اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب ما زال الجنون الإسرائيلي الاجرامي مستمراً على قدم وساق، مستهدفاً بشكل أساسي المدنيين في غزة، والذي يشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني، في ظل دعم غربي غير مسبوق لاستمرار التدمير، والتصاريح الأميركية والأوروبية بأن وقف إطلاق النار الآن ستستفيد منه حركة حماس فقط.

 

وبالتوازي، يسود التردد والفوضى خطط العدو بالدخول البري الى غزة، وما قد ينتج عنه من خسائر فادحة، ومن مخاطر فتح جبهات أخرى لن يستطيع جيش العدو، برغم الدعم الاستعراضي الأميركي، في التعامل معها ولا تحمل اختراقاً آخر في الجليل مشابه لما حصل في غلاف غزة في 7 أكتوبر.

ويترافق ذلك مع تظاهرات شعبية عارمة في كل أنحاء العالم، وكشف لمحاولات الإسرائيليين على التأثير على الاعلام العالمي. لكن وسائل التواصل الاجتماعي، برغم كل خوارزمياتها وانحيازاتها واجراءاتها العقابية على كل من يتعاطف مع فلسطين، تلعب دوراً كبيراً في نقل حقيقة ما يجري في غزة من قتل ومجازر وتدمير، وما يحصل داخل كيان العدو من خوف وتهجير وارتباك.

في هذه الأجواء، تقوم عدة دول، مثل قطر وتركيا ومصر وايران، بمحاولات استكشاف إمكانية للوصول الى اتفاق لوقف اطلاق النار، وما هي الشروط التي يمكن أن تؤدي الى ذلك، في ظل المأزق الإسرائيلي الذي رفع أهدافاً كبيرة لم يستطع تحقيق أي منها، مثل إزالة حماس من الوجود، وتنظيف غلاف غزة، وإعادة الأسرى.

وبدأ يتسرب موقف أميركي، بعد ثلاثة أسابيع من دعم القصف التدميري الممنهج، والحديث عن دعم الدخول البري الى غزة، يتضمن عدم الثقة الأميركي بخطة الدخول البري، ولا يرى أنها مضمونة النتائج. وزاد من هذا التوجه، الهجمات التمهيدية على الأهداف الأميركية في الشام والعراق، والمعركة المضبوطة التي تخوضها المقاومة في الجنوب اللبناني، والتي تؤشر الى الجهوزية لتوسيع ساحات المواجهة.

وكانت المواقف العربية، على ضعفها، التي تطالب في الأسابيع الماضية بوقف اطلاق النار، أو حتى بهدنة إنسانية، تواجه برفض غربي مطلق ومنحاز بالكامل الى حماس، ورفض فكرة وقف اطلاق النار، واعتبار ذلك تكريساً لهزيمة إسرائيل، التي ضربت أهم أسس كيانها العدواني، خاصة مقولة الجيش الذي لا يقهر، وتأمين الكيان للأمان والازدهار والحماية للمستوطنين، واستبدال شعار الأرض مقابل السلام، الذي قامت عليه المبادرة العربية وحل الدولتين، بشعار الأمن مقابل السلام. فأضحى الأمن مفقوداً في معظم مدن الكيان المحتل. وضرب الاقتصاد، بفعل فقدان الاستقرار، واستدعاء 300 الف من الاحتياط، هم بمعظمهم عاملين في المؤسسات الخاصة والعامة.

وشهدت الأيام الماضية، تراجعاً في السقوف الإسرائيلية، برغم تطرف اليمين الصهيوني، وبفعل الترجرج في الموقف الأميركي إزاء خريطة الطريق الإسرائيلية لحسم المعركة، والتغيرات التدريجية في المناخات الدولية، على الأقل على المستوى الشعبي. فبدأت السقوف العالية المشار اليها أعلاه، تشهد تشققات وتسريبات عن المفاوضات السرية جداً التي تقوم بها قطر ومصر وتركيا وغيرها.

اليوم، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الحكومة الإسرائيلية أبلغت الوسطاء أنها مستعدة لدفع ثمن مقابل استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.وقالت إن "إسرائيل أبلغت الوسطاء من بينهم قطر ومصر، بأنها مستعدة للنظر في صفقة تبادل واسعة النطاق مع الفصائل الفلسطينية، في قطاع غزة، تشمل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس بغزة".

