اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

هناك في لبنان من يهوى "التنقير"، وقيل الكثير حول ذلك بعد خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، فهناك من كان يمضي بتوقيع عريضة لمنع الحرب عن لبنان، ومَن اعترض على خطاب السيد نصر الله الذي لم يُعلن الحرب ضد العدو الاسرائيلي، وهذا يندرج في سياق "التنقير" أو محاولة تسجيل النقاط، لكن هناك من يطالب الحزب بالدخول في المعركة لأهداف أخرى.

قد لا يكون كلاماً عابراً ما قاله أحد أبرز الإعلاميين العرب، الذي توجه لأمين عام حزب الله بالقول أن "غزة تُباد، فما هو الوقت المناسب لدخول سماحتك في الحرب"؟ وبالتأكيد ليست صدفة الحملات التي تحصل في عالمنا العربي، والتي تدعي أن حزب الله وإيران تخليا عن حركة حماس وتركوها لوحدها في المعركة، لذلك لا بد من الإضاءة على أهداف مثل هذه التصريحات، والتفريق بين هدفين، أحدهما هدف لبناني والآخر عربي.

البداية من لبنان، حيث يتولى خصوم حزب الله حملة هجوم قاسية عليه من باب التهكم على الخطاب وما ورد فيه، وعدم قيام الحزب بإعلان الحرب نصرة لغزة، وبالطبع هؤلاء لا تعنيهم غزة ولا أطفالها، ولا تؤرق نومهم مجازر العدو الاسرائيلي فيها، ولا تحرك فيهم ساكناً، إنما لهم أهداف أخرى، فهم يظنون أن الفرصة الآن مناسبة للتخلص من حزب الله، وتوريطه في حرب لن يخرج منها سليماً، فتنتهي سطوته على البلد، وهو ما يحلمون به منذ العام 2005.

دغدغت حاملات الطائرات الأميركية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط لدعم "اسرائيل" ومجازرها في غزة، مشاعر خصوم حزب الله في لبنان، فاليوم بنظرهم مناسب لحرب تكون أميركا طرفاً فيها، تنهي وجود الحزب القائم حالياً، وبالتالي أصبحوا من المزايدين على الحزب بالمقاومة، فلم يُعجبهم خطابه واتهموه برفض نصرة غزة خدمة لإيران، في محاولة لجعله يتحرك وفق المشاعر، لا وفق الظروف والخطط الاستراتيجية.

هذه الدعوة لحزب الله لدخول الحرب، ترافقها محاولات تقوم بها جهات سياسية لبنانية لحثّ أميركا على ضرب حزب الله، على اعتبار أنها الفرصة الذهبية لتحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية، علماً أن الحزب قد أعلن سابقاً أن الحرب قد تقع، لكنها حتماً ستكون بتوقيته ورؤيته، وعندها سيكون دعم بعض اللبنانيين "لاسرائيل" أكثر وضوحاً مما كان عليه في حرب تموز عام 2006.

بينما للعرب اهداف أخرى أبعد من ذلك، فبعد ما قامت به حركة حماس الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى، مدعومة من إيران التي سارعت لمباركة العملية، على عكس كثير من الحكومات العربية الوازنة، وتحريك الجبهة الجنوبية في لبنان باليوم التالي، وتحرك الحوثيين في اليمن لدعم الفلسطينيين في غزة، ظهر للجمهور العربي حجم الكذب والنفاق الذي كانت تمارسه الحكومات العربية عندما تتحدث عن إيران، وعن الصراع السني - الشيعي، وعن الهلال الشيعي في المنطقة، وبات إسم السيد نصر الله يتردد في عواصم عربية عدة، خلال التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، وتغير المزاج العربي ليقترب مما كان عليه قبل العام 2005، وقبل العام 2011 وأحداث سوريا، لذلك كان لا بد من التصويب على عدم قيام السيد نصر الله بإعلان الحرب من باب المزايدة عليه، واتهامه ببيع القضية الفلسطينية وترك حماس لوحدها.

يُريد هؤلاء إعادة ضرب صورة حزب الله في الشارع العربي، وتصويره بأنه "الذراع الشيعية لإيران، وخصم للسنة في المنطقة وفي فلسطين".


الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران