مع تواصل الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزّة وجنوب لبنان، وعدم نجاح أي محاولة في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار، وعدم تأثير التظاهرات الشعبية التي تشهدها دول عديدة في العالم، مطالبة بتحرير فلسطين على قرار استكمال العدوان الوحشي على غزّة، تتجه الأنظار الى ما سيصدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، بشأن الدعوى التي تقدّمت بها جنوب أفريقيا لإدانة "إسرائيل" بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. فضلاً عن التدابير المؤقّتة المرفقة بالدعوى التي طالبت بها كون القرار النهائي سيأخذ وقتاً طويلاً، وهي تتعلّق بوقف الأعمال العدائية فوراً في قطاع غزّة. فهل يصدر مثل هذا التدبير المؤقت قريباً؟ وهل يُلزم العدو بوقف عدوانه على غّزّة وعند الجبهة اللبنانية الجنوبية. مع عدم موافقة واشنطن حتى الساعة الذهاب الى وقف إطلاق النار؟!
تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة بأنّ "إسرائيل" غالباً ما لا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، والدليل خرقها للقرار 1701 منذ صدوره في 12 آب 2006 حتى يومنا هذا، 30 ألف مرّة برّاً وبحراً وجوّاً.. ولكن هنا، فإنّ التدبير المؤقّت الذي سيصدر عن محكمة العدل الدولية قريباً لا يمكنها التنصّل به، كونها تحاكم دولياً بتهمة جرمية. كما أنّ المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة تنصّ في الفقرة الأولى منها أنّه "يتعهد كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة أن ينزل على حكم محكمة العدل الدولية (أي يطبّقه) في أي قضية يكون طرفاً فيها".
أما في حال رفضت "إسرائيل" التنفيذ، فإنّ الفقرة الثانية من المادة نفسها، على ما تابعت الأوساط عينها، تنص على أنّه "إذا امتنع أحد المتقاضين في قضية ما عن القيام بما يفرضه عليه حكم تصدره المحكمة، فللطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن. ولهذا المجلس، إذا رأى ضرورة لذلك أن يقدم توصياته أو يصدر قراراً بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم". وهنا تُطرح إشكاليتين هما: الأولى عدم إمكانية إلزام مجلس الأمن بالاجتماع من قبل أي دولة، في حال قرّر أن لا ضرورة له. والثانية عدم حصول الإجماع من قبل الدول الخمس الدائمة العضوية على القرار أو التوصية، التي يمكن أن يتخذها المجلس في حال اجتماعه، أي ما يفسّر بإمكانية استخدام الولايات المتحدة حقّ النقض "الفيتو" ضد قرار مجلس الأمن.
غير أنّ الاوساط أكّدت أنّه لا يمكن لمجلس الأمن في حال طالبته جنوب إفريقيا بالإجتماع لبحث أمر رفض "إسرائيل" تطبيق التدبير المؤقّت أو القرار الصادر عن محكمة لاهاي، أن يقرّر عدم الاجتماع كون ما تتهم "إسرائيل" به من شأنه تهديد الأمن والسلم الدوليين. وقد نشأت المنظمة الدولية بهدف حفظ الأمن والإستقرار والسلام في دول العالم، وليس العكس. أمّا عن رفض الولايات المتحدة للقرار فيمكن أن يحصل، على غرار ما جرى في كلّ الجلسات التي عُقدت لمناقشة مشاريع قوانين تطالب بوقف إطلاق النار في غزّة، وإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في القطاع.
كذلك فإنّ اتخاذ محكمة العدل الدولية قرار اتهام "إسرائيل" بارتكاب الإدانة الجماعية للشعب الفلسطيني، لن يكون قراراً سهلاً على "الإسرائيليين"، رغم محاولتهم تضليل الرأي العامل العالمي ورفض هذه الإدانة. علماً بأنّ كلّ ما تقوم به "القوّات الإسرائيلية" ضد الفلسطينيين المدنيين بات مكشوفاً أمام الرأي العام العالمي، ولم يعد بالإمكان رفضه أو نكرانه، أو تزوير الحقائق أو قلبها، على ما يفعل المسؤولون "الإسرائيليون" لنفي التهمة عنهم، رغم استمرار العدوان الوحشي والتدمير والقتل على غزّة، كما على جنوب لبنان.
وبرأي الاوساط، إنّ تدخّل دول عديدة في العالم ووقوفها الى جانب جنوب إفريقيا في ما تتهم "إسرائيل" به، يعني أنّ الأمر قد حُسم. كما أنّ أعمال الإبادة قد تأكّدت، ولهذا تنضمّ الدول الى الدولة المدعية بهدف رفع تهمة التقاعس أو التواطؤ أو التحريض على الإبادة التي تنصّ عليها "إتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها". وهذه الإتفاقية تعني جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، سواء كانت موقّعه عليها أم غير موقّعة. كما أنّ واجب المنع يقع على عاتق كلّ الدول الأطراف الموقعة عليها، وجريمة منع الإبادة هي قاعدة عرفية ملزمة، جرى إقرانها بالإتفاقية. وهذا يعني بالدرجة الأولى، أنّ "إسرائيل" ملزمة بمنع الإبادة، سواء كانت موقّعة على الإتفاقية أم لا، علماً بأنّها وقّعت عليها في العام 1951. فكيف إذا كانت ترتكبها ولا تمنع حصولها فقط؟ فإنّ الأمر يرتّب عليها أعباء قانونية عديدة.
من هنا، أشارت الأوساط نفسها، الى أنّ الدول التي لم تتحرّك لمنع الإبادة الجماعية في غزّة، وهي كلّها مسؤولة ضمن نطاق الإتفاقية وضمن القانون الدولي، ويترتب عليها بالتالي مسؤولية دولية قانونية لأنها لم تقم بمنع الإبادة ولم تُحاول منعها. ولهذا نرى أنّ بعض الدول بدأت تُغيّر موقفها من حرب غزّة، على أنّها ليس كما تدّعي "إسرائيل" تهدف الى القضاء على الإرهاب، إنّما هي فعلياً جرائم ضدّ الإنسانية، وإبادة جماعية تهدف الى قتل الفلسطينيين والى تهجير كلّ من تبقّى منهم الى خارج قطاع غزّة. ولهذا لا بدّ من وقف هذه الحرب الوحشية والمدمّرة على غزّة، كونه من شأن تداعياتها تهديد الأمن والسلم الدوليين.
يتم قراءة الآن
-
كيف أبعد تيمور و"المملكة" جنبلاط الأب عن بري وميقاتي!
-
«الثنائي» يعتبر تكليف سلام دون الميثاقيّة الشيعيّة محاولات لتصحيح الخلل بالتأليف لمنع عرقلة انطلاقة العهد الحزب يتحدث عن «كمين»... وبري: لن نستسلم للأمر الواقع
-
مَن عليه أن يخاف من الثنائي عون ــ سلام !
-
عون: انكسار اي طرف انكسار للبنان وسلام: لا اقصاء الثنائي الشيعي يوازن بين المواقف: مشاركة مرهونة بالتوافق الوطني بيطار يُحيي ملف المرفأ وتحذيرات من «دعسة ناقصة» في توقيت حساس
الأكثر قراءة
-
عون: انكسار اي طرف انكسار للبنان وسلام: لا اقصاء الثنائي الشيعي يوازن بين المواقف: مشاركة مرهونة بالتوافق الوطني بيطار يُحيي ملف المرفأ وتحذيرات من «دعسة ناقصة» في توقيت حساس
-
كرة النار أمام القصر وأمام السراي
-
مَن جاء بنواف سلام وأطاح بميقاتي... وما هي حكاية سيناريو الليل والفجر ؟ كيف انقلب الملتزمون على وعودهم؟ وما هي اجواء الإشارات الخارجيّة ؟
عاجل 24/7
-
11:25
النائب تيمور جنبلاط: نحن أمام مرحلة تاريخية في لبنان ولدينا فرصة لبناء دولة
-
11:24
النائب ألان عون ردًا على سؤال حول إمكانية مطالبتهم بوزارة الطاقة: "منشوف"
-
11:24
النائب أديب عبد المسيح: نريد الشريك الشيعي في الحكومة
-
11:23
النائب غسان حاصباني: سنناقش اليوم مع رئيس الحكومة المكلّف شكل الحكومة وتركيبتها ولن نطرح أسماء معينة حاليًا
-
11:10
كتلة تحالف التغيير بعد لقاء نواف سلام ضمن الاستشارات النيابية: تمنينا ان تكون الحكومة بأصغر حجم ممكن وفصل النيابة عن الوزارة مع مشاركة النساء ووجوه جديدة من دون محاصصة حزبية
-
10:38
البطريرك الراعي من القصر الجمهوري: هنأنا الرئيس جوزاف عون على الثقة وعلى خطاب القسم وشرف لنا وتمنينا له التوفيق والنجاح في كل الامور