اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"التحرش الجنسي" كلمة أصبحت متداولة على الالسن في الفترة الأخيرة وبكثرة، رغم ان هذه الظاهرة ليست جديدة على المجتمع الإنساني. ويبدو ان الزمن الحالي والقادم سيشهدان تزايدا ملحوظا لهذا السلوك الشاذ وغير السوي أو "السيكوباتي"، لذا بات من الواجب ادانته ومنعه، والتشدد في إنزال العقوبات القاسية بالفاعل لمنع تكرار هذه الأفعال في الأوساط العامة وحتى في الخفاء. ويعتبر "التحرش الجنسي" لفظا جديدا على الثقافة العربية ، التي لطالما عرفت الغزل والمراودة وهتك العرض والاغتصاب والزنا. لذلك يجب معرفة تفاصيل هذه التسميات ليسهل التفرقة بينها، وليتمكن الضحايا من معرفة حقوقهم القانونية في الحالات المختلفة.

فالغزل، هو ذكر الصفات الجميلة للشخص بهدف التودد اليه واسعاده، والذي يعرف بالعامية "تلطيش او معاكسة"، أي ان المعاكس يتلفظ بعبارات المدح والاعجاب بالطرف الآخر، والمفردات المستخدمة تكون صريحة ورمزية.

اما المراودة، فقد وردت في الكتب السماوية، وتحديدا في سورة يوسف، وهي تجمع معاني الاغواء والاغراء في كلمة واحدة.

اما "هتك العرض" فعرفه القانون اللبناني في المادة 296 من قانون العقوبات رقم (11) لسنة 1960 م بأنه "كل من هتك بالعنف او التهديد عرض انسان عوقب بالأشغال الشاقة لا تنقص عن أربع سنوات".

قول وفعل!

اما التحرش الجنسي، فهو تعبير جديد على الثقافة العربية، وهذا التعبير هو ترجمة للمعنى الإنكليزي "Sexual Harassment" او "Sexual Assault" ، ولفظ التحرش يجمع بين القول والفعل، وانه يحمل معنى الخشونة او التهيج او الاعتداء الخفيف، ولكن هذا المعنى اللغوي بالإضافة الى دلالات المعنى الأجنبي يتفقان على جمع معنى التحرش للقول والفعل.

والتحرش الجنسي هو قول او فعل ، يحمل ايحاءات جنسية تجاه شخص آخر يتأذى من ذلك ولا يرغب فيه، كما ان هذا الفعل بهذا المعنى يجمع بعض عناصر "المراودة"، والذي قد يكون بنظرة داعرة في حال وجدت طريقة يثبت بها الغاية المبطنة فإنها تصبح تحرشا. لذا فقد يكون التحرش لفظيا او ملموسا أي حقيقي وغير هزلي، وقد يكون خارج البيت وفي الأماكن المزدحمة عن طريق "التلاصق"، وفي المناطق العشوائية والشعبية الضيقة ماديا وفكريا وثقافيا أيضا، وقد يكون للخطاب الديني والإعلامي تأثير سلبي لانتشار هذا السلوك.

وفي هذا الصدد، بينت آخر الدراسات ان نسبة التحرش الجنسي بالأطفال باتت مرتفعة للغاية، وزمرة كبيرة من المتحرشين بالأطفال كانوا من أقارب او معارف او أصدقاء الطفل، لذلك فإن عدم الوعي الكافي للأطفال قد يجعلهم يرضخون الى مثل هذه الأفعال، لأنهم وان نبذوها في أنفسهم، فإن السطوة والبطش والنفوذ في مثل هذه المواقف عادة ما تكون للطرف المتحرش، فيشعر الطفل بالخوف والضعف خاصة إذا هدد من قبل المتحرش.

التربية الجنسية منذ الصغر

وفي هذا الخصوص، قالت الاختصاصية الاجتماعية والنفسية غنوة يونس لـ "الديار" ان "توعية الأطفال ضد خطر التحرش الجنسي أصبح من الضروريات، لان الانتباه والتيقظ لا يعني بالضرورة ضمانة حمايتهم من ان يكونوا لقمة سائغة وضحايا للمتحرشين جنسيا بالصغار. لذلك فإن الوعي الكافي سيمنح الطفل القدرة على إيقاف الامر في حال تمكن من ذلك، وفي أسوأ الأحوال يقوم بالإبلاغ عما جرى من دون خوف او تردد". واردفت "يجب تربية الطفل جنسيا منذ سن مبكرة، وذلك بتعليمه ان هناك أماكن خاصة في جسده لا يحق لاحد رؤيتها او لمسها وتصويرها حتى وان كان من اشد المقربين له".

نصائح عملية

في شأن توعوي متصل، تطرقت يونس الى موضوع الحوار والطريقة السليمة التي من خلالها يتم توجيه الأسئلة للطفل، في حال تعرض لتجربة مريعة او بهدف توعيته وتثقيفه من خلال الارشادات والنصائح التالية:

- التواصل المفتوح: يكون ذلك بالحفاظ على خطوط اتصال دائمة مع الطفل، والاستماع الى مخاوفه والإجابة على استفساراته.

- علامات سلوكية او نفسية: من الأمور المهمة التي يجب على كل الأهالي معرفتها، التغييرات التي تطرأ على الطفل والانتباه الى إشارات التحذير التي يمكن ان تشير الى تعرضه للتحرش الجنسي وكيفية التعامل معها من خلال مراقبة جسم وسلوك الطفل لذلك ينبغي ان يبقى الاهل في حالة من الحذر.

- حماية الخصوصية: المطلوب من الاهل التأكد من حماية خصوصية الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الواقع، وتعلم كيفية مراقبة استخدامه للأنترنت.

- الثقة بالأطفال: هذه النقطة مهمة جدا كونها تساعد الطفل على بناء ثقته بنفسه ليصبح قادرا على شجب أي محاولة لإخفاء التحرش، وفي حال عبر عن شيء ما، فيجب اخذه بعين الاعتبار وتصديقه.

- قول كلمة "لا": تعليم الطفل انه يستطيع قول كلمة "لا" إذا شعر بالخطر وعدم الأمان، ويمكنه رفض المطلوب منه في حال حسّ بعدم الارتياح.

- البحث عن الدعم: يجب تقديم الدعم النفسي والعاطفي للطفل ليتحدث مع شخص جدير بالثقة إذا تعرض لأي نوع من انواع التحرش.

- الإبلاغ: يجب تثقيف الطفل ان هناك مساحة من الخصوصية وعلى الجميع احترامها ومن المهم ان نخبره انه يملك مساحة آمنة يتحرك فيها بسلام، لذلك يمكنه اخبار الأشخاص الصادقين والامناء واللجوء إليهم إذا تعرض لأي خطر.

- الأصدقاء الجيدون: ينبغي استبعاد الأصدقاء الذين يحاولون إجبار الطفل على أي نشاط مستكره او لا يتفق مع سلوكه وفطرته السوية.

- تعلم الحدود: من الحكمة تدريب الطفل على أهمية واحترام حدوده الشخصية وحدود الآخرين، لأنه من الضروري جدا ان يعرف منذ الصغر كيفية وضع الخطوط الفاصلة مع البشر".

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران