اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

رُحّل الاستحقاق الرئاسي في لبنان الى العام الجديد، في الوقت الذي تجري فيه المساعي الإقليمية والدولية من أجل إرساء هدنة جديدة في غزّة تدوم لأسبوعين، يجري خلالها وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار على غزّة، وتبادل الرهائن والأسرى من الجانبين، على غرار ما حصل خلال الهدنة الأولى التي دامت سبعة أيّام... غير أنّها لن تكون مثل الصفقة السابقة، بل ستكون موجعة "لإسرائيل" لأنّها ستشمل هذه المرّة فلسطينيين محكومين بأكثر من إعدام من قبل العدو، مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات وسواهما، وستتطلّب وقف العدوان وإنهاء الحصار على قطاع غزّة. فهل يتمّ التوافق على هذه الهدنة الجديدة خلال الساعات المقبلة، على أمل أن يتمّ التوصّل الى وقف دائم لإطلاق النار، الأمر الذي يُبشّر بالتقاط الغزّاويين والجنوبيين أنفاسهم، وتمرير الأعياد في جوّ من الهدوء والاستقرار مع الأهل والأصدقاء؟!

مصادر سياسية مطّلعة أبدت تفاؤلها بالتوصّل الى هدنة جديدة في غزّة، لا سيما في ظلّ الجهود التي يبذلها القطريون الذين اجتمعوا بمسؤولين إسرائيليين في النروج السبت الفائت، وتوجّه أمس الأربعاء رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على رأس وفد قيادي الى مصر للقاء قيادي في الجهاد الإسلامي، ومدير المخابرات المصرية عبّاس كامل للبحث في تفاصيل الإتفاقية وبلورتها، وإنهاء الحصار على غزّة، بعد أن أبدت "إسرائيل" استعدادها للموافقة على هدنة جديدة لقاء إطلاق سراح رهائن اسرائيليين لدى "حماس".

ويجري البحث، على ما أوضحت، أن تمتدّ الهدنة لمدّة أسبوعين، تجدها  "إسرائيل" ستأتي لمصلحة "حماس"، في حين أنّها ستمنح الحركة المزيد من الوقت لجمع الرهائن الذين ليسوا جميعهم في قبضتها حالياً. وتقول انّ "إسرائيل" ستدفع هذه المرّة ثمناً باهظاً، كونها ستكون مرغمة من أجل الحصول على المجنّدات والجنود العسكريين المحتجزين لدى "حماس"، على الإفراج عن بعض الذين تعتبر أنّ "أياديهم ملطّخة بالدم"، وهم محكومون من قبلها بأكثر من مؤبّد لإدانتهم بمقتل إسرائيليين مثل مروان البرغوتي وأحمد سعدات وسواهما. وتعتبر هؤلاء القادة الفلسطينيين "صيداً أو كنزاً ثميناً" لديها ستُضطر الى التخلّي عنه مقابل حصولها على الرهائن الجنود.

وتُشكّل هذه الصفقة في حال تمّت، وفق المصادر نفسها، رغم سعي القادة الفلسطينيين والقطريين الى تحويلها من هدنة لمدّة اسبوعين الى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحصار على قطاع غزّة، وخصوصاً أنّ "إسرائيل" لا تزال تُهدّد باستئناف الحرب ضدّ "حماس" بعدها، "صفعة موجعة" "لإسرائيل"، كونها ستضطر الى تقديم التنازلات خلالها... فبعد أن توعّدت وهدّدت بالقضاء على "حماس" وبأنّها ستعمل على إطلاق سراح الرهائن من خلال العملية البريّة، لم تتمكّن من ذلك رغم مرور 76 يوماً على حربها على غزّة.

وتقول انّ "إسرائيل" تبحث في صفقة تبادل الأسرى والهدنة  المرتقبة بشكل جدّي، بعد سلسلة الإحتجاجات الداخلية التي باتت تُشكّل خطراً كبيراً على الحكومة المدعوّة الى الإستقالة فور وقف إطلاق النار، أو التي قد تُقال في حال استمرّت بعدم الوفاء بوعودها للشعب الإسرائيلي الذي لا يتحمّل رؤية دفن عدد من القتلى في صفوف العسكريين بشكل يومي. فضلاً عن تذمّر الجنود الإسرائيليين لأنّهم لا يمكنهم الإستمرار في الحرب لنحو ثلاثة أشهر، لا سيما مع وصول عدد القتلى منهم الى 464 جندياً، من بينهم 132 عسكرياً قتلوا في العملية البريّة التي لم تُحقّق أي نتيجة مرجوّة. كما تبقى مسألة الخلافات الداخلية قائمة في "إسرائيل" حول الجهة التي تتحمّل مسؤولية نجاح عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها "حماس"، وكيف ستتم معاقبة هؤلاء المسؤولين.

من هنا، ثمّة أمور كثيرة تدفع الإسرائيليين لتقديم التنازلات رغماً عنهم، على ما ذكرت، بعد أن وعدوا الداخل والخارج بالقضاء على "حماس" أو على قادتها في غضون أسابيع، ولم يُفلحوا سوى بقتل المدنيين من نساء وأطفال وتدمير أكثر من ثلث قطاع غزّة. ولهذا تغيّرت اللهجة أخيراً فصرّح بعض المسؤولين أنّ بإمكانهم إبرام صفقة لاستعادة الرهائن العسكريين، ومن ثمّ يستكملون الحرب على "حماس". ولكن هل سيُوافق قياديو الحركة على هذا الأمر، أي على تسليم الإسرائيليين الورقة الرابحة الأخيرة التي يملكونها مقابل هدنة لأسبوعين فقط، من دون الوقف الدائم لإطلاق النار وإنهاء الحصار على غزّة، يعود بعدها العدوان ليُستكمل على  القطاع؟! يبقى الجواب رهن بقرار المقاومة الاسلامية في هذا الصدد والذي سيظهر في الساعات المقبلة خلال المفاوضات الجارية.

وأشارت المصادر عينها الى أنّ الفيديو الذي بثّته "حماس" بعد مقتل 3 رهائن بنيران الإسرائيليين أنفسهم، ويُظهر 3 رهائن إسرائيليين يتحدّثون عن تقصير الحكومة في السعي لإطلاق سراحهم تحت عنوان "لا تدعونا نشيخ"، قد أثّر في قرار المسؤولين الإسرائيليين في ضرورة السعي الى هدنة جديدة تتضمّنها صفقة لإطلاق سراح جميع المحتجزين العسكريين لدى "حماس".

وبناء عليه، ففي حال الموافقة على هدنة الأسبوعين، وتقرير بنودها في قطر، فإنّ الهدوء والإستقرار سيسودان قطاع غزّة والضفّة الغربية، كما الجنوب اللبناني. الأمر الذي سيُسهّل عودة بعض الأهالي لتفقّد منازلهم في القرى التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي، ولتمضية فترة عيدي الميلاد ورأس السنة في منازلهم وبين أهلهم وذويهم. ومن المتوقّع، بحسب المعلومات، أن تستعيد الجبهة الجنوبية الهدوء سريعاً، في ظلّ التحذيرات الأميركية والأوروبية "لإسرائيل" من عدم توسيع الحرب لتشمل كامل لبنان. فضلاً عن عدم ذهاب الإسرائيليين الى اتخاذ أي قرار بتوسيع الحرب بعد الهدنة، سيما أنّهم يعلمون، على ما أعلنوا، أنّ قدرات "حزب الله" تُساوي عشرة أضعاف قدرات "حماس". فما الذي سيجعلهم إذاً يتخذون قرار شنّ الحرب على لبنان، بعد أن قاموا بحربهم على غزّة بهدف القضاء على "حماس" ولم يتمكّنوا من تحقيق هذا الأمر رغم دخول الحرب شهرها الثالث؟

 


الأكثر قراءة

مفوضية اللاجئين لن تسلم «داتا» النازحين واجتماع في بكركي وتحركات شعبية الورقة الفرنسية كتبت «بالإنكليزية» وتجاهلت «الرئاسة» و14 ملاحظة لبنانية صواريخ بركان تلاحق غالانت وعمليات نوعية للمقاومة و30 غارة للطيران المعادي