اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مساء، أثناء الحفل التقليدي باضاءة الشمعدان في البيت الأبيض بمناسبة "الحانوكا" (عيد الأنوار اليهودي)، قال "ان دفء التواصل الذي يعتريني مع الجالية اليهودية (الجالية ؟) لا يتزعزع. لقد وقعتُ في مشاكل وانتقادات، حين قلتُ قبل بضع سنوات ليس عليكَ أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً... أنا صهيوني".

وكانت شخصية فلسطينية مميزة قد تمنت علّي، لأيام خلت، أن أكتب عن جو بايدن. كلماته في الحفل تختزل شخصية الرجل المستعد لا أن يبيع جلده فقط، بل أن يبيع روحه للشيطان للبقاء مكانه. ذروة الزبائنية وذروة النرجسية، بعدما كنا كثيراً ما نجلّه حين كان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. وكان أقل هولاً بالنسبة الى القضايا العربية من سائر ذئاب الكابيتول.

هل حقاً انه الرئيس الذي جرّ بنيامين نتنياهو الى جهنم، ولكن فوق جثث 20000 فلسطيني، جلّهم من الأطفال الذين "حفرت عيونهم في ذاكرتنا الى الأبد"، كما قال المستشرق الفرنسي جيل كيبل. لم يكن بامكان أولئك الوحوش أن يفعلوا ما فعلوه لولا الأرمادا الأميركية التي رابطت في المتوسط، ولولا مئات الطائرات التي كانت تنقل يومياً القنابل الأشد فتكاً الى يوآف غالانت.

بايدن كنموذج للعار الأميركي ـ أيها الفلسطيني العزيز ـ أكثر من أن يكون هولاكو، وأكثر من أن يكون الفوهرر. لولاه لانطفأ رئيس "الحكومة الاسرائيلية"، مثلما ينطفئ عود الثقاب يوم 7 تشرين الأول.

الدافع دوماً البقاء على العرش الأميركي، وان كانت القناعة الأميركية التقليدية "لولا وجود اسرائيل لما كان لنا موطئ قدم في الشرق الأوسط". ولكن ألا يبدو أن سياسة بايدن لا تهدد باطاحة نتنياهو فقط، بل باطاحة "اسرائيل"؟

انها الخطيئة المميتة اتي يرتكبها الرؤساء الأميركيون. حين اعتزم جون كنيدي ايفاد بعثة للتفتيش على البرنامج النووي "الاسرائيلي"، قضت عليه رصاصة هارفي أوزوالد الذي ما لبث أن قضى برصاصة جاك روبي.

صدمة الادارة بعملية طوفان الأقصى تعدّت الصدمة "الاسرائيلية" (أين وكالة الاستخبارات المركزية ؟). الخوف من أن يأخذ التاريخ في الشرق الأوسط، تاريخ الموتى، مساراً آخر. لم يعد "الاسرائيليون" جبابرة المنطقة. الفلسطينيون حتى في قبورهم، جبابرة المنطقة.

اليوم التالي لذلك المساء، فجّر جو بايدن قنبلته في رأس نتنياهو. قال "سلامة الشعب اليهودي على المحك"، وهو يقصد "وجود الشعب اليهودي على المحك"، ليحمّل الائتلاف الحالي مسؤولية الحالة التي جعلت الدولة العبرية على مسافة صفر من النهاية. انها "متلازمة العقد الثامن" التي جعلت بتسلئيل سموتريتش يرتعد.

بايدن دعا زعيم "الليكود" الى تغيير حكومته. التفسير التلقائي "اترك مقعدك، وفي خط مستقيم الى الزنزانة"، ليأتي الرد السريع "الشخص الوحيد الذي يصلح لرئاسة الحكومة حالياً، هو الشخص الذي يمكنه معارضة الضغوط الأميركية. "هل هو الصراع بين بايدن ونتنياهو؟ ام هو الصراع بين أميركا و"اسرائيل"؟ لننتظر اذا كان البيت الأبيض سيقوم بخطوات عملية أم يكتفي بالكلام..

ولكن ¸هل يمكن للرئيس الأميركي أن يقول ما قاله بعيداً عن توجهات مراكز القوى داخل الاستبلشمانت، لا سيما حين يقول ان "اسرائيل بدأت تفقد دعم المجنمع الدولي". أليس المجتمع الدولي ذلك الكونسورتيوم الأميركي، بامتداداته الأوروبية والآسيوية، وحتى... العربية؟

فجأة اكتشف الرئيس الأميركي أن القصف "الاسرائيلي" على غزة أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين، كما لو أن صور المذابح كانت تصله على ظهور البغال.

النقطة الزلزالية هنا، هي في دعوة بايدن الى تشكيل حكومة لايجاد "حل طويل الأمد للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني" ، (لماذا لم يقل بحل الدولتين ؟). ايتامار بن غفير يرى أن قيام دولة فلسطينية يعني دمار "اسرائيل". ولكن أي "اسرائيل" بعد 7 تشرين الأول (وبعد الهروب الكبير من جنوب لبنان)؟ سواء قامت دولة فلسطين أم لم تقم (وهي ستقوم) ، لم تعد "اسرائيل" تزعزع عظام الجنرالات العرب من الطلقة الأولى.

المهم ألا تقتصر المسألة على تصفية جو بايدن حساباته مع بنيامين نتنياهو الذي اذلّه كثيراً. لكن الأرض تجاوزت الاثنين. رأسان في طريق الانفجار... !!

الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل