اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قبل حوالى 40 عاما، انطلقت الثورة الاسلامية الايرانية وتصاعدت القوة الايرانية تلقائيا، فاحدثت تغييرا هاما في شمال جنوب اسيا. كذلك انعكس دورها على الخليج والمضائق القائمة في تلك المناطق وصولا الى اليمن، ثم انطلق النفوذ الايراني الى كامل الشرق الاوسط، وحتى الى قطاع غزة المحاصرة.

تقدمت ايران، اضافة الى دورها الاقليمي والعسكري، باتجاه تفعيل تخصيب مادة اليورانيوم، في محاولة لتهديد الكيان الصهيوني بخاصة،وهو الذي يملك اكثر من 150 صاروخا نوويا. لكن دول العالم، وبخاصة ادارة الرئيس الاميركي ترامب، الغى الاتفاق النووي مع ايران وانسحب من البرنامج النووي معها وفرض عقوبات قاسية على الجمهورية الاسلامية الايرانية.

دور ايران المحوري، من اسيا الى الشرق الاوسط الى العالم العربي، وجد نفسه بقوة في لبنان، عبر تحالفه مع المقاومة الاسلامية، وهي مقاومة حزب الله.

فقد قام الحرس الثوري الايراني وكل الجيش الايراني بامداد المقاومة في جنوب لبنان بالاسلحة بمختلف انواعها، لتخوض معركة ضارية ضد العدو الاسرائيلي. وهذا ما حصل سنة 2000 عندما تم تحرير الشريط الحدودي بفعل قوة المقاومة. ولاحقا قامت المقاومة التابعة لحزب الله بردع الهجوم الاسرائيلي في عدوان تموز 2006، وألحقت هزائم كبيرة بأهم دبابة تعتبرها «اسرائيل» جوهرة سلاح المدرعات في العالم.

لقد اصاب النمو المخطط الايراني بفرض قوته وانتشار على مدى الدول المحيطة بالكيان الصهيوني، وحتى الضغط على بلدان الخليج العربي، وأدى دورا اسيويا امتد الى كوريا الشمالية وصولا الى الصين.

وبالعودة الى لبنان، استطاعت المقاومة تطوير قواها الذاتية. وهنالك كثيرون، وهم واهمون، يعتقدون ان اسلحة المقاومة تأتي بها من ايران، فيما العارف بالامور يدرك تماما ان لدى حزب الله خبراء ومقاومين قادرين على صنع صواريخ دقيقة الاصابة، وصنع مسيرات الكترونية، كذلك صنع مدفعية وعربات مصفحة، دون ان تحتاج المقاومة الى جلبها من ايران.

ولو لم يكن الامر كذلك لكنا شهدنا حربا اخرى قد حصلت بعد عدوان 2006، ذلك ان الجيش الاسرائيلي ما كان ليحسب الف حساب قبل وقوع حرب جديدة، لو ان سفنا ايرانية تقوم بارسال الاسلحة الى سوريا، ومن سوريا الى المقاومة في لبنان.

المشروع الاستراتيجي الان في لبنان هو ما يحدده الثنائي الشيعي الوطني، حزب الله وحركة امل وحلفائهما. وهذا هو الحاصل منذ حوالى 40 سنة وحتى اليوم. وحصل خلالها انتصاران كبيران، هما تحرير الشريط الحدودي وردع العدو الاسرائيلي عن حربه ضد لبنان في تموز 2006.

هذا هو موقع الممانعة او موقف المقاومة المتحالفة مع ايران. وفي المقابل، هنالك فريق هو المعارضة يعتبر نفسه انه اقام تحالفا دوليا، من خلال المؤتمر الذي انعقد في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية حيث اشتركت الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية ولبنان وسوريا الى حد ما، اضافة الى دعم مسيحي تمثل بدعم البطريرك الراحل مار نصرالله صفير، وتوصل المجتمعون هناك، وكانوا يمثلون اكثرية النواب في المجلس النيابي، الى عقد اتفاق الطائف.

هنا تظهر الصورة بوضوح: هنالك مخطط ممانعة يريد القتال ضد العدو الاسرائيلي ومنعه من السيطرة على المنطقة. ومخطط اخر اعتبر ان لبنان يحتاج الى دستور جديد بعد فترة حكم الرئيس العسكري العماد ميشال عون، وان هذا النظام الديموقراطي هو الذي يشكل الامان، والاستقرار في لبنان يؤدي الى انفتاح على اوروبا ودول العالم، وان القوات الدولية يمكن ان تكون كافية للحفاظ على امن لبنان.

