اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

المشهد الضبابي في سوريا يضعنا أمام أسئلة كبرى. اذا كان الأميركيون يبتغون، وبخلفيات استراتيجية، تقويض الدولة هناك، "الاسرائيليون"، وبخلفيات ايديولوجية، يبتغون تقويض الدولة في كل من لبنان وسوريا، وهم الذين اعتادوا على ازاحة أو ازالة أي قوة، يمكن أن تهدد حتى دجاجة في... أرض الميعاد!

الدولة اليهودية فوق الدول الأخرى، وفوق منطق الدول الأخرى، مثلما الكائن اليهودي فوق أي كائن آخر، وفوق منطق أي كائن آخر. الصراع اما أن يحل بالتسونامي العسكري، أو بالتسونامي الديبلوماسي. وقد لاحظنا كيف أن تهافت دول عربية على التطبيع مع "اسرائيل" لم يحدث أي تغيير في أدائها بقتل الفلسطينيين، وباقتلاعهم من أرضهم ومن تاريخهم، ناهيك عن التهديد بعدم ابقاء حجر على حجر في لبنان. باقة زهر على ضريح أدولف هتلر..

في الدماغ التوراتي، اذا سقطت سوريا سقط لبنان تلقائياً. آرييل شارون مات ، لن نراه راقصاً في أروقة القصر الجمهوري. رجال الائتلاف الحالي أسوأ بكثير ، يفكرون كيف يسيرون حفاة على جماجمنا...

سوريا على المفترق الخطير. الذئاب من كل حدب وصوب. الأزمة الاقتصادية تأخذ منحى أبوكاليبتياً. لا طريق أمام المعوزين سوى الطريق اللبناني. الغريب أنهم في الشرق السوري وفي الشمال لا يتوجهون الى العراق، بعدما أقفل الأتراك والأردنيون الأبواب أمامهم. ماذا عن البوابة "الاسرائيلية": No Entry.

لكن لبنان يزداد اختناقاً. الأيام الأخيرة أظهرت أن موجة (أو موجات) النازحين لن تكون أقل كثافة من الموجات السابقة. لم يعد الحديث عن "القنبلة الموقوتة"، وانما عن "قنبلة هيروشيما". اذا أخذنا بالاعتبار أن هناك خطة وضعها مجهولون، وتنفذ بأيد مجهولة (المفوضية العليا للاجئين ليست أكثر من أداة)، لتغيير الصيغة اللبنانية كمدخل لتغيير المسار الاستراتيجي للبلاد.

لا خلاص حتى لو تمكنا من انتخاب رئيس للجمهورية، وحتى لو حدثت المعجزة ـ هنا الحاجة الى معجزة الهية ـ وأقر المجلس النيابي الاصلاحات في الهيكلية الاقتصادية والمالية، التي مثلما يشترطها صندوق النقد الدولي، يشترطها السعوديون. هذا ما طرح علناً، وما نقل الى وسيم منصوري الذي لفت محادثيه برؤيته الواقعية، وبقدرته على تفكيك الأزمة، وبلورة الحلول العملية لها.

لكن البشاعة الطائفية نجحت حتى قي تشويه صورة الملائكة. اذ تحول دون وصول الأدمغة الى حيثما ينبغي أن تصل، تحول دون بقاء الأدمغة حيثما ينبغي أن تبقى.

حتى لو حدث كل ذلك. الأزمة السورية ترخي بظلالها وبنازحيها وباحتمالاتها على الساحة اللبنانية. لا نهاية للأزمة في لبنان الا بانتهاء الأزمة في سوريا. هذا ليس ممكناً في الظروف الراهنة. الأزمة السورية لم تكن ولن تكون فقط أزمة داخلية، ولم تعد فقط اقليمية، كما لم تعد فقط دولية. أزمة داخلية واقليمية ودولية.

أي سبيل للحل، أو حتى مجرد التفكير بالحل، اذا كانت الأزمة على ذلك المستوى من التشابك بين السياسات وبين الاستراتيجيات، أيضاً بين الصراعات التي تزداد احتداماً يوماً بعد يوم، بانتظار ظهور النظام العالمي الجديد (ربما تزامناً مع يوم القيامة!).

هذا ما يثير سخرية وزير الخارجية الفرنسي السابق أوبير فيدرين ، الذي يتجاوز زبغنيو بريجنسكي في مصطلحه "الفوضى العالمية الجديدة"، الى القول " لا داعي لكي ينقلنا الله، على ظهر الشيطان الى الجحيم ، نحن نذهب على أقدامنا الى هناك"... هوذا العالم البديل. أي سوريا البديلة، وأي لبنان البديل ؟.

كثيرون يرون أن الوضع في سوريا كشف هشاشة الدول الحليفة، وأثبت ألاّ بديل عن أميركا (بسياساتها الخلابة). لكن هذه الدول أيضاً في مأزق، ودائماً لتردي علاقاتها مع أميركا التي كنا نتمنى لو تبتعد قيد أنملة، عن التماهي الميكانيكي مع الهيستيريا "الاسرائيلية".

أي حلفاء للبنان؟ لو طرح السؤال على آموس هوكشتاين لقال "الغاز حليفكم". هو الذي يعلم أو يقف وراء كونسورتيوم الغاز في شرق المتوسط بين "اسرائيل" وقبرص واليونان (وغداً تركيا ).

أي لبنان وأي سوريا والحال هذه ؟ هوكشتاين يشير باصبعه الى... الهيكل !!

الأكثر قراءة

بكركي ترفض «دفن الديمقراطية وخلق السوابق» وبري يعتبر بيان «الخماسية» يُـكمل مبادرته شرف الدين يكشف لـ«الديار» عن لوائح للنازحين تنتظر موافقة الامن الوطني السوري تكثيف معاد للإغتيالات من الجنوب الى البقاع... والمقاومة مستمرة بالعمليات الردعية