ورغم أن مسؤولين إسرائيليين بينهم نتنياهو وغالانت، يتوعدون بتنفيذ عملية برية في قطاع غزة، فإن عددا من التقارير الإعلامية أشارت إلى اقتراب إبرام صفقة بين الفصائل الفلسطينية بغزة وإسرائيل، تشمل وقفا لإطلاق النار.وبدأت التسريبات تقول أن الحكومة الإسرائيلية تضع شروطاً لوقف إطلاق النار، مثل ترحيل عدد من قادة حماس الى الخارج، أو كما ذكرت مجلة الايكونوميست: أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تفضل أن ترى السلطة الفلسطينية تعود وتسيطر على القطاع، دون الحديث عن مصير حماس.

في المقابل، تسرّب عن الوسطاء القطريين أن "حماس تطالب بنقل الوقود لغزة وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ووقف إطلاق نار، والأمور تقترب من لحظة النضج، وسنعرف قريباً إلى أين تتجه".

وبرأينا، وقبل أن نستعرض المواقف الدولية المرافقة لهذه المحاولات، فإن التفاوض، بحسب المعلومات الضئيلة المتوفرة، وتحليل الواقع، سيكون على مستويات ثلاثة:

1- الإجراءات الفورية المتبادلة السابقةلوقف إطلاق النار، مثل موضوع تبادل الأسرى، والمساعدات الإنسانية، ووقف التصعيد في الجبهات الأخرى، الخ. فيما تطرح بعض الدول وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار، أو "هدنة إنسانية"، خاصة بعد المجازر الإسرائيلية المفتوحة دون أفق.

2- المرحلة المباشرة بعد وقف النار، لناحية تنظيم إدارة القطاع، ومساعي إعادة الحياة الطبيعية الى المناطق المدمرة في غزة، وإعادة النازحين الإسرائيليين الى مناطق غلاف غزة ومستوطنات شمال الجليل، وتأمين حشد من التمويل العربي خاصة لإعادة إعمار غزة، وربط ذلك بشروط معينة لجهة عودة السلطة أو تحديد دور حماس في المرحلة الانتقالية. كما تطالب حماس برفع الحصار عن قطاع غزة، من خلال فتح معبر رفح بشكل دائم، وإقرار تنفيذ المطار والمرفأ في القطاع، وهي مسائل تم البحث فيها في هدنة عام 2014، لكن إسرائيل لم تلتزم بأي منها.

3- المرحلة الطويلة الأمد: تبدأ من مشاريع إعادة الاعمار، وإعادة المفاوضات على حل الدولتين، برعاية دولية، مع ضمانات بعد تسويف إسرائيل لهذه العملية، خاصة بوجود مسائل شائكة، سواء التي تم تأجيلها في أوسلو مثل مصير القدس وحق العودة، أو لجهة التعامل مع ما استجد منذ أوسلو، خاصة بناء مستوطنات في الضفة لأكثر من 900 الف مستوطن يهودي.

ويتم كل ذلك بالتوازي مع العروض التي تحدثنا عنها في مقال سابق، بعنوان "ما وراء طوفان الأقصى" الى بقية الأطراف في محور المقاومة، وخاصة حزب الله، والشام وايران، مقابل عدم توسيع الحرب وفتح الجبهات الأخرى، والتي تم تحقيقها حتى الآن.وقالت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية إن جهات في محور المقاومة -لم تسمها- تسلمت رسالة أميركية تؤكد أنه لا نية لواشنطن بفتح جبهات جديدة.

فما هي المواقف والمؤشرات الدولية في هذا المجال؟

1- المطالبون بوقف إطلاق النار الفوري: لا تبادل للأسرى أو الاتفاق على أية إجراءات قبل وقف إطلاق النار

أعلنت فضائية الجزيرة اليوم الجمعة، ان هناك مفاوضات متسارعة للاتفاق على وقف إطلاق نار وإنجاز صفقة تبادل بين حماس وإسرائيل بوساطة قطرية.

وصرح مسؤولو حماس الذين يزورون موسكو اليوم، أنه "لن يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين قبل إعلان وقف إطلاق النار"، وأضافوا أن حوالي 50 أسيراً اسرائيلياً قتلوا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة. وقالوا أن حماس أعلنت عن نيتها إطلاق سراح "الأسرى المدنيين" منذ الأيام الأولى للحرب، لكنها تحتاج إلى وقت للعثور على كل من انتهى بهم الأمر في قطاع غزة في 7 تشرين الأول.

وأعلن مصدر في المقاومة اللبنانية ان مفاوضات تجري بين عدة أطراف للتوصل لصيغة تفاهم حول بعض القضايا بما يخص التوصل لهدنة أو وقف اطلاق النار.واضاف المصدر انه في حال تم التوافق بين الأطراف سيتم الاعلان عنها بشكل رسمي عبر قيادة المقاومة في غزة.

وأوضح وزير الخارجية الإيراني، في كلمته خلال الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، البارحة (الخميس)، أنه ينبغي للعالم أن يدعم الإفراج عن 6 آلاف مسجون يقبعون في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الأسرى لدى حماس.وأشار إلى أن بلاده لا ترحب بتوسيع نطاق الحرب في المنطقة، لافتا إلى أن الحل الشامل للقضية الفلسطينية يمكن فقط من خلال منح الشعب الفلسطيني حقه في إنشاء دولته.ولفت إلى أن إيران وقطر وتركيا مستعدة للمساهمة في إفراج حركة حماس عن الأسرى المدنيين، مشددا على أن أي نوع من التطبيع مع إسرائيل سيكون مصيره الفشل في ضوء الظروف الحالية.وأكد أنه "وفقا للقانون الدولي فإن حركة حماس تدافع ضد الاحتلال ولديها الحق الشرعي في ذلك، مشير إلى أن فلسطين باعتبارها دولة تقع تحت الاحتلال، فإن لديها الحق في تقرير المصير واتخاذ قرارات بشأن استقلالها وإنشاء حكومة مستقلة".

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "الهجمات على غزة تجاوزت حدود حق الدفاع عن النفس وتحولت إلى ظلم ومذبحة وهمجية سافرة". وفي معرض تعليقه على بيان مفوضية الاتحاد الأوروبي الذي قال "لا يمكننا الدعوة إلى وقف إطلاق النار بعد"، قال اردوغان: "كم عدد الأشخاص الذين يجب أن يموتوا؟ كم عدد الأطفال الذين يجب أن يموتوا؟ ما هي حساباتكم؟ وعلى أي أساس تفعلون ذلك؟ أوضحوا لنا.... مشددا على ضرورة إعلان وقف إطلاق النار فورا.".

وذكر الاتحاد الإفريقي أن الأعمال العدائية بين الفلسطينيين وإسرائيل يجب أن تتوقف فورا وينبغي إجراء مفاوضات غير مشروطة لحماية أرواح المدنيين.

كما تطالب روسيا بوقف فوري لإطلاق النار، وقام الرئيس الروسي بتذكير الأميركيين أن بوارجهم وحاملات طائراتهم في المتوسط هي في مرمى الصواريخ الروسية الفرط صوتية.

وأدانت الصين الأعمال التي تستهدف المدنيين وانتهاك القانون الدولي، ودعت الأطراف إلى "وقف الصراع وحماية المدنيين".

واستخدمت روسيا والصين الفيتو المزدوج أكثر من مرة في مجلس الأمن لتعطيل المقترحات الأميركية التي تجيز لإسرائيل باستمرار القتل. وحتى الأمين العام للأمم المتحدة، اضطر الى القول أن ما حصل في 7 أكتوبر لم يكن وليد اللحظة، بل سببه الاحتلال الإسرائيلي طيلة 75 عاماً، مما استدعى رداً اسرائيلياً مسعوراً يطالبه بالاستقالة.

2- المواقف المائعة المطالبة بوقف الهجمات على المدنيين، دون الدفاع عن المقاومة، والحديث عن حل الدولتين

في البيان الذي أصدرته الجامعة العربية يوم 13 أكتوبر، تم تأكيد أن ضمان أمن الشعب الفلسطيني هو واجب المجتمع الدولي، ودعت المجتمع الدولي إلى التدخل من أجل وقف إطلاق النار.ورفضت المملكة العربية السعودية الدعوات لإجبار الأهالي على الهجرة من قطاع غزة الذي يتعرض لهجوم مكثف وحصار كامل من قبل إسرائيل، وأدانت استهداف المدنيين.ودعت الخارجية السعودية في بيان بتاريخ 13 أكتوبر، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الهجمات ضد المدنيين في قطاع غزة ومنع وقوع كارثة إنسانية.

ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى وقف العملية البرية الإسرائيلية المحتملة ضد قطاع غزة. وأعلن رفضه (الشكلي على الأقل) تهجير فلسطينيين قطاع غزة الى سيناء، وأطلق موقفه المخزي مطالباً بتهجيرهم الى صحراء النقب الى حين الانتهاء من القضاء على حركة حماس!

كما رفض مثله ملك الأردن، تهجير فلسطينيي الضفة الى الأردن. ودعت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان يوم 18 أكتوبر، المجتمع الدولي إلى "بذل الجهود للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار من أجل منع المزيد من الخسائر في الأرواح وتجنب المزيد من تفاقم الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وكانت منظمة التعاون الإسلامي قالت في بيانها الصادر يوم 13 أكتوبر: "ندين بشدة هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد أهداف مدنية في غزة" وطلبت وقف هذه الهجمات العدائية على الفور.

متحدثة وزارة الخارجية الباكستانية ممتاز زهرة بلوش: إن إسرائيل تمارس "تطهيرًا عرقيًا" ضد الفلسطينيين، وإن "باكستان تدعم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

وقالت حكومة جنوب إفريقيا، إن "إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 المقبولة دوليا وعاصمتها القدس الشرقية، والعيش بسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل أمر ضروري".

وأكدت الحكومة السودانية دعمها لحق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولة مستقلة، ودعت إلى حماية المدنيين الأبرياء.

وحافظت أميركا اللاتينية على دعمها للقضية الفلسطينية رغم تباين المواقف بين اليمين واليسار. وقال الرئيس البرازيلي اليساري هذا الأسبوع "أن ترتكب حماس عملًا إرهابياً ضد إسرائيل لا يعني أن على إسرائيل أن تقتل ملايين الأبرياء".

وقال البابا فرانسيس: "أتابع بقلق وألم ما يحدث في إسرائيل، حيث اندلع العنف بشكل أكثر عنفاً، ما تسبب في سقوط مئات القتلى والجرحى"، معربا عن مواساته "عائلات الضحايا. أولئك الذين يعانون في هذه الساعات من الرعب والألم. أصلي من أجل الجميع".وأضاف: "من فضلكم أوقفوا الهجمات والأسلحة. افهموا أن الإرهاب والحرب لا يجلبان أي حل، بل يؤديان فقط إلى وفاة الكثير من الناس. الحرب والعنف لا يحلان أي مشكلة. كل حرب هي هزيمة. دعونا نصلِّ من أجل السلام في إسرائيل وفلسطين".ودعا إلى إطلاق سراح الرهائن فورا ومنع وقوع كارثة إنسانية في قطاع غزة.

وقال وزير الخارجية الياباني كاميكاوا يوكو إن بلاده تواصل دعم "حل الدولتين" لإنهاء الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية.

3- الموقف الأميركي المترجرج والمواقف الأوروبية الرافضة لوقف إطلاق النار

الموقف الأميركي المترجرج:

إضافة الى الرسالة المشار اليها سابقاً التي تلقاها محور المقاومة، بأن أميركا لا ترغب بتوسيع المعركة الى جبهات أخرى، خاصة بعد العمليات التي استهدفت القواعد الأميركية في الشام والعراق، ومعركة المقاومة المضبوطة في جنوب لبنان، وبعد التصلب والتحيز الكبير الذي عبر عنه بايدن وبلينكن والقيادة الأميركية سابقاً، والدعم المعلن المطلق لإسرائيل ومحاولات تمرير قرارات في مجلس الأمن تشرعن العدوان، صرّح مسؤول أميركي اليوم أن واشنطن أبلغت "إسرائيل" عدم اقتناعها بخطة الدخول البري إلىغزة. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنهم "قد يناقشون وقف إطلاق النار في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعد إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس".

وهذا تراجع عن الموقف الأميركي السابق، الرافض لوقف إطلاق النار، كما عبّر منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي، الذي قال"إن وقف إطلاق النار في غزة الآن يصب في صالح حركة المقاومة الإسلامية - حماس فقط". وتابع: "ما يمكنني قوله هو أننا سنواصل التأكد من أن إسرائيل تمتلك الأدوات والقدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها، وسنستمر في محاولة إدخال هذه المساعدات الإنسانية، وسنواصل محاولة إخراج الرهائن والأشخاص من غزة بشكل مناسب".

وكان بايدن سابقاً ربط إدخال المساعدات الإنسانية بإطلاق جميع الأسرى عند حماس. ولما رفض الطلب، عاد وطالب بإطلاق الأسرى المدنيين. وعندما رفض الطلب أيضاً، طالب بالأسرى الأميركيين، الذين يصل عددهم الى 60 شخصاً. وعاد وقبل بإدخال المساعدات، مع بعض الشروط الإسرائيلية كرفض إدخال الوقود، مقابل إطلاق أسيرتين أميركيتين.

المواقف الأوروبية، وراء الأميركيين ولكن خارج التغطية

السياسة الخارجية الأوروبية بشكل عام، مرتهنة للإملاءات الأميركية، وبطيئة، ولا مرونة أو قيمة لها تدخلها في أية مفاوضات، فتصبح تابعة وملكية أكثر من الملك. وهذا ما ظهر في الحرب الأوكرانية، ويكرر في حرب عزة. لذلك نرى المواقف الأوروبية متصلبة ورافضة لوقف إطلاق النار. وستتفاجأ، كعادتها، بمواقف أو تسويات يتم التوصل اليها خارج معرفتها، وتعدّل مواقفها، ويطلب منها التمويل والدعم وتحمّل النتائج، دون أن يكون لديها أية مبادرة أو موقف متميّز.

فقد صرح متحدث مفوضية الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو، أنه: "لا توجد دعوة لوقف إطلاق النار من الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة". وصرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال "زيارته التضامنية مع إسرائيل"، أن التحالف الدولي ضد داعش يمكنه أيضا قتال حماس، وأن فرنسا مستعدة لذلك!! ودعا إلى إنشاء "تحالف إقليمي ووطني" لـ "محاربة حماس" و"الجماعات الإرهابية". وطلب من نتنياهو (لرفع العتب) الالتزام بقانون الحرب والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

أما المتحدث الحكومة الألمانية ستيفن هيبستريت، فقال: "إننا نقف بشكل وثيق وثابت مع إسرائيل، فالهجوم مستمر. ولا يزال أكثر من 200 رهينة، جميعهم تقريبًا من المدنيين المختطفين بوحشية، محتجزين، وفي ضوء ذلك لا أعرف كيف سيتم وقف إطلاق النار".

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رد على سؤال "ألن تدعو إلى وقف إطلاق النار؟"، بالقول: "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها" دون التطرق إلى قضية وقف إطلاق النار.وأشار إلى إمكانية تفعيل "فترات توقف معينة، وليس وقفاً لإطلاق النار"، معتبرا أن "حماس مسؤولة عن هذا الصراع ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص عليه بوضوح في ميثاق الأمم المتحدة. وسنواصل دعوة إسرائيل للامتثال للقانون الدولي". وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن "وقف إطلاق النار في الوقت الحالي لن يخدم سوى حماس"، في تقليد ممجوج للموقف الأميركي السابق.

وكذلك قال رئيس وزراء الحكومة الهولندية المؤقتة مارك روته، إنه يؤيد "وقفا إنسانياً للاشتباكات حتى تتمكن إمدادات المساعدات من الوصول إلى غزة". وأعرب عن اعتقاده بأن وقف إطلاق النار لم يكن مرغوبا فيه وأن إعلانه سيعني أن إسرائيل لم تعد قادرة على محاربة التهديد الذي تشكله حماس!! وأعرب عن اعتقاده أن وقف إطلاق النار غير ممكن في الوقت الحالي وأنه يشكل الكثير من العقبات..

وأكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، وجوب إدانة حماس على "الجرائم" التي تتحمل مسؤوليتها، وأن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها في إطار القانون الدولي"، معتبرة أن المخرج من هذا الصراع يكمن في "حل الدولتين".

واعتبرت الخارجية السويسريةأن هناك حاجة ملحة لوقف مؤقت للهجمات على غزة لتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين والسماح لمنظمات الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى القطاع وفقا للمبادئ الإنسانية الدولية.

في المقابل اقترح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قبيل قمة مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل، عقد مؤتمر للسلام خلال ستة أشهر لإنهاء الصراعات بين إسرائيل والفلسطينيين والاعتراف بدولة فلسطين.

الداخل "الإسرائيلي"

تقوم وسائل الاعلام الإسرائيلية والغربية بالتعتيم على الواقع الداخلي الإسرائيلي، وإخفاء التأثيرات الداخلية الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، والخلل الكبير في هيبة الجيش ومكانة الكيان الجيوستراتيجية، التي كانت قبل 7 أكتوبر، تتحضر للعب دور محوري في خطوط التجارة الدولية، مرتكزة الى التطبيع المجاني مع دول الخليج، وعزل لبنان والشام والعراق والسعي للمزيد من الحصار والقلاقل الداخلية في هذه الدول. كما يتم منع الإعلام المحلي والعالمي من تغطية حالة الهلع والغضب السائدة في أوساط المستوطنين وأهالي الأسرى، وحالات الرعب والعصيان داخل صفوف جيش العدو. كما تحاول استثمار كل نفوذها العالمي للتغطية على التحركات الدولية المتعاطفة مع فلسطين، بما في ذلك تحرك آلاف اليهود في الكثير من مدن العالم، مثل تحركهم الضخم في نيويورك، رفضاً للمجازر وتعاطفاً مع الفلسطينيين، خاصة منهم الذين هم ضد منطق قيام دولة لليهود في فلسطين.

وبرغم ذلك، يتم تسرّب بعض المواقف من وقت لآخر، تفضح السياسات الإسرائيلية، مثل تصريحات مئات الإعلاميين العالميين، وشركات الدعاية، التي فضحت محاولات الصهاينة شراء تأييدهم. ومثل تقرير صدر اليوم عن مركز "بتسيلم" الحقوقي الإسرائيلي، يقول إن عمليات القصف التي تنفذها إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة "تشكل جريمة حرب". ورفض إلقاء إسرائيل المسؤولية كلها على حماس، معتبراً أن "معنى ذلك هو أن أي عمل تقوم به إسرائيل، مهما كانت نتائجه فظيعة ومرعبة، سيُعتبر شرعياً. ليس لهذا الادعاء أي أساس من الصحة: في القانون الدولي الإنساني، كما في أي قانون آخر، لا يسري مبدأ التبادلية: فحقيقة أن طرفاً ما ينتهك القانون لا تمنح الطرف الآخر حق انتهاكه، هو أيضاً".

الخلاصة

بعد هذا العرض التفصيلي للمواقف الدولية، نعيد التأكيد أن لا مجال لكيان العدو للخروج من المأزق الحالي، الذي يؤجل فيه معركة الدخول البري الى غزة، بسبب الخوف من الخسائر الفادحة، وعدم تحقيق الأهداف، وخطر فتح جبهات أخرى نتيجة ذلك، سوى الذهاب الى مفاوضات سرية، تحقق له ولو مطلباً واحداً، أي تحرير الأسرى، حتى لو كان الثمن وقف العدوان والتغاضي عن مسألة تدمير حماس، والعودة الى البحث في حل الدولتين، مع أن اليمين المتطرف الصهيوني الحاكم اليوم، يرفض هذا الحل، ويدعو الى تهجير الفلسطينيين في القطاع والضفة واراضي 1948، من أجل بناء الدولة اليهودية الصرفة. والأميركي يقول له أن وقف النار يحقق أيضاً الهدف الثاني، وهو استعادة الأمن الى غلاف غزة.

في المقابل، وقف اطلاق النار بدون القضاء على حماس، يعطي الشعب الفلسطيني فرصة للملمة الجراح والتقاط الأنفاس ومحاولة إعادة الإعمار، والتحضير للمرحلة القادمة، فيما القوة العسكرية موجودة.

والأيام القادمة، التي قد يزيد الإسرائيلي خلالها من الدمار والقتل الجماعي في اللحظات الأخيرة قبل وقف اطلاق النار، كما فعل في كل الحروب الأخرى السابقة في غزة أو في حرب تموز 2006 في لبنان، ستحمل بلا شك مساعي ومفاوضات شاقة، تشبه تلك التي انتجب القرار 1701 في لبنان.


الأكثر قراءة

مقايضة اوروبية للبنان في ملف النزوح: مليار يورو مقابل دور «الشرطي»؟ بلينكن يتأكد ان حرب غزة مرتبطة بحرب الشمال: اما صفقة مع حماس او حرب شاملة عصابة «التيك توك» جريمة منظمة… المتورطون 30 والضحايا عشرات القاصرين!