحاجة الى مؤتمر جديد للصهيونية؟ فحكومة نتانياهو وحزب الليكود المتطرف، اضافة الى الاحزاب الدينية كلها في الحكومة وصلوا الى خلاف مع المعارضة حول التعديلات القضائية، ومَن يعتقد ان هنالك خلافا جوهريا بينهما يكون واهما جدا، لكن هنالك خلاف على التوقيت، سواء بتثبيت الخطة الدينية ام تأجيل ذلك على ان يتم هذا الامر لاحقا.

والذي يتابع كتابات اعضاء منظمة «الايباك» في الولايات المتحدة، فانهم يتحدثون عن ضرورة الاجتماع في نيويورك مع رئيس جهاز «الموساد» ورئيس جهاز «الشاباك» ووزير الدفاع «الاسرائيلي» ورئيس اركان الجيش، كما يريدون الاجتماع باصحاب اكبر ثلاثة مصارف في العالم، واهمها بنك روتيشلد، لمراجعة ما يحصل في الكيان الصهيوني. وفي مطلق الاحوال، فان ما اخذوه بالقوة لن يسترد الا بالقوة.

لقد عرضتُ الوضع الدولي والعربي وفق رؤية اجدها منطلقا للحوار في لبنان، حول اية سياسات يجب ان يتخذها اصحاب القرار ، كي يؤمنوا للشعب اللبناني مصلحته العليا. لذا، الامر متروك لاصحاب القرار والمسؤولين والقيادات الحزبية وللسلطتين التشريعية والتنفيذية ، ولا بد من الوصول الى تحقيق المصلحة العليا للبنان وشعبه.

شارل ايوب

الأكثر قراءة

حزب الله يستبعد الحرب الشاملة والموفد الألماني غادر دون «جوابٍ» استشهاد القيادي محمد ناصر والمقاومة تمطر قواعد العدو بالصواريخ هل طرحت البطريركية المارونية صلاح حنين على» الثنائي الشيعي»؟