اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بعد عملية "طوفان الأقصى" صباح 7 تشرين الأول الجاري، كثر الحديث عن "قواعد الاشتباك" عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأيضا المناطق الحدودية الجنوبية اللبنانية. ويدرّس هذا المصطلح في العلوم السياسية ومتداول في المجال العسكري، ويعني القواعد التي يتقيد بها جيش او طرف مسلح في استخدام القوة خلال العمليات العسكرية، سواء في النزاعات المسلحة او على المستوى الوطني أو الإقليمي او الدولي. لذلك فإن هذا المفهوم يحمل في طياته ابعادا سياسية وعسكرية واستراتيجية وحتى قانونية. إشارة الى ان هذا المبدأ عرف في منتصف القرن العشرين اثناء الحرب الباردة، واعتبره حلف شمال الأطلسي "الناتو" بمثابة اتفاق وارشاد من جهة عسكرية مسؤولة عن جيش معين، تسمح للقوات المسلحة بالانخراط في الاشتباك او التدخل واستعمال السلاح. وفي هذا الإطار، تقول الأمم المتحدة ان المنهج الأساسي الذي يفرض اعتماد القوة هو الا تستخدم الا ان كانت ضرورية ومسوّغة.

Compromise ام تفاهم!

وفي هذا المجال، قال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد الركن الدكتور هشام جابر لـ "الديار" ان "قواعد الاشتباك ليست بمثابة اتفاق موقّع، بل هي كناية عن واقع وتفاهم غير مباشر وأيضا غير رسمي، لذلك تعتبر على انها "Compromise" او مساومة بين طرفين، وكل طرف يحرص على احترام حدود النزاع وعدم تجاوزه، حتى لا تتسع دائرة التصادم المسلح وبالتالي تتدحرج الأمور". واشار الى انه "أحيانا لا يوجد اشتباك مسلح انما نزاع، ولتلافيه هناك قواعد تلتزم بها دول النزاع، على نسق الصراع الذي كان قائما بين الاتحاد السوفياتي وأميركا مطلع الستينيات، وحصلت ازمة الصواريخ الكوبية واعتبرت اميركا ان موسكو خرقت قواعد النزاع، وكانت ستقع حرب عالمية وقتذاك لكن تم نزع الصواريخ الكوبية على أيام جون كينيدي وذلك بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في كانون الثاني 1961".

وأوضح جابر، "ان قواعد الاشتباك في الجنوب أُرسيت في العام 2000 بعد التحرير وتم رسم الخط الأزرق ودام احترام قواعد الاشتباك والتقيد بها حتى عام 2006. وبعد ان نفذت إسرائيل عدوانها تم تثبيت قواعد اشتباك جديدة ولكن هذه المرة دامت لحوالي 12 عاما أي حتى 2018 حينذاك حصل خرق عندما قصف حزب الله دورية مدرعة في الجليل الأعلى ردا على توسيع رقعة القصف الإسرائيلي على محيط بلدة كفرشوبا، وأقام حزب الله خيمتين له وقال الجانب اللبناني وقتها انه تم رفع هاتين الخيمتين لان "إسرائيل" هي من خرقت قواعد الاشتباك وكانت هذه العملية دقيقة لكنها لم تتمدد". وأردف، "بعد 8 أكتوبر توغلت الاشتباكات المسلحة على جانبي الحدود واستحدثت قواعد اشتباك جديدة لمرة ثالثة تقول ان القتال على طرفي الحدود ضمن عمق 5 كلم".

وتابع، "بعد مرور أكثر من أسبوعين على الحرب الدائرة في قطاع غزة فان قواعد الاشتباك ما زالت محترمة في الجنوب اللبناني، لكن يمكن ان تتطور وتشتد وتيرة الاشتباكات، على سبيل المثال: إذا قصفت "إسرائيل" النبطية فهذه العملية سيقابلها رد بقصف حيفا، وإذا طالت نيران العدو الضاحية الجنوبية فستقصف تل ابيب بالمقابل وعندئذ نكون فعليا قد دخلنا الحرب". وأشار الى ان، "القصف البحري من جهة العدو الإسرائيلي سيواجهه قصف صواريخ البحر من قبل الطرف اللبناني واعتقد ان الخلاف سيكون على منصات النفط والغاز. وفي حال حصل قصف جوي على الضاحية الجنوبية او بيروت فأقدّر أن حزب الله سيتصدى لهذا الامر بصواريخ ارض جو والعدو سيكون منتظرا هذا الرد".

وفي سياق متصل، قال العميد المتقاعد وليد زيتوني لـ "الديار": "ان قواعد الاشتباك هي ثلّة من التفاهمات على سقوف النزعات التي تحصل وتكون عادة نتيجة لتفاهمات سابقة ومضمونة من قبل قوة أخرى او من جهة تعادل القوى او موازنة القوى جراء وضع عسكري سابق مثل قواعد الاشتباك القائمة بين الهند وباكستان والقواعد التي كانت موضوعة في كاراباخ، لكن أذربيجان تجاوزتها في المرحلة الأخيرة؛ مشيرا الى ان هذه القواعد تكون قائمة على المسافة او نوعية الأسلحة المستخدمة. اما في جنوب لبنان فالطيران محدود المدى ويرمي ضمن مساحات او مسافات محصورة وذلك بحسب الأسلحة المستخدمة من قبل الطرف الاخر. بمعنى، إذا كان المدى المستخدم من جهة الطرف الاخر في نطاق الـ 3 او 4 او 5 كلم فيكون الطيران مقيدا أي ملتزما بهذه القواعد".

أضاف، "في الجنوب اللبناني لم تخرق قواعد الاشتباك حتى الان، فالمعركة القائمة حاليا هي على قاعدة الهدف بالهدف، والقرى بالقرى او بالمستعمرات المقابلة أي ان المناوشات لا تزال ضمن إطار المساحة المتفق عليها في نطاق الجبهة. وسابقا كانت قواعد الاشتباك من جهة الجانب اللبناني محكومة باتفاقية الهدنة ومن ثم تجاوزتها إسرائيل وكسرت قواعد الاشتباك".

وإسرائيل التي ارتكبت جرائم حرب بحق المدنيين وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية تنتهك حقوق الانسان والقانون الدولي بشكل صارخ وواضح. وهذا ان دلّ على شيء، فيدلّ على ان قوات الاحتلال الإسرائيلي ماضية في عدوانها واجرامها وعدم التزامها بأي هدنة او أي اتفاقية تخص ما يسمى بـ "قواعد الاشتباك" خاصة انها تستهدف المستشفيات والعزّل والاطفال ممن يلزم القانون الدولي حمايتهم مثل طواقم الإسعاف وفرق الإغاثة والكنائس والجوامع والأماكن العامة.

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران