اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اسقط الرئيس الاميركي جو بايدن دولته من عالم الاخلاق، وهو دان تصرفه، في دعم كيان غاصب، يحتل ارض فلسطين، عندما لم يعد يحتمل ما يقوم به رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، من دمار وقتل وتهجير في غزة، فلم يوفر الجيش الصهيوني الاحياء السكنية، التي سقطت مبانيها على قاطنيها من اطفال ونساء ومسنين ورجال، في مجازر، لم تشهد لها الانسانية مثيلا في تاريخها الحديث، ومنذ ما بعد الحرب العالمية الثانية تحديداً، اذ ظهرت اميركا امام العالم ورأيه العام، بانها دولة تؤيد الاجرام، وهي داعمة بالسلاح والمال، و"الفيتو" داخل مجلس الامن الدولي، ضد وقف الحرب المستمرة منذ 70 يوماً، والتي كان بايدن بنفسه هو من اطلقها، بحضوره الى "اسرائيل"، التي اعلن انها يجب ان تبقى، وارسل البوارج لحمايتها، ومنع توسع الحرب ضدها من دول مساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة، وتحديداً حركة "حماس" التي وافق بايدن مع نتنياهو على ضرورة القضاء عليها، واقتلاعها من غزة.

فالرئيس الاميركي المتحول الى حد ما عن مواقفه مع بداية الحرب على غزة، في ما اعلنه مؤخرا ضد نتنياهو ووزراء في حكومته يعتبرهم متطرفين فانه يختلف معه على الاسلوب، في تحقيق هدف القضاء على "حماس"، كما على المدة التي ستستغرقها العملية العسكرية، بعد ان تحولت الى القصف العشوائي المدمر، ثم الى اجتياح بري، لم يتمكن العدو الاسرائيلي من تحقيق نصر فيه، اذ ما زال المقاومون في غزة، يتصدون لجيش الاحتلال من شمالها الى جنوبها ووسطها، وتحول القتال الى حرب شوارع وكمائن ونسف اماكن وجود الضباط والجنود، اضافة الى تدمير آليات عسكرية، ومنها دبابات "الميركافا"، كما في منعه من تحقيق هدفه الاساسي، وهو احتلال غزة بالكامل، وترحيل اهلها وسكانها، الى خارجها، باتجاه سيناء ومصر، وهو ما لم يحصل بعد نحو اكثر من شهرين، وفق مصدر قيادي في المقاومة الفلسطينية، الذي يكشف عن ان القوة القتالية لفصائل المقاومة، وتحديدا حركتي "حماس" و "الجهاد الاسلامي" ما زالت عالية جداً، ولم تستهلك المواجهة مع جيش الاحتلال سوى 30% منها، والتي يمكن المقاومة ان تصمد لاكثر من سنة، وهي الفترة التي حددها وزير الحرب الاسرائيلي يواف غالانت، لانهاء وجود حركة "حماس"، والسيطرة الكاملة على القطاع.

فالخلاف الاميركي – الاسرائيلي، على اسلوب ادارة الحرب، التي رفض بايدن ان تكون عشوائية، وتصيب المدنيين، وهو وصل الى هذه القناعة، بعد ان اعلنت الامم المتحدة بغالبية اعضائها، عن رفضها للابادة الجماعية، التي تدينها قوانين المنظمة الدولية، فان البيت الابيض وبنتيجة الضغط الدولي عليه، وتحرك الرأي العام العالمي، لا سيما الاميركي، فانه اضطر الى ان يعدّل بمواقفه، لجهة رفض ما يقوم به نتنياهو، الذي كان مع بداية الحرب على غزة، يخرج مزهواً بانه تكلم مع جو ويقصد الرئيس الاميركي، الذي كان يرفض استقباله، الى ان اعلن صهيونيته، واعتبر معركة وجود "اسرائيل"، هي معركته وتجنّد لها، الى ان فضحت المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي، ان "اسرائيل" باتت معزولة دولياً، واميركا مدانة عالمياً، فاعلن بايدن بنفسه، ان بلاده خرجت عن الاخلاق والانسانية، وهي التي تدعو العالم الى الديموقراطية، وحقوق الانسان، اذ ضُرب البيت الابيض من داخله، ووجهت الانتقادات من كبار الموظفين فيه، على السياسة المتبعة في دعم "اسرائيل"، اضافة الى ان تياراً واسعاً في الحزب الديموقراطي لا سيما من الشباب، يرفض ما يقوم به رئيسه بايدن، ويدعو هؤلاء الى عدم القبول بترشحه لدورة رئاسية ثانية، بسبب دعمه "لاسرائيل" وجرائمها.

في هذه الاجواء، خرج بايدن ليعبّرعن تمايزه مع نتنياهو، حول الاسلوب الاجرامي الذي يتبعه، فهو مع الحرب باسلوب آخر، ومع السيطرة على غزة، دون البقاء فيها واحتلالها من جديد، وان تكون موحدة مع الضفة الغربية التي تقاوم منذ عقود، وان تعود السلطة الفلسطينية، الى القطاع، وهذا ما رفضه رئيس حكومة العدو، لانه يريد تشكيل ادارة للقطاع مرتبطة بالمؤسسة العسكرية الاسرائيلية.

وما ظهر من خلاف اميركي – اسرائيلي، وتحديداً بين بايدن ونتنياهو، هو على ثلاث مسائل: الاولى تغييرالاسلوب في الحرب، وتحديد مدة زمنية لها، والحل السياسي لما بعد الحرب، واوفد الرئيس الاميركي مستشار الامن القومي في البيت الابيض سوليفان، الى الكيان الصهيوني، من اجل التباحث مع الحكومة الاسرائيلية ورئيسها، حول هذه المسائل، التي يجب ان يلقى اجوبة عليها، لا سيما ماذا في اليوم الثاني للحرب، التي لا يبدو ان واشنطن تريدها مفتوحة، والتي قد تتوسع الى حرب اقليمية، مع تعرض القوات الاميركية في العراق وسوريا، للقصف الصاروخي، اضافة الى قصف الحوثيين في اليمن للبحر الاحمر واقفال باب المندب امام الملاحة البحرية واحتجاز سفن، اذ ان هذه التطورات مع توسع المواجهة في جنوب لبنان، وتحولها الى مدمرة فان اميركا باتت في وضع محرج دولياً، وفي مأزق حتى مع حلفاء لها، لم يقفوا معها في رفض وقف اطلاق النار في غزة، لا سيما بريطانيا التي تقف وراء اميركا في كل حروبها ومشاريعها، فتمايزت عنها، استجابة لرفض الانكليز للحرب- الابادة، وكذلك فرنسا التي بات رئيسها ايمانويل ماكرون في موقع ضعيف جدا، وتابعا لاميركا، وقد عرف عن استقلالية القرار الفرنسي.

فالتباين الاميركي – الاسرائيلي هو على الاسلوب في الحرب وما بعدها، لا على بقاء الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية.


الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل