اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في تلك اللحظات، بدت سوريا عارية، عارية حتى ... الموت!

من قتلوا الضباط وذويهم ليسوا فقط أولئك الحثالة التي تلعق أحذية الأميركيين، وأحذية الأتراك، وحتى أحذية الاسرائيليين.انهم المسؤولون الذين تعاملوا بكل ذلك الاهمال (الاهمال الذي يستدعي تعليق المشانق) مع حدث يقتضي أن تتوفر له كل امكانات الدفاع كي لا يسقط المئات في العراء. ما حدث كان ساعة من ساعات جهنم.

المسألة لا تحتاج الى خبير استراتيجي من طراز الخبراء الذي يظهرون على الشاشات بالرؤوس المسطحة، لكي نعلم أن حفل تخريج ضباط، في ظل وضع أمني شديد الحساسية، وشديد التعقيد، لا يشبه، في حال، أي حفل آخر تحتفي به القنوات الرسمية (تصليح أنابيب المياه، مد كابلات الكهرباء، أو تأهيل مقر للشرطة البلدية)...

هذا حفل من البديهي أن يستثير شراهة الذئاب. هؤلاء الذين ينتهزون أي فرصة للانقضاض على مواقع الجيش السوري، وحيث ما مرة الا ويسقط ضحايا، مع أن بالامكان اقامة تحصينات تحمي الجنود والضباط بدل أن يسقطوا مثلما تسقط الطيور المهاجرة ببنادق الرعاع ...

لماذا لم تكن هناك طائرات في الجو، ودفاعات الحد الأدنى حول الكلية العسكرية، اضافة الى المحطات الرادارية، كما لو أن المسيّرات التي قطعت عشرات الكيلومترات عصية على الرؤية، وعصية على التفجير؟ هذا السؤال لأصحاب الأبراج العالية وهم على أرائكهم الوثيرة، لا في الخنادق ولا في القبور .

ليغضب من يغضب، وليتوعّد من يتوعّد.أنتم القتلة، وأنتم من صنع تلك الغرنيكا التي لكأنها غرنيكا القرن ...

ليفهم الروس أنهم ليسوا ضيوف شرف في سوريا، وأن مهمتهم لا تقتصر على حماية قاعدتهم (ما الجدوى من هذه القاعدة ؟). مثلما هم موجودون من أجل الأمن الاستراتيجي أو الدور الاستراتيجي، لبلادكم. موجودون لحماية أرض سوريا وأهل سوريا، لا لترك القاذفات الاسرائيلية، أو الجماعات الأميركية (داعش وأخواتها) تضرب أنّى شاءت وكيفما شاءت .

للروس نقول ان بقاء سوريا ضحية منسية، يعني عودتكم الى ما وراء الثلوج. الى ما وراء التاريخ ...

هل نحن الذين ينبغي أن نذكّر الكرملين بكون سوريا، في الصراع الاستراتيجي حول قيادة العالم، أكثر اهمية من أوكرانيا؟ وكان على ألكسندر دوغين، كمنظّر بارز للجيوبوليتيكا، أن ينصح فلاديمير بوتين حتى بالتفعيل النووي للدور الروسي في سوريا (ألا توجد 50 قنبلة نووية لأميركا في انجرليك التركية ؟) .

هذا لتدرك اسرائيل، ولتدرك تركيا، أن من يقف الى جانب سوريا هو الحليف، لا الشرطي الذي ينظّم حركة الطائرات المعادية في أجوائها.ألم يقل فلاديمير بوتين ان النظام العالمي الجديد ينبثق من دمشق؟ لا تدعنا ايها القيصر نقول لا يليق بروسيا، كقوة عظمى، أن تلهث على عكاز خشبي، بحثاً عن دور خلفي (بين أميركا والصين) في ادارة الكرة الأرضية.

الثابت الآن أن الأميركيين والاسرائيليين، ومعهم الأتراك الذي يستجدون في تل أبيب دوراً لهم في تسويق غاز شرق المتوسط، يريدون لسوريا أن تبقى مسرحاً لعملياتهم، الى أن تستنزف، بل وتتفكك، الدولة فيها. هنا الخطر الهائل الذي لا يهدد بالوصول الى طهران فقط، وانما الى موسكو ايضاً .

للروس، وللايرانيين نرفع الصوت ان الستاتيكو الحالي الذي تتعايشون معه، وبذرائع تعتبرونها جزءاً من عملية تكتيكية معقدة، انما يضرب البنية السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية السورية، بالصورة التي شاهدناها في السويداء، واليوم في الكلية العسكرية العريقة .

اذ يفترض بالعديد من أهل السلطة أن يستفيقوا، لا بد للكرملين من أن يعيد النظر بطبيعة دوره في سوريا. هو هنا لا ليضع قدميه، وكما حلم بطرس الأكبر، في المياه الدافئة.هو هنا ليواجه النيران بالنيران، ولتعلم (ايها القيصر) ان سقوط سوريا يعني سقوط روسيا ...

قطعاً لم نبالغ. اسألوا الأميركيين أنفسهم يقولون لكم سوريا أكثر أهمية لنا، وللروس، من أوكرانيا.القيصر في سوريا لا للدفاع عن روسيا فقط.بالدرجة الأولى للدفاع عن سوريا. كن هكذا والا العودة من حيث أتيت ...

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران