اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لأولئك الذين حوّلوا الديانة اليهودية ومنذ البدايات، الى ايديولوجيا لنفي الآخر ولكراهية الآخر ولاجتثاث الآخر، نقول "أيها الوحوش... كفى"!

 لم يعد يلفتنا التناقض في أداء الرؤساء الأميركيين، الذين توارثوا هيستيريا الابادة حال وطأ آباؤهم تلك الأرض. تحت عنوان الدفاع عن المعايير الأخلاقية والفلسفية للديمقراطية (بأكثر وجوهها بشاعة) يرتدي الرئيس وجه هولاكو، وأحياناً وجه كاليغولا. أمام الانتهاكات "الاسرائيلية" التي تعدّت كل البربريات في التاريخ، يتحول للتو الى دجاجة. تلك الثنائية العجيبة : هولاكو و... الدجاجة.

 كل هذا تحت مظلة يهوه. لم يعد إله القادة "الاسرائيليين" بقدر ما هو إله القادة الأميركيين. هل جثا جو بابدن مرة أمام طيف السيدة العذراء، كما كان يفعل الجنرال فرانكو الذي كان كل مساء، كما أخبرنا أحد ضباطه، يبكي أمام صورتها، ليتلذذ صباحأ بتقطيع الجثث؟

 الأوروبيون يتناسون ما فعلوه ببعضهم البعض، وعلى مدى قرون. اذ رسموا بالسكاكين أو بالخناجر خرائط المنطقة كتركة عثمانية، كرسوأ المفهوم القبلي للدول أو للمجتمعات المعنية. هكذا نشأت تلك الأنظمة التي لم تكتف بالغاء ثقافة العقل، ألغت أيضاً ثقافة القلب.

 في لبنان، وحيث الحرب الأهلية لا تزال ماثلة أمامنا، وباسم الاسلام أو العروبة، هنا وباسم المسيحية والفينيقية، هناك استخدم البعض الفؤوس لقطع رؤوس من ينتمون الى قبيلة حزبية أو الى قبيلة طائفية، أخرى لتعرض الجماجم بكل اعتزاز على عربات الخضار...

 من عظامنا ومن بطون نسائنا، ولد "تنظيم الدولة الاسلامية" ("داعش")، وسائر المشتقات الدموية الأخرى. هذه المرة بالسواطير وبالأقفاص الحديدية واحراق الضحايا وهم أحياء ، ناهيك باغتصاب النساء وبيعهن كما الجواري في سوق النخاسة. ألم يدفنوا جنودنا وهم أحياء في سفوح السلسلة الشرقية على وقع... الله أكبر؟

 لا عبارة في الأناجيل الأربعة تنضح بالدم. القرآن قال بالرحمة من الكلمات الأولى. اقرأوا التوراة، لكأنها "فبركة للقتل وللقتلى". ذاك اليهوه الذي فتح كل أبواب الدم أمام شعبه المختار. ولكن لماذا دم (وأرض) الفلسطينيين بالذات؟ الأوروبيون مارسوا أقصى أشكال البربرية مع اليهود، والآن يقف الغرب (غرب هيروشيما وناكازاكي) الى جانب من ارتكب الفظاعات بحقهم ليرتكبوا الفظاعات بحقنا.

 كيف لمن أنتجوا تلك الفلسفات الأخلاقية من أفلاطون وحتى تيار دو شاردان، ومن فرنسيس الأسيزي الى الأم تيريزا، تزويد أولئك الوحوش بالمالوبالسلاح لقتل أطفال العرب ونساء العرب. حتى الاعلام الذي يفترض أن يكون الناطق باسم "الضمير العام" تحوّل في أغلبه الى وسيلة لتغطية أنهار الدم...

 ثمة أصوات بدأت ترتفع، حتى في الصحف القريبة من آل روتشيلد أو التي يمتلكها روبرت مردوخ (اسم مردوخ بالسومرية بعني "عجل الشمس ") بدأت تتوجس من تداعيات طوفان الدم على الدولة اليهودية. تصوروا أن رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد لودر (وريث أمبراطورية لودر لمستحضرات التجميل ) يكتب في احدى الصحف السعودية "ان حلّ الدولتين وحده كفيل بأن يضمن "للاسرائيليين" وللفلسطينيين حياة آمنة وكريمة". أعتقد أنكم معي في القول : خرافة الدولتين...

 وكان ناحوم غولدمان، مؤسس المؤتمر ورئيسه السابق، قد طرح منذ سنوات على صفحات "اللوموند ديبلوماتيك"، تحويل "اسرائيل" الى فاتيكان يهودي، لأن العقل الاسبارطي في محيط معاد، لا بد "أن يذهب بها الى الجحيم". كل هذا، وبنيامين نتنياهو ماض في قتل الأطفال الفلسطينيين، بناء لـ "رغبة يهوه"، وتبعاً لما يراه "الحاخامات" بالههم الوثني الذي ينفث اللهب.

 الدنيا طافت بالدم. في غزة "الهولوكست الأكبر" (أو المحرقة الكبرى). في أوشويتز "الهولوكوست الأصغر" (او المحرقة الصغرى)، ما يفسره المؤرخ آفي شلايم كمؤشر الى نهاية وشيكة (عقدة العقد الثامن).

 اذ يتحدث مفكرون غربيون عن "تفاعلات زلزالية" داخل مجتمعاتهم بسبب الأهوال التي شاهدوها في غزة، لا مجال لشيء مماثل في المجتمعات العربية. من زمان وصفنا الفيلسوف الأميركي اليهودي ليو شتراوس بـ "الحمقى الذين يتسلقون الهواء".

 الحمقى أم... الموتى ؟!


الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت