اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كانت غزة لسنوات طويلة، بمثابة سجن مفتوح يضم مليوني نسمة بينهم نسبة عالية من الأطفال، ولكنها أصبحت الآن ركامًا ودمارًا، يرقد تحت أنقاضها القانون الدولي الإنساني الذي أصبح كناية عن تجريد العالم من إنسانيته، فيما يعد خطوة هائلة إلى الوراء بالنسبة لهذا الحق الذي تم ترسيخه من خلال الألم منذ نهاية القرن التاسع عشر.

من هذه المقدمة، انطلق المحامي وليام بوردون، في مقال له بصحيفة ليبيراسيون، اعتبر فيه أن عملية تجريد ضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من إنسانيتهم التي كانت مستمرة منذ عقود، تسارعت لتصل إلى ذروتها بعد السابع من تشرين الأول، مع انطلاق الحرب "الإسرائيلية" على غزة.

ومع أن القانون الإنساني الدولي تأسس لمواجهة فظائع الجرائم الجماعية، فإنه ظل عاجزًا عن وقف الجرائم التي ارتكبت في القرن الـ20، كما لم يمنع رغم تعزيزه باتفاقيات جنيف الأربع جرائم الاستعمار ولا غيره، لأن استهزاء الزعماء السياسيين، وجنون الطغاة العظماء، جعل منه ورقة يحبون التوقيع عليها ليدوسوها بعد ذلك.

وأشار المحامي إلى أن العالم استبشر بإنشاء المحكمتين الأوليين المخصصتين ليوغسلافيا السابقة ورواندا، وعاش لحظة مليئة بالأمل مع إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، واعتبرها بداية حقبة جديدة تؤرخ لنهاية الإفلات من العقاب لأعظم مجرمي الدم.

غير أن عمل هذه العدالة المعولمة الجديدة بدا متواضعًا وغامضًا، حسب الكاتب، لأن هذه الأداة المناهضة للطغيان والهمجية محتقرة ومخربة من قبل أقوياء العالم الذين يتحملون أكبر قدر من سفك الدماء، مثل الأميركيين والروس والصينيين، وكلهم أعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وعلى مدار 20 عامًا، ركزت المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة في أفريقيا، ومؤخرًا على تلك الجرائم التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا، مما عزز في ضمائر مواطني أقصى الجنوب، الشعور باستمرار الكيل بمكيالين، خاصة مع الانتظار والترقب منذ فتح تحقيق أولي عام 2021 بشأن الجرائم المرتكبة من قبل "إسرائيل" وفلسطين، حسب الكاتب.

وفي هذا السياق، أشار الكاتب إلى التشريع الذي تبنته إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن بعد أحداث 11 أيلول 2001، لتحرر نفسها من التراث القانوني العالمي، مما سبب التآكل التدريجي للمبادئ التي تحمي كرامة الإنسان فضلًا عن الحريات العامة، وذلك باسم الحرب على الإرهاب التي لم تسلم أوروبا من تبنيها.

وقد فتحت "الحرب على الإرهاب" مجالًا غير محدود من الاستغلال السياسي، سهل تجريم الأصوات المعارضة، وأصبح عذرًا لا جدال فيه لتحرير الدول أنفسها من التراث القانوني العالمي.

وهكذا سقط القانون الدولي تحت أنقاض غزة وهو يتألم، كما يقول المحامي، بعد أن بلغ "إضفاء الطابع الحيواني" على السكان المدنيين في قطاع غزة من قبل أحد وزراء بنيامين نتنياهو، قمة التقول بتجريد السكان من إنسانيتهم لتشريع ضربهم أو قتلهم.

وعلى هذا الأساس، فإن الكرامة التي تشكل جوهر الإنسان وعالميته، تُهدم دون أن يتأثر من ينبغي أن يكونوا حراسها، إذ تعتبر "إسرائيل" أن القانون عندما يحمي الآخرين، يعد عائقًا أمام ما تريده، وهو الموقف الذي صدقت عليه واشنطن وباريس قبل تأهيله بالدعوة إلى عدم استهداف المدنيين.

وخلص الكاتب إلى أن النفاق وازدواجية الزعماء وأصدقائهم التجار، عجل بوصول القانون إلى نهايته، كما أن الدول الغربية، بتشجيعها لـ"إسرائيل" في المعركة التي تقدمها بأنها "حضارية"، قد أضرت بالقيم المشتركة للإنسانية.

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

مُحامو سلامة طلبوا مهلة لتقديم الدفوعات الشكليّة... والقاضي حلاوي أوقفهم ... والجلسة الثانية الخميس المقبل محادثات لودريان مع العلولا ستطرح حلاً يبدأ بجلسىة انتخاب دون نصاب تليها جلسة حوار ثم جلسات الانتخاب الأنظار تتجه الى الحدود الجنوبيّة مع شمال فلسطين المحتلة بعد تهديدات العدو الإسرائيلي بالتح