اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما السبب الذي جعل الولايات المتحدة تغادر مسرح الصراع (صراع القرن) في الشرق الأوروبي، وفي الشرق الآسيوي، لتنتقل، بالأرمادا العسكرية، والديبلوماسية، الى الشرق الأوسط ؟

ألم تكن على وشك الانسحاب منه لو لم يطرح جاريد كوشنر، الحصان اليهودي داخل البيت الأبيض، وداخل العائلة، على دونالد ترامب "صفقة القرن" ان لاحتواء الايديولوجيات المجنونة أو كطريق توراتي الى التاريخ؟

في نظر الجنرال ديفيد بتريوس، وكان مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية، أن الخروج من هذه المنطقة يعني الخروج من تركيا، ومن باكستان، ومن مصر، ومن المغرب، ومن الخليج بطبيعة الحال، وهي بلدان بمثابة البوابات الاستراتيجية لعشرات البلدان الأخرى.

لا ندري ما اذا كان جو بايدن يفكر هكذا أم أنه يخضع لنفوذ اللوبي اليهودي، ان بتأثيره الأخطبوطي في صناديق الاقتراع، أو لدوره داخل مراكز القوة، من الكابيتول الى وول ستريت، وحتى الى هوليوود والأمبراطوريا ت الاعلامية الكبرى .

وكان الديبلوماسي المخضرم مارتن انديك قد رأى أن ما من دولة اقليمية، بما في ذلك تركيا، تستطيع حماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط . "نحن موجودون هناك ما دامت اسرائيل موجودة هناك..." !

ولكن هل اسرائيل عام 2023 هي اسرائيل عام 1967، وان جرى، منهجياً، تفكيك، أو تفجير، دول عربية بغية تتويج الدولة العبرية ملكة على الشرق الأوسط الذي نشأت فيه، وعلى هامش الأنظمة، "حالات ايديولوجية"، أو "حالات اعتراضية" أثرت في مساره التاريخي، توازياً مع التقهقر الذي حدث في الدور الاسرائيلي، ان على المستوى التكتيكي، أو على المستوى الاستراتيجي، دون أن تكون الفوضى السياسية وحدها، ناهيك عن السياسات العمياء، وراء ذلك.

لا مجال للرهان على تغيرات وشيكة في السياسات الأميركية، بالتناقضات التي تثير حيرة حتى أقرب الحلفاء . وقد لوحظ كيف أن الرئيس الأميركي يتراجع أمام بنيامين نتنياهو، بالرغم من قوله أن حكومة هذا الأخير تضع مستقبل الشعب اليهودي في خطر، ما حمل الفيلسوف الفرنسي اليهودي آلان فينكلكروت على ابداء تخوفه من "ذلك الضجيج في اللاوعي الغربي"، وان كان الخبراء يعتقدون أن أي تحول في الحكومات، وفي المجتمعات، الغربية، يحتاج الى سنوات طويلة .

الملاحظ الآن مدى تركيز وسائل الاعلام الأوروبية على التشققات السياسية، والثقافية، داخل النخب الأميركية، بدءاً من الجامعات . "اللوموند" خرجت، في عدد 18 و 19 كانون الأول، بمانشيت صارخ "هارفارد تتمزق". هارفارد الجامعة الأولى في الولايات المتحدة (2500 استاذ و 25000 طالب)، والتي خرج منها 8 رؤساء أميركيين، و 79 من حملة نوبل، حتى أن أحد رؤسائها لورنس سامرز (2001 ـ 2006 ) قال "ان الله يخلق الأدمغة، ونحن نتولى تشغيلها".

التشققات تعود الى حالة الصدمة لدى آلاف الأساتذة، وآلاف الطلبة، من عمليات الابادة في غزة. بما يشبه المكارثية في الخمسينات من القرن المنصرم، وتحت شعار معاداة السامية، دعا 74 مشرّعاً الى طرد رئيسة الجامعة السوداء كلودين غاي عقب جلسة استماع مثيرة في الكونغرس حول معاداة السامية في حرم الجامعة .

الدعوة ارتطمت برسالة مساندة وقعها المئات من الأساتذة، بعدما نجح المشرعون اياهم في حمل رئيسة "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا"، وهي من أهم جامعات العالم ، سالي كورنبلوث على الاستقالة .

نسخة أخرى عن المكارثية التي تحت شعار "خطر الشيوعية"، سقط آلاف الضحايا، ومنهم ألبرت اينشتاين، وآرثر ميلر، وجورج مارشال (وزير الخارجية وصاحب مشروع مارشال)، ومارتن لوثر كينغ، وتشارلي شابلن، وكذلك علماء يهود بارزون .

توازياً مع الهيستيريا العسكرية في غزة الهيستيريا السياسية في واشنطن، وتحت شعار "معاداة السامية كشعار لـ "ازالة"  كل من يعارض البربرية الاسرائيلية.

شتان بين المكارثية الأولى والمكارثية الثانية. ألم يقل السناتور برني ساندرز "العدو الأكبر لاسرائيل هو اسرائيل".  الآن، وفي أميركا، ثمة من يقول ان "العدو الأكبر لأميركا هو اسرائيل ..."


الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل