اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

على ما يبدو انتهى "الجنون الإسرائيلي" المدعوم أميركياً وغربياً، وبدأ العدو يسترجع قواه العقلية ويستوعب ما فعلت به المقاومة الفلسطينية ويعرف قدراته، وأن أقصى ما يمكن فعله هو ارتكاب المجازر وقتل المدنيين والأطفال في قطاع غزة، دون تحقيق أي إنجاز أو تأثير في قدرات حركة حماس، الذي وضع فكرة إنهائها أمامه كهدف يعرف جيداً أنه لا يستطيع تحقيقه.

كالعادة يُفرِغ العدو الإسرائيلي كل ما عنده دفعة واحدة، لكن في المقابل تدرس المقاومة ردّها بدقة وبخطوات مدروسة تدريجية، وتؤكد من خلال أدائها أنها دخلت المعركة وبيدها أوراق قوّة كثيرة تُجاري مسارها، وأنها مسنودة بمحور مقاوم يستجدي الأميركي و"الإسرائيلي" عبر وسطاء عدم تدخله بالمعركة، وتحديداً عدم فتح جبهة حزب الله.

بعد 12 يوما على المعركة، يبدو أن هناك ضبطاً للمواجهة على هذه الجبهة، التي تُقلِق العدو وتُشغله وتُشتِّت تركيزه، وهذا المطلوب حتى الآن على ما يبدو كبداية لمسار الأحداث، بحيث يُظهِر مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان ثقة وقوّة ودقة عالية باستهدافاتهم لمواقع العدو، الذي يَظهر تشتته وإرباكه واضحاً على الجبهة الشمالية، إرباك ميداني يؤكده الإسرائيلي بالسياسة والمواقف التي تصدر عن مسؤوليه، حتى إعلامياً تنعكس هذه الصورة بقراءاتهم للمشهد الحالي للمعركة، فنرى إجماعاً ثلاثياً حول فكرة أن استمرار التصعيد عند الحدود الشمالية مع لبنان سيُشتِّت "الجيش الإسرائيلي" عن الهدف الرئيسي في غزة.

أعطى الأميركي والأوروبي وقتاً للجنون الصهيوني والحقد الذي فرّغه على أطفال قطاع غزة، وعلى ما يبدو أن الوقت بدأ ينتهي، وبخاصة أن الرأي العام العالمي بعد أن تعاطف معه عاد وانقلب عليه، بعد رؤية مجازره التي عجز عن إخفائها نظراً لفظاعتها، والتي ثبّتت حقيقة أنه لا يوجد جيش في العالم أكثر دموية من الجيش الصهيوني.

تراجُع المواقف الدولية والإقليمية يَضع حداً لنيات نتنياهو العدوانية حيال غزة، لناحية اجتياح القطاع غير المقدور عليه أصلاً في الميدان، واليوم أصبح مدعَّماً بمواقف سياسية إقليمية تحذّر من عواقب هذه الخطوة، لعل الحراك الأبرز كان لإيران عبر رئيسها باتصالاته الدولية والإقليمية ومدى تأثيرها، خاصة بعد اتصال رئيسي بولي العهد السعودي الذي تبعه إعلان المملكة تعليق محادثات التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وكذلك الجولة التي قام بها وزير خارجيتها عبد اللهيان ذات الطابع الديبلوماسي، يتقدَّمه موقف واضح وحازم من الجمهورية الإسلامية أنها جزء من المعركة الى جانب المقاومة، وأنه إذا استمر العدوان فإن فتح الجبهات احتمال قائم، خاصة بعد لقائه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أطلعه على جميع السيناريوهات المطروحة إذا استمر العدو في عدوانه وجرائمه التي يرتكبها ضد الفلسطينيين في غزة.

تُوسِّع ايران حراكها الديبلوماسي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وترفض مصر تهجير الفلسطينيين، وتتراجع تركيا عن موقفها السابق بموقف لأردوغان حول ما يحصل بغزة باعتباره مذبحة وليس حرباً، أما القطري الذي يؤدي دور الوسيط لوقف الحرب من ناحية، فإلى ذلك الحين تطلب منه أميركا القيام بمساعي لعدم توسعة الحرب من قِبل حزب الله، الولايات المتحدة التي تراجعت عن مواقفها التي بدأت بدعم مطلق "للإسرائيلي" وأصبحت تُقدِّم له مقترحات عن هدنة إنسانية حملها معه وزير خارجيتها بزيارته الثانية للكيان بعد عودته من قطر.

إذاً، بوادر انعطافة تَظهر بمسار المعركة بعد عجز العدو الإسرائيلي عن تحقيق أي إنجاز بالمرحلة الأولى، وخوفه من الإقدام على المرحلة الثانية لموانع ميدانية، وعدم تلقيه الدعم الكافي للقيام بعملية اجتياح غزة، خاصة بعد أن أثبتت المقاومة مرة جديدة قوّتها وثباتها وقدرتها على إفشال مخططات العدو وأهدافه. امام هذا الواقع وَجَدَ نتنياهو نفسه فيه محاصَراً، فلديه صعوبة في إيجاد مَخرج يحفظ ماء وجهه حتى، فلا الدعم الأميركي الذي يَطمح للوصول إليه، ولا الغربي ولا حتى الإقليمي ولا معنويات جيشه تؤهّله لخوض هكذا معركة، والأصعب والأهم أنه يرى مصيره في الداخل يقترب منه، والذي بدأ بنعته بالفاشل والكذاب كمقدمة لما سيَنتظره من سواد الأيام المقبلة.

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران