اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الام تستطيع ان تكشف هذا الأمر من خلال علاقتها بأولادها ومتابعتها لهم بدقة. لكن هناك مشكلة تتمثل في أن بعض الأمهات لا يجلسن مع أطفالهن جيداً بسبب العمل خارج البيت. أن قوة العلاقة بين الأم وطفلها هي التي ستساعدها على كشف كذبه، واذا خفت هذه العلاقة سوف تكشف الكذب في مرحلة متأخرة وعن طريق المعلمات اللواتي ينبهنا، وتضطر حينئذ الى عرضه على الاختصاصيين للمعالجة. لكن في الحقيقة العلاج لا يكون للطفل وحده بل أيضاً لشبكة العلاقات السائدة في المنزل، فالمشكلة تكمن في السلوك الذي اكتسبه الطفل على مدى سنوات ولم يواجه بطريقة سليمة لذلك وصل الى هذه المرحلة من الكذب.

ليس هناك من انسان لا يكذب، فالكذب أمر شائع جداً في السلوك الانساني، وهو في بعض الحالات يشكل جزءا من التفاعل مع الظروف.

الكذب المرضي او ما يسمى Mythomania هو المرحلة التي يصل اليها الراشد نتيجة سوء التربية في الطفولة، فيعيش وكأنه على خشبة مسرح ويبالغ في مشاعره سواء أكان بالفرح أم بالحزن ويصبح انساناً مزيفاً.

يعتبر علم النفس ان لكل سلوك شقاً وراثياً وآخر مكتسباً، والشقان يتفاعلان باستمرار. فوراثياً اذا لاحظت الأم ان أحداً ما في العائلة معتاد الكذب يجب ان تتوقع انجاب طفل على هذا النحو، ويجب ان تتدارك الامر. لكن السؤال: هل الطفل سيكون تمام الشبه بابيه وبخاله او غيرهما ممن يكذب في العائلة؟ هنا يدخل الشق المكتسب، فاذا عرفت الام كيف تعالج هذه المشكلة منذ البدء فلن تتفاقم ويمكن القضاء عليها، اما اذا لم تعرف التعامل معها كما يحصل في اكثر  الحالات لسوء الحظ، فان طفلها سوف يعتاد الكذب في المستقبل، يبدأ الطفل في سنته الثانية عندما يشعر انه كيان مستقل عن الآخرين، ويظن ان العالم يتمحور حوله وان هناك امكانية عدم قول الاشياء على حقيقتها، لكن في هذه المرحلة لا نسمي ما يقوم به كذبا انما خيالا واسعا لاننا نعتبر ان الطفل حتى عمر سبع سنوات لا يملك الادراك والنضج الكافيين ليميز بين الواقع والخيال، بين الحقيقة والوهم لكن بعدما يبلغ الطفل سنته السابعة يدخل مرحلة يستطيع فيها ان يميز بين هذه الامور. فاذا شعرت الام انه ما زال يكذب ويلجأ الى الخيال عليها ان تسأل نفسها: هل سعينا نحن لافهامه بعض القيم الاخلاقية كقول الحقيقة والابتعاد عن الكذب؟ فهذه الامور لا نستطيع ان ننتظر حتى يبلغ سن السابعة كي نوصيه بها، انما يجب ان يربى عليها. هناك امثلة عن الامور التي يكذب فيها الطفل قبل سن السابعة! ايمكن ان يقول لامه مثلا اقمنا في المدرسة سباقا في الركض وكنت الفائز، وهناك احتمال ان يكون الاخير في هذا السباق، وهذه الحالة تدخل في خانة الكذب التعويضي، فهو يتمنى ان يكون على هذا النحو لكن ليس لديه المقدرة الجسدية الكافية، وهذا النوع من الكذب ليس خطرا، لكنه يتطور مع الوقت ويدخل مرحلة الخطر، فكثير من الراشدين يروون عن انفسهم قصصا خيالية وبالتالي يخسرون احترام المجتمع، وهناك مثال اخر وهو ان يقول الطفل لامه رسمت رسمة جميلة وعلقتها المعلمة على الحائط ويكون ذلك غير صحيح. وهناك بعض الامهات يعتقدن عن حسن نية انهن يجب ان يشجعن اطفالهن ليحققوا نتائج جيدة فيدخلن في اللعبة ويسهمن في دفع الاولاد الى تكرارالكذب. وثمة امهات يعتبرن ما يقوم به اطفالهن نوعا من خفة الدم، وبهذا يمعن الاطفال في ما يدعونه، ويتكرر الكذب كل يوم عن طريق اختراع المزيد من القصص ويصبح هذا الامر جزءا من شخصياتهم وقد يصل الى درجة الكذب المريض.

الخطوات العملية لمكافحة الكذب:

قبل السنة السابعة وهي المرحلة الاساسية التي تترسخ فيها القيم الانسانية والاخلاقية، وقد يكتسب الاطفال سلوكا سلبيا، علينا الا نشجع الطفل الذي يكذب بان نضحك له، ونفرح بالقصص التي يخترعها، لان ذلك سوف يشجعه على معاودة الكذب وبطرق اكثر خطورة، اعادة الطفل الى طريق الحقيقة، فاذا شعرت الام ان طفلها يبالغ في وصف حالة معينة، يجب ان تستدرجه باسئلتها لتعيده الى قول الحقيقة، من دون ان تشعره بانها اكتشفت كذبه او تقول له "انت كاذب" وعليها ان تحصر المشكلة بينها وبينه، ولا تشيعها امام الوالد وبقية افراد العائلة واشدد هنا على عدم التلفظ بكلمة كذب او كذاب وغيرها اي لا نوجه اصبع الاتهام الى الولد، فذلك يدفعه الى تصنيف نفسه كاذبا وبالتالي سوف يكذب ما دام الاخرون يتوقعون منه ذلك.

بعد السنة السابعة عادة يتمحور الكذب على العلاقات والدروس، وهنا العلاج يكون ايضا بسعي الاهل الى اكتشاف سبب اخفاء الولد هذه المعلومات. فقد يكون خائفا اما بسبب تشدد والديه، او بسبب الضغوط التي تمارس عليه من قبلهما، وتوقعهما منه نتائج قد يعجز عن تحقيقها فيخاف تشويه صورته امامهما.

اتفاق الاب والام على كل الامور المتعلقة باولادهما، فما هو مقبول يجب ان يكون مقبولا من الاثنين وما هو مرفوض يجب ان يرفضه كلاهما، ومن الخطأ ان تقدم الام، بدافع عاطفي، على اخفاء اخطاء الاولاد عن ابيهم، بل عليها ان تتعاون معه على تلاقي هذه الاخطاء وهناك ظاهرة تدخل ضمن اطار الكذب وهي اختراع صديق خيالي بالطبع ليس كل الاطفال يعيشون هذه الظاهرة لكن البعض يعتبرها دليل ذكاء. من الافضل اذا شعر الوالدان بذلك، ان يسألا نفسيهما هل طفلنا يشعر بالوحدة؟ هل نحن نقسو عليه او يعاني من اي نقص؟ هذه المسألة تعتبر اشارة حمراء للاهل ودليلا على وجود خلل ما، يجب التنبه اليه ومعالجته قبل ان يتفاقم الامر.

 


الأكثر قراءة

بكركي ترفض «دفن الديمقراطية وخلق السوابق» وبري يعتبر بيان «الخماسية» يُـكمل مبادرته شرف الدين يكشف لـ«الديار» عن لوائح للنازحين تنتظر موافقة الامن الوطني السوري تكثيف معاد للإغتيالات من الجنوب الى البقاع... والمقاومة مستمرة بالعمليات الردعية