اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

للمرة الاولى يتحدث المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان عن الملف اللبناني بهذا الوضوح، عندما تطرق الى ضرورة الوصول الى اختيار مرشح ثالث، والمقصود بالثالث هنا، هو ألا يكون رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية ولا مرشح "التقاطع" جهاد ازعور، مع إطلاق تهديدات مبطنة، تصدر عن الفرنسيين للمرة الأولى، وتتعلق بترك لبنان لمصيره ووقف المساعدات عنه، بحال استمر التعنت الرئاسي بهذه الطريقة.

كلام لودريان جاء بالتوازي مع سحب مبادرة الحوار التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 31 آب، والتي كانت تشكل خشبة الخلاص للفرنسيين واللبنانيين معاً، على حد قول مصادر سياسية متابعة، مشيرة الى أن سحب المبادرة وكلام المبعوث الرئاسي الفرنسي يقفلان مرحلة بانتظار فتح مرحلة جديدة، قد لا يكون الدور الفرنسي أساسياً فيها.

في الوقت الراهن، لا يمكن الحديث عن تخلي الجانب الفرنسي عن دوره في الملف اللبناني، لا سيما أن لباريس مصالح في الساحة اللبنانية لا يمكن أن تدير ظهرها لها بسهولة، خاصة بعد النكبات الكثيرة التي تتعرض لها الدولة الفرنسية في القارة السمراء، لكن في المقابل لا يمكن أن تستمر في النهج السابق، بعد الضربات التي كانت قد تعرضت لها في الأشهر الماضية.

ما يمكن الحديث عنه هو أن فرنسا قررت إعادة التموضع، بحسب المصادر، بعد أن كانت قد تقدمت بطرح وصف بأنه أقرب إلى ما تريده قوى الثامن من آذار، وضعها في مواجهة مع العديد من الأفرقاء المحليين والخارجيين، وبالتالي هي تسعى إلى الحفاظ على هذا الدور في الوقت الراهن، لا سيما أنها تدرك جيداً أن هناك من يريد منافستها عليه، ومن هنا بدأت الاستدارة الفرنسية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر الى انه لا يمكن تجاهل أن باريس ليست طرفاً قادراً على فرض تسوية بين القوى المتصارعة في لبنان، وبالتالي من دون تعاون الجميع معها لا يمكن أن تحقق أي تقدم، وهو ما حصل خلال كل الفترة الماضية التي بدأت بعد انفجار مرفأ بيروت وصولاً الى واقعنا الحالي، ما يعني أنها تظن أنها من خلال مواقفها الحالية، ما دام الأفق مغلقا أمام ترشيح فرنجية، قادرة على حجز موقع لها في المعادلة الجديدة، وبالتالي ستكون في موقع المنتظر لكيفية تفاعل الأفرقاء اللبنانيين، تحديداً قوى الثامن من آذار، مع طرح الذهاب إلى الخيار الثالث.

لا تتحمل فرنسا خسارة كاملة في لبنان، برأي المصادر، لذلك تخلت عن مبادرتها السابقة، كما كان لافتاً قول لودريان انه المبعوث الرئاسي الفرنسي، وفي ذلك رسالة الى كل من يتلقى اتصالات فرنسية يسمع خلالها تمسك باريس بطرح المقايضة بين سليمان فرنجية ونواف سلام، وبالتالي أراد لودريان القول ان الموقف الفرنسي بات أقرب الى جانب طرح خيارات بديلة في الملف الرئاسي، وذلك لمواكبة السعوديين والأميركيين الذين ينشطون على الساحة المحلية بعنوان قطري.

إذاً هي مرحلة جديدة مقبلة، ستشهد تكثيفاً للزيارات الدولية والعربية الى بيروت، ومنها زيارة لودريان التي يُفترض أن تحصل خلال أيام، وخلالها سيكون للدولة الفرنسي موقفها الجديد الذي قد لا يُعجب قوى الثامن من آذار، التي ستتشدد رئاسياً بعد رفض كل طروحات الحوار.


الأكثر قراءة

زلزال قضائي: توقيف رياض سلامة... ماذا في المعلومات ولماذا الآن؟ الضغط الدولي غير كافٍ في احتواء إجرام نتنياهو تعزيزات الى الضفة الغربية... وخشية من تكرار سيناريو غزة