اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قال الامام علي بن ابي طالب: "عجبت لمن لم يجد قوت يومه ولم يخرج شاهرا سيفه". لكن رب العائلة في هذا الزمن الصعب بات يشهر صحته ليؤمن قوت اطفاله. وقيل أيضا "حتى يتفلسف اطفالكم فيجب ان يشبعوا أولا".

وبناء على كل ما تقدم، تعتبر مرحلة المدرسة من اهم المراحل العمرية التي يجب الاعتناء بها، خاصة من ناحية التغذية، لان الغذاء الجيد هو وقود الجسم والباعث على النشاط والحيوية والتركيز والتفاعل داخل الصف. والاطعمة الصحية تضمن للتلاميذ الاستفادة من الناحية التعليمية، لان العقل السليم في الجسم السليم، كما ان فترة الدراسة هي الوقت المناسب للأطفال للتعرف على الغذاء الصحي وفوائده، واعتماده كروتين يومي مدى الحياة، لان هؤلاء يتعلمون بسرعة ويتأثرون بالنصائح والارشادات، سواء من جانب الاهل او من قبل المرشدين التربويين.

ومن هنا يأتي دور الاسرة في التغذية الجيدة والحرص على تقديم عناصر غذائية صحيحة للأطفال، على ان تشتمل الوجبات الغذائية على أكبر قدر ممكن من الفيتامينات. لكن في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، كيف يمكن للأهل توفير متطلبات أطفالهم الأساسية والضرورية اليومية مع بداية العام الدراسي؟ خاصة ان التلميذ يحتاج الى اطعمة غنية بالعناصر المغذية ليبدأ بها يومه قبل توجّهه الى المدرسة، انطلاقا من قول أحد الفلاسفة "أشبع ثم تفلسف"، وهذا ينطبق تماما على واقعنا الحالي.

فالطالب يحتاج الى وقود حتى يحرّك طاقته الذهنية والفكرية ، وليتفاعل مع معلميه وزملائه داخل الصف، حتى عندما يعود الى المنزل فسيكون بانتظاره جولة ثانية من انهاء الفروض المدرسية. لذلك يجد معظم الاهل حاليا معضلة تأمين المواد الغذائية الأساسية، حتى ان توفيرها بات يعتبر الهمّ الأكبر لدى هؤلاء، وإذا تكاثرت الصعاب يطفو على سطح الأهمية الهم الأكبر فيها.

والسؤال كيف للشعوب الجائعة لرغيف ان تنتج فكرا وتقدما وتطورا؟ لربما يقول قائل ان الثورة الفرنسية خرجت من الجوع وحملت فلسفات عدة، والاتحاد السوفياتي شُكّل من مجموعات الشعوب المحرومة حيث نظر لثورتها الاشتراكية وقتذاك "لينين"، الذي كان يعيش عالة على ذويه، ولم يكن صاحب أموال لكنه قاد المجتمع فكريا. لكن حينذاك الأمور والظروف كانت مغايرة، فالجوع لم يكن مقترنا بفساد وسرقة أموال الشعب ليحرك انتفاضة بحجم الثورة الفرنسية، وربما الظلم كان الدافع الأكبر لها حتى ان سقراط من حسن حظه لم يعش في زمن الفلاسفة الحاليين "النهّابين" في لبنان، الذين دمروا الاقتصاد والانماء الاجتماعي والوطن في سبيل "عزة" السلطة والطائفة والمشاريع الضيقة ذات المنفعة الذاتية، الى جانب سرقة المال العام. لذلك وجب الاعتراف بان الشعوب الجائعة لا تنهض فكريا وعلميا، بل تبقى أسيرة الجهل والخوف والمرض والاهتمام بما يملئ البطن لا العقل والفكر.

الترويقة اهم وجبة

في شأن يتصل بتغذية طلاب المدارس، قال اخصائي التغذية طه مريود لـ "الديار": ان "وجبة الإفطار المثالية قبل الذهاب للمدرسة، هي تلك التي تحتوي على نشويات مركبة، بروتينات ودهنيات ثنائية غير مشبعة، مثلا: كشطيرة من الجبنة او سندويش من الزيت والزعتر مع حبة من الخيار، بالإشارة الى ان الزعتر يساعد على التركيز ويرفع من نسبة الذكاء".

ونصح الاهل بالتركيز على قواعد التغذية الصحية المتمثلة: "بتأمين الخضراوات المعتدلة الأسعار لأطفالهم، وتجنب اللحوم المعلبة والمصنعة، والتخفيف من السكريات المضافة، وشرب الماء بشكل جيد، والتقليل من استهلاك الملح، والحرص على توفير الأطعمة الغنية بالعناصر المغذية كالمأكولات البحرية واللحوم والدجاج والبيض على الأقل لـ 6 او 8 مرات في الشهر والاعتماد على الحبوب الكاملة والبازلاء والبقوليات، إضافة الى الفواكه الطازجة والمجففة كوجبات خفيفة والحليب ومشتقاته".

وشدد على "ان التلاميذ بحاجة ماسة لوجبة الإفطار اليومية، كونها تعد الوجبة الأساسية نظرا لعدم قدرة هؤلاء على تناول اطعمة مغذية خلال ساعات النهار، بسبب الأوضاع الاقتصادية والظروف المادية التي انعكست سلبا على أوضاع الأغلبية الساحقة من الاولاد. لذلك يجب عدم تجاهل الترويقة خاصة بالنسبة للصغار، لأنها ترفع التركيز والقدرة الاستيعابية، وتساعد على تحسين التحصيل الدراسي، كما تمدّ الجسم بالطاقة اللازمة للنشاط البدني".

وفي هذا الخصوص، ارشدت اخصائية التغذية جاكي قصابيان الاهل عبر "الديار" الى "ضرورة إعطاء أطفالهم سندويش تحتوي على جبنة بيضاء، ومن غير الضروري التطلع الى العيش الأسمر او التوست او "البان دومي"، لان أسعار هذه الأنواع باهظة، كما يمكن تمرير "عروسة" الزيت والزعتر مرة او مرتين في الأسبوع، الى جانب نوع من الخضار كالخيار مثلا".

وتابعت "يجب ان يأخذ الطفل معه الى المدرسة وجبة مكتملة توفر له الطاقة ، لان الطفل الذي لا يتناول طعاما سليما ومتنوعا ،ويحتوي على البروتين والكربوهيدرات والخضار فجهازه العصبي سيضعف، كذلك الامر بالنسبة لتركيزه، وقد يعاني من الم في الرأس وتقلبات مزاجية، ما سيجعله خارج محيط صفه".

اما الوجبة الكاملة فتتمثل وفقا لقصابيان بـ"حصة مكونة من خضار، والايسر والاقل سعرا في السوق هو الخيار، الى جانب شطيرة من الجبنة كمصدر من مصادر الحليب ومشتقاته، وهذه الوجبة تعد ضرورية للطفل، ويجب ان يتناول منها أكثر من حصة، ولكن في ظل غلاء الحليب كثر من الأطفال لا يحصلون عليه، لذلك توفر الجبنة كمية الكالسيوم المطلوبة يوميا، حتى وان لم يكن الخبز من القمحة الكاملة، كونه سيحصل على الالياف من مصادر أخرى".

ونصحت "بالتركيز على حصة من الفواكه مثل التفاح، لكن يجب الحرص على التنويع بالألوان والانواع، ومن المهم عند عودة الطفل من المدرسة الى المنزل ان يجد طعاما مطبوخا، وينبغي ان يتكون بالحد الأدنى من الحبوب في حال عدم قدرة الاهل على شراء اللحوم. واوضحت "ان الحبوب مصدر للبروتينات والالياف والكربوهيدرات الصحية، التي تعطي شعورا بالشبع والطاقة، وهذه التفاصيل من شأنها ان تساعده على التركيز بعد المدرسة لإنهاء واجباته المدرسية".


الأكثر قراءة

زلزال قضائي: توقيف رياض سلامة... ماذا في المعلومات ولماذا الآن؟ الضغط الدولي غير كافٍ في احتواء إجرام نتنياهو تعزيزات الى الضفة الغربية... وخشية من تكرار سيناريو غزة