لقد تألفت لجنة خماسية من دول عربية كبيرة ومن دولتين عظميين، هما فرنسا والولايات المتحدة. ومع ذلك، لم تتوصل هذه اللجنة الخماسية الى شيء، فقد فشلت في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والفشل عائد الى البحث عن اسم جديد لرئيس الجمهورية، وليس اجراء حوار لاختيار اي مشروع يجب ان يعتمده لبنان في المرحلة المقبلة.

وهنا، لا بد من التوقف عند الكلام الذي قاله الامين العام لحزب الله السيد نصرالله في موضوع التطبيع مع العدو الاسرائيلي،حيث قال: «أياً تكن الدولة التي تتجه إلى التطبيع، فعندما تُوقع اتفاق تطبيع يجب أن تُدان، ويجب أن يُستنكر عملها، هذا أمر خارج عن ‏العلاقات السياسية وعن المجاملات السياسية، لأنه على درجة خطرة جداً لأنه طعنٌ للشعب ‏الفلسطيني وللمسجد الأقصى، وللمقدسات الإسلامية والمسيحية، وتَخلٍ عن فلسطين، وتقوية ‏للعدو، ولا يجوز التسامح معه على الإطلاق».

كلام السيد نصرالله سينعكس على خطة «الخماسية» في ما خص الانتخابات الرئاسية في لبنان، وسيظهر مدى التباعد بين الموقف السعودي وموقف حزب الله ، ذلك ان السعودية تحضر لصفقة تطبيع مع «اسرائيل»، ضمن خطة اميركية باشراف الرئيس بايدن.

اذا، الحوار يجب ان يكون اما بين لبنان القوي بمقاومته ولبنان القوي في مربعات حفر الغاز والنفط على الشاطئ اللبناني، وايضا لبنان القوي بالمعادلة الذهبية: شعب وجيش ومقاومة.

وفي مقابل هذه الافكار او النقاط الاستراتيجية، يطرح فريق المعارضة الذي اشترك في مؤتمر دولي في الطائف، ضمانات دولية يعتبر انها تحمي لبنان فعليا، وان دستورا برلمانيا هو الذي يعطي للبنان دورا رائدا على صعيد حقوق الانسان والتقدم الاقتصادي والمالي، ويجعل ابناء الشعب اللبناني يشعرون بالطمأنينة والاستقرار.

اهم نقطة خلاف بين مشروع الممانعة ومشروع المعارضة، هي ان مشروع الممانعة الذي انطلق مع انتصار الثورة الاسلامية الايرانية تحدث عن تعزيز القوة العسكرية في وجه المخطط الصهيوني. اما خط المعارضة الذي انطلق من الطائف فتحدث عن تسليم كافة الاسلحة التي اعتبروها غير شرعية، بما فيها سلاح المقاومة.

وهذا الامر غير واقعي. فليس من قوة في لبنان تستطيع نزع سلاح المقاومة ما دام العدو الاسرائيلي يريد شرا بلبنان. وقد مضى على هذا العدو 75 سنة، وهو يستبيح السيادة والاراضي اللبنانية، ويقتل على هذه الاراضي الفلسطينيين وغيرهم.

المشكلة ليست بالوزير فرنجية ولا الوزير ازعور ولا الوزير زياد بارود ولا النائب نعمت افرام ولا اللواء البيسري ولا العماد جوزف عون، لان النقطة الاساسية هي الصراع بين مشروعين: مشروع من يقول ان سلاحه شرعي ما دام يقاتل المخطط الصهيوني، وفريق اخر يقول لا حاجة للسلاح ما دام لبنان مرتبطا بالاتفاقات الدولية، وهي كافية لحماية لبنان.

نحن في الديار نعتقد ان اتجاه اطماع المخطط الصهيوني لا يمكن الوقوف ضده بواسطة القوات الدولية، بل يمكن ردع العدوان الاسرائيلي بقوة سلاحنا، انما على اساس التنسيق الاكبر بين مبدأ الدولة والجيش والمقاومة ايضا، ولكن على اساس ان يكون تحديد مبدأ الحرب المتفاهم عليه بين الاطراف الثلاثة، لا ان يتخذه فريق واحد بنفسه فقط.

شارل ايوب

الأكثر قراءة

حزب الله يستبعد الحرب الشاملة والموفد الألماني غادر دون «جوابٍ» استشهاد القيادي محمد ناصر والمقاومة تمطر قواعد العدو بالصواريخ هل طرحت البطريركية المارونية صلاح حنين على» الثنائي الشيعي»؟