اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

سؤالنا البديهي كلبنانيين وكعرب: أي فارق بين جحيم الحرب وجحيم ... اللاحرب؟ّ

حتى ان الانكليز الذين يتقنون التسلل عبر الشقوق، يصفون الشرق الأوسط الآن بأنه "غابة من الألغاز" . المؤرخ بول جونسون يخشى على المنطقة بـ "أثقالها الايديولوجية" من الذهاب بعيداً في استثارة المناطق الأكثر غرائزية في التاريخ .

المشكلة أن "اسرائيل" التي تلاحقها عقدة "العقد الثامن" ترى نفسها على حد السكين : اما الذهاب بالحرب الى حدودها القصوى أياً تكن كارثية النتائج، أو الذهاب الى ردهة المفاوضات (من دون أظافر)، والقبول بحل الدولتين ما يعتبره ذئاب اليمين "أقصر الطرق الى... الانتحار".

لا أحد من الأطراف المعنية بما يحدث حاليا، يدري الى أين تمضي الرياح . تصوروا ما قاله ديبلوماسي في دولة عربية كبرى لكاتب لبناني "حتى رئيسنا ينتظر ما سيقوله نصرالله" . القيادة "الاسرائيلية" كذلك . أمين عام حزب الله مثلما يتصرف كقائد للمقاومة، يتصرف كرجل دولة . رجاله في الخنادق، ويدركون أي عقل استراتيجي يقودهم . "اسرائيلياً"، وقد لاحظنا ذلك في 7 تشرين الأول، الخنادق تحولت الى مواخير للحفلات الراقصة.

الأميركيون الذين اقاموا سوراً نووياً حول الدولة العبرية، يتخوفون من أن يتفلت بنيامين نتنياهو من أيديهم، ويورطهم في "حرب ابدية" في الشرق الأوسط، لا لانقاذ الدولة، وانما لانقاذ نفسه من "حبل المشنقة . "ولكن مَن هو البديل الأقل جنوناً من زعيم الليكود . الساسة في "اسرئيل" يعتبرون أنهم عند مفترق وجودي . حتى ان يائير ليبيد الذي رفض الدخول في الائتلاف، كيلا يؤمن التغطية السياسية لنتنياهو، يؤيد العملية البرية، ويهدد بتحويل لبنان، ان شارك في الحرب، الى مقبرة .

على مدى سنوات، ونتنياهو، على طريقة "توم اند جيري"، يلعب في الأروقة السياسية للحيلولة دون المثول أمام قوس المحكمة، كطريق الى الزنزانة. اللعب الآن أخذ شكلاً آخر. "الورقة الاسرائيلية" على الطاولة. لا مجال أمام رئيس الحكومة ليقلّد آرييل شارون في محاولة تتويج نفسه وريث انبياء التوراة. أمام مقاتلي غزة، بدا جليّاً الفارق بين شخصية النبي وشخصية البهلوان. بعصاه لم يشق البحر بل شق القبور أمام بني قومه...

نتوقف عند دعوة حقان فيدان وحسين امير عبداللهيان لعقد قمة اقليمية (دولية) . وزير الخارجية التركي قال: "لا نريد أن تتحول المأساة في غزة الى حرب تؤثر على بلدان المنطقة". وزير خارجية ايران دعا الى عقد المؤتمر في اسرع وقت. هذا يعني أن الدولتين المحوريتين في الاقليم تدركان مدى الاحتمالات الكارثية لأي حرب حتى على كل منهما. لا وقوع في فخ نتنياهو ...

مثلما يحاول نتنياهو توريط أميركا في حرب ضد ايران، يرى أيضاً تفكيك تركيا اثنياً، أو طائفياً، لتبقى المنطقة في حال التخلخل. من سنوات بعيدة قال بول ولفويتز بالستاتيكو القبلي في الشرق الأوسط لتبقى المنطقة، باستثناء "اسرائيل"، على قارعة القرن ...

ساسة ومفكرون كبار في العالم باتوا يستخدمون المصطلحات الماورائية في قراءة "الظواهر الشرق أوسطية". المؤرخ الألماني لوتز رافاييل تساءل ما اذا كانت مهمة آدم على الأرض قد انتهت؟ في سؤال آخر هل أمضى آدم عقوبته على الأرض وحانت ساعة العودة ؟ هذا يعني تلقائياً، انتهاء الوجود البشري باعتباره كان نتيجة الخطيئة التي أرتكبت قبل بداية الخليقة .

هؤلاء الساسة والمفكرون يقولون أن الشرق الأوسط بتضاريسه اللاهوتية، التي لم تعد تتسق وايقاع القرن، بات بحاجة ماسة الى تحديث المفاهيم، وكذلك تحديث الرؤى، لأن بقاء الصراعات على احتدامها، وغالباً بخلفيات تاريخية أو عقائدية، يضع الكرة الأرضية كلها على حافة الهاوية، أي على حافة النهاية ..

لا مشهد في التاريخ على هذا المستوى من الغموض . دول بكاملها تدور في المتاهة . حرب أم لا حرب. حتى أميركا، المسؤولة الرئيسية عن حالة التيه، تبدو ضائعة بين الخيار الديبلوماسي والخيار العسكري .

الباحثة الأميركية (المسلمة) فريشنا طيب ترى أن واشنطن التي طالما حملت "عصا الشيطان" في الشرق الأوسط، قد تفاجأت في أي لحظة بأن هذه العصا تنهال على رأسها . انتظروا مهمة أنتوني بلينكن. هذه المرة في "تل أبيب" لا بصفة يهودي وانما بصفة ديبلوماسي...

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران