اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
الضربة التي وجهتها حركة حماس في غلاف غزة الى قوات جيش العدو الاسرائيلي المنتشرة في المستوطنات في الغلاف، شكلت ضربة شبه قاضية للعقيدة القتالية الدفاعية لدى جيش العدو الاسرائيلي، لان مقاومة حماس استطاعت اختراق الجبهات على المستوطنات. كذلك لم تستطع المخابرات العسكرية الاسرائيلية اكتشاف الخطة قبل حدوثها، رغم العدد الكبير من الحشد لقوات كتائب القسام التي نفذت العملية.

ان ما حصل في غلاف غزة لا يمكن فصله عما حصل منذ الثمانينات وحتى اليوم، سواء من تراكم قوة المقاومة الفلسطينية او من قوة مقاومة حزب الله، وفي الوقت ذاته تراكم قوة الكيان الصهيوني ومخططه للسيطرة على كامل فلسطين المحتلة، وايضا الهيمنة على الدول العربية.

لا بد من العودة الي الثمانينات، عندما قام الرئيس المصري انور السادات بتوقيع اتفاق كامب دايفيد وترك الجبهة السورية. كذلك لا يمكن الفصل بعد كامب ديفيد بين ما حصل من تطبيع كامل مع مصر في زمن الرئيس المصري انور السادات، وبين الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على لبنان سنة 1988، حيث عمل على اقتلاع الثورة الفلسطينية من كامل الاراضي اللبنانية.

وهنا، لا بد من ربط الاحداث بعضها ببعض، كما حصل في اتفاقية كامب دايفيد من تطبيع كامل، على ما اراده الرئيس المصري انور السادات والعدو الاسرائيلي، حيث نفذ القسم الثاني منه رئيس وزراء العدو مناحيم بيغن، عبر الحرب التي شنها جيش العدو الاسرائيلي على شبه كامل الاراضي اللبنانية، وقام باحراق العاصمة اللبنانية بيروت.

ويجب علينا ان نربط الامور بعضها ببعض. فالربيع العربي على ما تمت تسميته، من انه حرب للديموقراطية لحصول الديموقراطية في الدول العربية، انما كان مخططا لتدمير الدول العربية تحت هذا الشعار. واكثر حرب تم شنها، هو على الجمهورية العربية السورية، لاسقاط النظام وتحويلها الى نظام يقبل التطبيع مع الكيان الصهيوني، اي بالتحديد مع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة. فقد كانت شبه حرب كونية ما حصل في العراق، وبخاصة في سوريا، كذلك لحق قسم منها في لبنان. لكن الجيش اللبناني ومقاومة حزب الله، استطاعا ضرب التكفيريين ومنعهم من دخول الاراضي اللبنانية، انما ما قام به التكفيريون كان الهدف منه انهاء النظام وجلبه للتطبيع مع «اسرائيل» التي تحتل فلسطين بكاملها.

لقد راكم العدو الاسرائيلي قواته الجوية والبحرية والبرية بشكل كبير. كذلك راكمت المقاومة التابعة لحزب الله قوتها. وكانت المفاجأة عندما قرر جيش الحرب الاسرائيلي شن عدوانه على لبنان في تموز 2006، ذلك ان المقاومة الاسلامية التابعة لحزب الله استطاعت إلحاق خسائر كبرى بجيش العدو الاسرائيلي، سواء مجزرة دبابات الميركافا او غيرها.

وبالنتيجة تألفت لجنة فينوغراد، وهي على اسم القاضي الذي ترأس هذه اللجنة، وسقط رئيس وزراء «اسرائيل» يومذاك اولمرت، كذلك وزير دفاعه بيريتس.

وما حصل من ربيع عربي قبل عدوان 2006 على لبنان، وبعد تحرير الشريط الحدودي من قبل المقاومة، هو سلسلة احداث مترابطة. وعندما تحدث الرئيس السابق دونالد ترامب عن صفقة القرن، كانت الدول العربية المطبعة موافقة على هذه الصفقة، لكن قدرة المقاومة التابعة لحزب الله التي ألحقت الهزيمة اوقفت صفقة القرن، ليس لان عهد ترامب قد انتهى، بل لان هذه الصفقة لم تعد تمر، خاصة انهم لم يستطيعوا اسقاط سوريا وجلبها الى التطبيع مع العدو الاسرائيلي.

اما الاوضاع في لبنان فقد تغيرت جذريا. وانتقل لبنان الضعيف الى لبنان القوي الذي يمنع العدو الاسرائيلي، وحتى القوات الاميركية، من التمركز شرق مطار بيروت، والسيطرة على مفصل الطريق الرئيس الذي يربط العاصمة بجنوب لبنان، وحتى بجبل لبنان باتجاه البقاع.

لقد حدث امر عسكري عظيم للجيش الصهيوني، وهو الحاق الهزيمة بالعقيدة القتالية من خلال الضربة القاضية على غلاف غزة. واليوم يعيش الجيش الصهيوني ازمة كبرى بالنسبة لعقيدته القتالية، لان هذه العقيدة هي عقيدة دفاعية وهجومية. العقيدة الدفاعية سقطت بالمباغتة التي قامت بها حركة حماس ضد المستوطنات. اما بالنسبة للعقيدة الهجومية، فان جيش العدو الاسرائيلي يريد اثبات الثقة بهذه العقيدة وقوتها، من خلال قيامه بعملية برية في شمال قطاع غزة، بعدما دعا اهالي قطاع غزة للانتقال من الشمال الى الجنوب، وذلك لاحتلال عاصمة قطاع غزة، اي مدينة غزة العاصمة، وتثبيت انتصاره على المقاومة، مع ان اكثرية الخبراء العسكريين يقولون ان هذه المسألة لن تكون سهلة، وسيتم الحاق خسائر كبرى، وسيتم ردع الجيش الاسرائيلي من قبل كتائب القسام والجهاد الاسلامي وحركة حماس.

اما قوة حزب الله، فقد ترجمت في تثبيت قواعد الاشتباك مع العدو الاسرائيلي على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وضربه محطات عسكرية مثل الرادار بالصواريخ الموجهة من طراز ميركافا، وهي دبابات قام العدو الاسرائيلي بتطويرها جدا.

هنالك خلاف حاليا بين القيادة السياسية في «اسرائيل» وقيادة جيش العدو حول العملية البرية. وهذا الامر تحدثت عنه وسائل اعلام «اسرائيلية». وهو ان دل على شيء، فيدل علي تخبط الكيان الصهيوني، سواء قالوا انه خلاف سياسي - عسكري ، ام قالوا ان تأخير العملية البرية جاء بقرار اميركي للافراج عن الرهائن الاميركيين.

لكن جيش الاحتلال الاسرائيلي يعرف تماما ان كل يوم يمرّ منذ عملية غلاف غزة حتى الآن، قد خسر فيه جيش العدو القدرة الكبيرة على القيام بالعملية البرية، وقد اصبح الامر اكثر صعوبة من السابق.

المهم ان العقيدة القتالية للكيان الصهيوني وجيش الحرب التابع لـ «اسرائيل»، اصيب بضربة معنوية كبيرة، وبخسائر مادية كبرى، والكيان الصهيوني يشعر بالخطر الوجودي عليه.

واذا قام جيش العدو الاسرائيلي بالعملية البرية، فسيخسر اكثر. رئيس وزراء العدو الصهيوني نتانياهو، اصبح في وضع السقوط النهائي مع حكومته امام المجلس العالمي الصهيوني الذي يدير «اسرائيل»، بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

شارل أيوب

الأكثر قراءة

حزب الله يستبعد الحرب الشاملة والموفد الألماني غادر دون «جوابٍ» استشهاد القيادي محمد ناصر والمقاومة تمطر قواعد العدو بالصواريخ هل طرحت البطريركية المارونية صلاح حنين على» الثنائي الشيعي»؟