اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تتجاوز المعارضة بعد ما جرى في اجتماع مجلس مجلس الوزراء يوم الجمعة من رد ثلاثة قوانين، وموقف لافت لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في شأن الحرب، ولا يزال التفاعل مع الموقفين جاريا في الاوساط السياسية. فاعلان ميقاتي موقفا رسميا بشأن الحرب، وقوله " نطالب بوقف اطلاق نار في غزة بالتوازي مع وقف إطلاق نار جدي في لبنان"، تم تفسيره واعطاؤه أبعادا تتعلق بوحدة الساحات، واهميته انه جاء بعد زيارة الموفد الأميركي اموس هوكشتاين الى بيروت، في وقت كان لبنان يراهن على الجهود الديبلوماسية. كما ان الأهمية الكبرى تكمن في التماهي بين ميقاتي وحزب الله، بما يعكس اطمئنان رئيس حكومة تصرسف الاعمال لفريق المقاومة. والمسألة التي لا تزال محور الحديث، هي ما جرى في جلسة مجلس الوزراء برد القوانين، فهذا الاجراء سبب "نقزة"، واستدعى استنفارا مسيحيا عالي المستوى من رأس الكنيسة الى الفعاليات والقيادات المسيحية، ردا على التعدي على صلاحيات الرئاسة الأولى.

من هذا المنطلق، تتخوف مصادر المعارضة ان تكون الجلسة الماضية "بروفا" لما ستحمله الايام المقبلة من مفاجآت حكومية، تتضمن اصدار مراسيم تحت عنوان محاربة التعطيل وتفعيل عمل الحكومة وتسيير المؤسسات. الخوف لدى المعارضة ان تتكرر التجاوزات في ظل غياب رئيس الجمهورية وشغور الرئاسة، وعليه تتجه الانظار الى الجلسة التي يتم التحضير لها لإقرار التعيينات العسكرية، بعد الاتفاق السياسي بين مكونات معينة على رئاسة الأركان، بعد انتهاء المهلة لجواب وزير الدفاع في الخامس عشر من كانون الحالي، فيما الواضح ان "التيار الوطني الحر" هو المعارض الابرز الى جانب "القوات"، باعتبار اجراءات حكومة تصريف الاعمال هي تعدّ على صلاحيات الرئاسة، وخرقا فاضحا للدستور.

يستند ميقاتي في خطواته الى ضرورة تسيير مرافق ومؤسسات الدولة ومحاربة التعطيل، مبررا عمل الحكومة بانه طبيعي في ظل الفراغ الكبير، نافيا ان يكون اجتماع الحكومة غير دستوري او يشكل تحديا لأحد.

وعلى الرغم من خلافات "الوطني الحر" و "القوات" والمعارضة حول عدد كبير من الملفات،  فان الاطراف الثلاثة متفقون على ان جلسة يوم الجمعة تعتبر تعديا على الرئاسة، مع مخاوف من ان ينسحب على اجتماعات محلس الوزراء المقبلة، ويصبح خرق الدستور أمرا عاديا يمر مرور الكرام من دون اي معارضة او انتقاد.

التوافق المسيحي على رفض ما جرى في مجلس الوزراء لا ينطبق على ملفات أخرى، ولا يبدو ان الانهيار المسيحي على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية يعطي دفعا للتلاقي، وقد وصل الانهيار الى مستوى قياسي وسط حالة انفصام لدى القيادات المسيحية عن الواقع وانفصال عن الأحداث، بدل اتفاق القيادات المسيحية على الرئاسة لملء الفراغ، فان الاتفاق المسيحي لايحصل إلا "على القطعة"، كالتقاطع حول مرشح لا يملك حظوظا للرئاسة الأولى، ورفض المشاركة في جلسات الحكومة.

الهواجس المسيحية، كما يؤكد سياسي مسيحي، تضاعفت مؤخرا مع تفاقم الأزمات كافة، ومن جراء النزوح السوري الذي يستنزف المجتمع اللبناني بأكمله والمسيحي بصورة خاصة، لأنه وفق التوقعات سيكون على حساب الوجود والكيان في حال وقع التغيير الديموغرافي الجديد. وفي غزة لم يوفر الإجرام الاسرائيلي المسيحيين في الكنائس والمدارس والمستشفيات، وهذا الأمر يبعث على القلق من تكرار نموذج مسيحيي المشرق العربي وما أصابهم من هجرة واضطهاد .

ولا تستبعد مصادر سياسية ان يكون الوضع المسيحي دراماتيكيا، في حال نشوء حرب إقليمية، وشبيها بوضع مسيحيي الشرق ومرشحا للمزيد من الانهيار، مع تراجع حوافز البقاء وانعدام فرص العمل، وتدهور المؤسسات وهجرة الشباب، مقابل تقدم حركة النازحين الجدد الى لبنان . فقوافل النازحين السوريين المتزايدة على امتداد الاشهر الماضية، تطرح تساؤلات حول اندفاعتها المفاجئة، وما إذا كان ذلك مقدمة لفرض واقع لبناني جديد على حساب الوجود المسيحي في لبنان.

وقد أثبتت التجارب ان المسيحيين كانوا الفئة الأكثر تشظيا بالأحداث السلبية التي عصفت بلبنان، بحسب السياسي المسيحي، وأنهم دفعوا فواتير الحرب والسلم وثمن التسويات والتفاهمات، التي لم تكن مردوداتها إيجابية على الوضع المسيحي على الإطلاق. ومن هذه النقطة بالذات الأفضل توحيد الموقف والتوجه الى ساحة النجمة لانتخاب رئيس جمهورية، بدل الاكتفاء بالبكاء غير المفيد فوق رأس الميت، والهجوم على الحكومة واتهامها بمصادرة صلاحيات الرئاسة.