اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ليس خافيا ان الغارات التي شنتها طائرات حربية وسفن وغواصات أميركية وبريطانية على أهداف للحوثيين في أنحاء اليمن، أبعد ما تكون عن قرار اميركي باشعال الحرب في المنطقة. فواشنطن التي تنشط منذ بدء حرب غزة على خلفية عملية "طوفان الأقصى" لتفادي تمدد الصراع في المنطقة ويقوم دبلوماسيوها بجولات مكوكية بين بيروت وتل ابيب لحض الطرفين على عدم توسيع جبهات القتال، لا تسعى على الاطلاق الى سحب الشرارة من جنوب لبنان لتضعها في البحر الاحمر واليمن. اذ تقول مصادر مطلعة ان "واشنطن وجدت نفسها مضطرة الى التحرك عسكريا بوجه الحوثيين بعدما اعتبرته تماديا من قبلهم بتهديد الملاحة في البحر الاحمر ما يهدد الاقتصاد العالمي ككل. لكن حجم الضربة يؤكد انها لا تهدف الى تفجير المنطقة انما الى تقليم اظافر الحوثيين وتثبيت دور الولايات المتحدة القيادي في حماية خطوط الملاحة في المنطقة والى تثبيت معادلة الردع في البحر الاحمر".

وترددت الادارة الاميركية كثيرا قبل تنفيذ الضربة وهي لم تجد الا بريطانيا لتشاركها فيها بعد رفض باريس وعواصم اخرى الانخراط فيها خشية تداعياتها. الا ان الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الاميركي جو بايدن وخصوصا من الجمهوريين لتحجيم الدور الحوثي والتصدي لما يقوم به الحوثيون في البحر الاحمر، كانت عنصرا اساسيا ادت الى اتخاذ القرار النهائي بالضربة التي تم الاعداد لها باتقان كيلا تخرق قواعد الاشتباك وتجر ايران الى حرب لا تريدها هي كما لا تريدها واشنطن.

وفي الوقت الذي يترقب الجميع شكل وحجم وتوقيت الرد الحوثي، الذي يُرجح الا يخرق هو الآخر قواعد الاشتباك انما سيكون على مستوى الحدث وسيسعى من خلاله الحوثيون الى تنبيه الاميركيين من تكرار فعلتهم، يبدو محسوما ان الضربة الاميركية- البريطانية المشتركة لن تؤثر في قرار الحوثي دعم غزة من خلال اعتراض سفن تتجه الى "اسرائيل" تماما كما ان كل الضغوط العسكرية والدبلوماسية لم تؤثر في قرار حزب الله مواصلة فتح جبهة الجنوب اللبناني دعما لغزة. وهنا تقول المصادر: "ما يحصل يؤكد استراتيجية وحدة الساحات بحيث لن تسمح قيادة محور المقاومة بالاستفراد بأي من مكونات هذا المحور... الكل يعي ان ما يقوم به الحلفاء يؤلم الاسرائيليين ومن خلفهم الاميركيين وحلفاءهم لذلك لن يسلموا اوراقهم بهذه السهولة خاصة مع بدء الحديث عن اليوم التالي للحرب وانطلاق العمل على اعداد مشاريع للحل سيحرص هذا المحور على ان تخدم مصالحه ومصالح الفلسطينيين لا شك على حساب مصلحة اميركا واسرائيل".

وتبدو واشنطن الى حد كبير متخبطة او اقله غير قادرة على التأثير في مسار الامور وواقع الحال في المنطقة. فلا الاسرائيليون، حليف اميركا الاساسي، يقبلون بالتراجع عن خططهم والتي تبدو طموحة جدا وغير قابلك للتطبيق وابرزها تلك المرتبطة بالقضاء على "حماس"، ولا هم على ما يبدو بصدد وقف محاولاتهم لتوريط الادارة الاميركية من خلال دفعها للمشاركة في الحرب بوجه حزب الله وايران وباقي دول ومجموعات المحور. حتى الساعة لا يزال بايدن، الذي يرغب في اقرب وقت ممكن بالتفرغ لحملته الرئاسية، يتفادى الافخاخ الاسرائيلية، الا ان لا شيء يمكن حسمه في منطقة تغلي وقد تنفجر مع اي حدث كبير غير محسوب كما لا شيء يدعو للاطمئنان طالما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يتصرف كانتحاري وعلى قاعدة "عليي وعلى اعدائي"، فلا يهمه ان تشتعل المنطقة ككل اذا كان ذلك ثمن بقائه في السلطة وعدم تحميله مسؤولية "طوفان الاقصى" وما تلاه من ابادة جماعية جعلت اسرائيل تُحاكم للمرة الاولى بتاريخها امام محكمة العدل الدولية.



الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت