اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كاترين كولونا (رجاء لا تظنوا أنها برهافة كاترين دونوف) عندنا. هي ليست من النوع الذي يبني الجسور بين فرنسا والأمم الأخرى، بل من النوع الذي يهدم الجسور. كما ايمانويل ماكرون، مستعدة لفعل أي شيء ولو ضد مصلحة بلادها. المهم ألاّ تثير الغضب الأميركي، حتى أن دومينيك دو فيبلبان، بالدماغ الفذ، سأل ما اذا كانت أوروبا قد زالت من الخريطة.

لم تعد فرنسا بلد القامات العالية ان في الاليزيه أو في الكي دورسيه. هذه ايضاً حال الانكليز. أين ريشي سوناك من ونستون تشرشل، وحال الألمان؟ أين أولاف شولتس من لودفيغ ايرهارد أو كونراد اديناور؟؟

زميل لبناني في باريس نقل الينا أجواء الكي دورسيه، وما حملته كولونا وهي تتجول بين النار والنار. الرئيس الفرنسي، وخلافاً لقادة أوروبيين آخرين، اعتذر من البيت الأبيض عن عدم رغبته (لأسباب عاطفية ؟) ارسال حاملة طائرات أو بوارج، الى شرق المتوسط للتحرك ضد حزب الله اذا خاض الحرب ضد "اسرائيل".

بصراحة يتحدثون في وزارة الخارجية الفرنسية عن "الخوف الأميركي" من المواجهة مع الحزب، كانعكاس لخوف بنيامين نتنياهو الذي أبلغ جو بايدن أنه لن يتردد في اللجوء الى الخيار النووي ضد ايران اذا ما تبيّن، من مجرى الحرب، أن صواريخ ومسيّرات حزب الله تشكل خطراً بنيوياً (ويعني...وجودياً) على "اسرائيل".

منطقياً، لا يمكن للدولة العبرية أن تستخدم الرؤوس النووية ضد لبنان. هنا حركة الرياح على شاكلة حركة الثعبان ما يجعل كمية هائلة من النظائر المشعة ترتد الى داخلها. ايران بعيدة، ونظامها الثيوقراطي يقابل بالكراهية من بلدان قريبة وبعيدة، حتى اذا ما تم تقويض النظام هناك تداعت القوى التي ترتبط به ان ايديولوجياً أو استراتيجيا.

تبعاً لم تقول أوساط الكي دورسيه، وقد اعترف بالتنسيق الاستخباراتي بين فرنسا و"اسرائيل"، فان مشكلة واشنطن و"تل أبيب" ليست مع غزة، أو مع حماس، بالظروف الصعبة وبالترسانة الصاروخية، التي لا يمكن الا أن تكون محدودة كماً ونوعاً. المشكلة مع الحزب الذي تخفي ترسانته اسراراً كثيرة لا بد أن تفاجئ "الاسرائيليين" أثناء "المسار الوعر والمعقد للمعارك"!

الجيش الذي كان يوصف بـ "القوة التي لا تقهر" يتحاشى الالتحام على الأرض مع مقاتلي حزب الله الذي يتفوقون عليه ان بالكثافة المعنوية أو بالتجربة العملانية، خصوصاً في سوريا، وحيث كانت المعارك الهائلة ـ وجهاً لوجه ـ أكان ذلك في الجبال وفي الصحارى أم كان في الشوارع.

اسلوب "اسرائيل" بات معروفاً. لا وازع يحول بينها وبين تدمير الأبنية فوق أهلها. هذا ما يحدث في غزة، وهذا ما حدث في لبنان. لكن "القيادة الاسرائيلية" تعلم أن صواريخ الحزب موجهة الى الأهداف الأكثر حساسية لديها.

هكذا باستطاعته تدمير محطات الكهرباء والماء، كذلك القواعد الجوية والبحرية، اضافة الى المراكز القيادية ومنصات الغاز في البحر. مذا يمكن للقاذفات الأميركية، بالقدرات التقنية وبالحمولة الرهيبة، أن تفعل اذا ما أخذنا بوصف جدعون ليفي لمقاتلي حزب الله بـ "الكائنات اللامرئية"، بعدما اعترفت أجهزة الاستخبارات بعجزها عن رصد غالبية الأهداف العسكرية والسياسية للحزب.

الفرنسيون يقولون ان الأميركيين و "الاسرائيليين"، لم يتمكنوا بالوسائل المتقدمة جدا الحصول على المعلومات الكافية حول صوامع الصواريخ، وشبكات الأنفاق التابعة للحزب، حتى ليبدو أن ارسال الحاملة "جيرالد فورد"، مفخرة البحرية العسكرية الأميركية، وبعدها الحاملة "دوايت ايزنهاور"، الى المتوسط يتوخى الترويع السيكولوجي لقيادة الحزب التي تدرك مدى الصعوبة التي تواجهها الأرمادا الأميركية في حرب من هذا القبيل. الدليل ما حدث، وأمام الملأ، في فيتنام كما في أفغانستان.

اذ لا مجال لللاستهانة بالقدرات العسكرية الأميركية و"الاسرائيلية"، فان أقصى ما يمكن أن يقوم به الأميركيون و"الاسرائيليون"، قطع طرق الامداد للحزب، الأمر الذي استعد لمواجهته وعلى مدى سنوات.

ولكن هل اتخذت القيادة قراراً بالمشاركة في الحرب؟ لا جواب. الأفق العسكري "الاسرائيلي" مقفل. لاحظنا كيف أن بلينكن يتحدث الآن عن حل الدولتين. لعل جو بايدن الذي يكره بنيامين نتنياهو يراهن على أن تكون نهاية هذا الأخير مثل نهاية مناحيم بيغن، ملفوفاً ببطانية الصوف...

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران