اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في اليوم الثالث لعملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها حركة "حماس" الفلسطينية على العدو الإسرائيلي في قطاع غزّة المحتلّ، لا تزال المخاوف قائمة في لبنان حول فتح الجبهة الجنوبية من باب دعوة كتائب القسّام الى توحيد الصفوف والساحات العربية. غير أنّ ثمّة من يُطمئن حول عدم امتداد الحرب أو توسّعها لتشمل جنوب لبنان، رغم وجود معطيات قد تُجدّد بعض المواجهات العسكرية المستمرّة بين حزب الله و "إسرائيل" في المنطقة الجنوبية. علماً بأنّ الجيش اللبناني انتشر على الحدود مع فلسطين المحتلّة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" يوم الأحد المنصرم.

فهل تُفتح الجبهة الجنوبية مع العدو الإسرائيلي بالتزامن مع حرب غزّة الدائرة حالياً منذ أيّام؟ يُجيب السفر الدكتور بسّام النعماني المتابع لقضايا الحدود لجريدة "الديار" بأنّه إذا طالت الحرب في غزة، فإن احتمال انتقال المواجهة إلى جنوب لبنان يصبح احتمالاً وارداً بقوة لأسباب كثيرة. أمّا الأسباب فأبرزها الضغوط الشعبية لنصرة غزة، طول الحدود التي يصعب ضبطها لعناصر ترغب في دعم حماس وإيذاء "الإسرائيليين" بأي طريقة، والميل الطبيعي للمقاومة اللبنانية في تخفيف الضغوط عن المقاومة الفلسطينية في حصار غزة الحالي.

وعمّا إذا كانت هذه الحرب قد توصل الى حلّ جذري للقضية الفلسطينية، أو الى تنفيذ حلّ الدولتين والذهاب الى سلام حقيقي رغم تأكيد حماس أنّها ترفض حلّ الدولتين، وأنها مع فلسطين من البحر الى النهر ومن الجليل الى النقب، يقول النعماني انّه ليس واضحاً على الصعيد الميداني كيف ستتطور الأمور. لا شك في أن تكتيك حماس الهجومي قد فاجأ العدد الكبير من المراقبين العسكريين. والمثال الوحيد الماثل أمامنا، والذي يمكن الاقتداء به هو الحرب الأوكرانية - الروسية. وهي حرب مواقع وتبادل لهجمات "الدرون" أو الطائرات ذات القيادة الآلية، وغارات جوية بواسطة الطائرات والهليكوبتر، ومعارك تندلع بواسطة المراقبة التلفزيونية والإلكترونية المباشرة. وقد تم استهلاك أعداد كبيرة من هذه الطائرات "الدرون" من قبل الطرفين الأوكراني والروسي، مما دعاهما إلى الاستنجاد بدول أخرى لتزويدهما بالمزيد. كما أن انتقاء الأهداف الإنشائية وهدمها بواسطة القنابل الإنشطارية والهوائية، تتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، فضلاً عن إزهاق الأرواح البريئة. ولكن الى أي مدى يمكن أن تكون مؤثرة على الصعيد العسكري؟

ويقول النعماني انه يجري الحديث منذ الآن عن مرحلة ما بعد الحرب وإعلان الهدنة، ويتصاعد الكلام عن الحلول السياسية والديبلوماسية لإنهاء الحرب الحالية قبل أن تتطوّر الأمور إلى ما يحمد عقباه. ويمكن القول ان كل الأطراف قد أعلنت أهدافها الحالية من هذه الحرب. فهل تكون العودة إلى حل الدولتين بوساطة قطرية - سعودية هي الحل المثالي؟ كل التطورات على الأرض تشير الى أن كل الأطراف ليست مستعدة في هذه اللحظة إلى وقف القتال. وأن الحرب إلى تسعير. ولهذا، فإذا طالت الحرب لاسابيع أو أكثر، فهذا يعني أنّها ستكون طويلة على "الطريقة الأوكرانية"، أي لا حسم على الطريقة التقليدية للحروب السابقة، احتلال لبعض المواقع الجغرافية، وتبادل الهجمات الصاروخية وطائرات الدرون.

وكشف أنّ الكثيرين ينسون أن اقتحام حماس لـ "غلاف غزة" هو في الحقيقة عودة إلى المنطقة المحيطة بقطاع غزة، والتي كانت في نهاية الحرب العربية – "الإسرائيلية" الأولى في العام 1948 منطقة محايدة منزوعة السلاح، تفصل بين خط إنتشار الجيش المصري وخط انتشار قوات العدو الصهيوني. وهو ما تم التوصل إليه في الخرائط الملحقة باتفاقيات الهدنة. وتُبيّن الخريطة المرافقة المنطقة المنزوعة السلاح باللون الأحمر المحيطة بقطاع غزة، والتي كان من المفترض أن تكون خالية من كل من القوات المصرية ومن قوات العدو الصهيوني.

ويضيف النعماني انه مثلما حصل في بقية المناطق المنزوعة السلاح (دخول العوجة في تشرين الأول من العام 1955، والذي تمت التعمية عليه من الجانب المصري بعد انشغالهم بالغارة "الإسرائيلية" الخطرة على غزة في 28 شباط الماضي، والذي أدى إلى مقتل 38 جنديا مصريا)، والأمر ذاته ينطبق على مناطق مختلفة في الضفة الغربية وفي الجولان. فقد قام العدو الإسرائيلي إما باحتلال هذه المناطق بالقوة (مثلما حصل في غلاف غزة ومنطقة العوجة بدون رد فعل من الجانب المصري)، أو أجبار الجيش الأردني على الانسحاب من منطقة اللطرون وتسليمها للصهاينة، تحت وطأة التهديدات باستعمال القوة العسكرية والعودة إلى الحرب، أو قيامه باستفزازات مستمرة في المناطق المحايدة المنزوعة السلاح في الجولان، مما أدى إلى حصول اشتباكات كثيرة مع الجيش السوري في الخمسينات والستينات. وقد اعترف وزير الدفاع الإسرائيلي سابقاً موشيه ديان لاحقاً بأنه في معظم هذه الحالات، كانوا هم من يقومون بهذه التحرشات بشكل متعمد مع السوريين، والتي تسببت بالكثير من الشكاوى السورية أمام مجلس الأمن الدولي.


الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران