اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تنفس مجلس النواب الصعداء ليل امس بعد جلسة ماراتونية باقرار موازنة العام 2024، التي يمكن وصفها بانها موازنة تصريف اعمال، وادارة شؤون الدولة والبلاد بالحد الادنى.

موازنة تضخ بعض الاموال للخزينة من الضرائب والرسوم، ولا تقدم شيئا للمواطن الذي ستزيد الاعباء عليه من دون ان يحصل على الحد الادنى من تكاليف الحياة. خصوصا القطاع العام الذي ترك امر معالجة ازمة رواتبه لترقيع الحكومة باضافة «مساعدات اجتماعية» على المبالغ التي يقبضها بحيث لا تزيد نسبة ما سيقبضه اليوم عن 15% مما كان يتقاضاه سابقاً.

انخرط النواب جميعا بمختلف ميولهم وكتلهم في مناقشة مواد مشروع قانون الموازنة، كما فعلوا في لجنة المال على مدى 26 جلسة، فعدّلوا بعض المواد واضافوا اخرى وازالوا بعضها بتعاون لم تعكسه خطابات المحاور السياسية التي سادت في اليومين الاولين من الجلسة.

وخرجت الحكومة مرتاحة لانها حققت انجاز ارسال الموازنة في المهلة الدستورية، وحشرت المجلس بين خيارين: اما ان يناقشها بكل «الحشو» الذي ارهق النواب امس، او ان تصدرها بمرسوم.

وتحت وطأة هذا الضغط شرع المجلس موازنة العام 2024 وفق معظم الصيغة التي اقرتها لجنة المال مع بعض الاضافات والتعديلات المهمة كفرض «ضريبة استثنائية» بنسبة 7% على المبالغ التي استفاد منها اشخاص وشركات نتيجة سياسة الدعم التي اعتمدها مصرف لبنان، على ان تحدد دقائق تطبيقها بقرار يصدر عن وزير المال لصالح «صندوق الودائع».

وقد تقدم تكتل اللقاء الديمقراطي بهذا الاقتراح وايده المجلس لكن العبرة في التنفيذ حيث ان هناك شكوكا قوية في تطبيق هذا البند اذا لم تتوافر الارادة الجادة لتحقيق ذلك.

ووضعت الموازنة حدا في المادة 20 منها للفوضى السائدة في جباية الرسوم البلدية فاقر المجلس بعد نقاش طويل زيادة الرسم على البناء السكني 10 اضعاف وعلى التجاري 20 ضعفاً.

وبذلك تكون الموازنة قد حسمت هذه القضية التي تفاعلت مؤخراً.

وفي تعديل بارز ايضا في المادة 47 اقر المجلس ضريبة على ارباح الشركات المالية بنسبة 25%.

والبارز ايضا اقرار مادة اخضاع الارباح التي حققها الافراد والشركات نتيجة عمليات صيرفة التي اعتمدها مصرف لبنان لضريبة استثنائية بنسبة 17%.

ولم يتمكن المجلس من التوصل الى معالجة ازمة تعويضات نهاية الخدمة وكيفية احتسابها، نظرا للتعقيدات التي تواجه هذه العملية في ظل عدم استقرار سعر الصرف الذي اكد الرئيس ميقاتي ان الحكومة لا تتجه الى تثبيت سعر الصرف في الوقت الحاضر. لكنه اشار الى التجربة الحالية الناجحة.

ولذلك تركت هذه المشكلة لتكون موضع بحث لاقرارها بقانون خاص، ومثل ذلك حصل لرواتب القطاع العام الذي بقي رهينة «المساعدات الاجتماعية» اي الزيادة التي ستقرها الحكومة وفق الصيغ السابقة في اول جلسة لمجلس الوزراء كما وعد الرئيس ميقاتي في الجلسة.

وفرضت رسوم على العديد من السلع والكحول والتبغ وغيرها، كما ضربت الرسوم في المعاملات الادارية وغيرها بارقام بلغت 46 مرة كحد اقصى.

صحيح ان الموازنة اقرت ببعض المواد المهمة والضرورية، لكن الصحيح ايضا انها لم تقدم شيئا للمواطنين، ولم تتضمن اي منحى اصلاحي يمكن ان يعطي اشارة الى انجاز الخطة الاقتصادية او خطة التعافي التي وعد الرئيس ميقاتي بارسال ما بقي من اصلاحات الى المجلس وفي مقدمها هيكلة القطاع الخاص.

وبالنسبة لاحتساب السحوبات من المصرف اعتبر المجلس ان مثل هذا الامر هو ليس من صلاحيته او مسؤوليتها تاركا مثل هذا الاجراء لمصرف لبنان بالتعاون مع وزارة المال وللمصارف.

لكن معظم النواب رفضوا رفع قيمة الدولار المسحوب من 15 الى 25 الفا كما اقترح النائب علي حسن خليل بصفة مؤقتة مؤكدين على ان يكون السحب بالدولار لكي لا تحصل اية عملية «هيركات».

وفي الشكل صدق المجلس الموازنة برفع الايدي وليس بالتصويت بالمناداة بموافقة شبه جامعة الا من بعض اصوات نواب في التغيير دون الحاح او اصرار. فخرجت جميع الكتل متضامنة متكافلة في اقرار الموازنة خصوصا ان انخراطها في درسها ومناقشتها في لجنة المال والهيئة العامة قد انتج صيغة مرضية لكل الاطراف من دون اي احراج.

واقر المجلس ايضا رفع الشطور الضريبية على الذين يقبضون بالدولار او العملة الاجنبية بنسبة 60 مرة.

وفي الشق الاول من جلسة الامس شن الرئيس ميقاتي حملة عنيفة على الاطراف التي تنتنقده في رئاسة وادارة الحكومة لا سيما رئيس التيار الوطني الحر من دون ان يسميه وقال «ان محاولة البعض تحول الانظار عن مسؤولية المباشرة ومسؤوليات النواب عن عدم انتخاب رئيس الجمهورية وتوجيه الاتهام للحكومة ولرئيسها هذا لا يمكن السكوت عنه مطلقا».

واستند الى المجلس الدستوري في دستورية جلسات الحكومة وقال «الحكومة ميثاقية وكاملة وعندما حاججت بذلك قالوا : مش كل واحد بصلب على وجهه بكون مسيحي».

وقال «ان انتخاب الرئيس ضرورة لاستقامة المؤسسات الدستورية وسأستمر بالقيام بما هو متاح بحكم الدستور وتأمين سير المرافق».

واذا اكد على موقفه بشأن مطالبته وقف حرب غزة لان ذلك ينطلق من واقعية سياسية رفض الاتهامات بتسليم قرار البلد الى اطراف سياسية.

وقال «نحن ملتزمون بأن نبعد الحرب عن لبنان بدءا بوقف العدوان على غزة والشروع بحل عام للقضية الفلسطينية».

واعتبر ان مشروع الموازنة «يؤسس لبدء التعافي» مشيرا الى الاستقرار في سعر الصرف رغم الظروف وهذا ناتج عن سحب السيولة في الاسواق وامتناع مصرف لبنان من ضخ السيولة في الاسواق ومن زيادة واردات الدولة.

وكرر القول «استطعنا وقف الانهيار وبداية التعافي» مستغربا الذين يقولون «اين التعافي».

وسأل النائب سليم عون عن اموال احتياط لبنان في صندوق النقد.

ورد ميقاتي: انصرفت في عهد الرئيس ميشال عون.

وتدخل الياس بو صعب:»ليش عم تذكر الرئيس عون شو هوي اللي صرف؟»

سليم عون: «هيدي ورثتكم من التسعينات لهلق وحملتوه ياها».

وحصل هرج ومرج فانتصر بعض النواب للرئيس ميقاتي مقابل نواب التيار الوطني الحر. وسمع الرئيس ميقاتي يقول «يحترموا حالهن اذا بدن احترمهم لازم يحترموني».

وكان شارك نواب من التيار بالاضافة الى النواب الثلاثة الذين شاركوا في اليومين الماضيين.

ووعد ميقاتي اعطاء الحوافز للقطاع العام (المساعدة الاجتماعية الاضافية) في جلسة مجلس الوزراء المقبلة مشيرا الى ان زيادة الرواتب تكون في ورشة كاملة وفي سلة واحدة.

كما وعد انه خلال سنوات «نستطيع ان ننهض بالوطن ويكون من احسن ما يكون».

وقال في الختام «نحن مع التعاون البناء بعيدا عن الشعبوية ومن يهوى السلبية بالمطلق ليقف متفرجا... ليتركنا نعمل. انتخبوا رئيسا للجمهورية رجاء انتخبوا رئيسا وحلّوا عنّا».

وهنا طالب النائب جورج عدوان بشطب عبارة «حلّوا عنّا».

وطلب الرئيس بري شطبها من المحضر.

واقترح سليم عون عن التيار ارفاق اقتراح القانون المقدم من التيار بدل مرسوم احالة مشروع قانون الموازنة لانه لا يتضمن توقيع الـ 24 وزيراً.

لكن الرئيس بري رد بالقول: هذا غير دستوري، وغير قانوني.

الأكثر قراءة

احتمالات التهدئة والحرب متساوية وواشنطن تضغط لهدنة مؤقتة! «مسوّدة» رسمية حول «اليوم التالي».. والجيش يتحضر لوجستيا ردود اسرائيلية «يائسة» على «الهدد 3» وتهويل بمواجهة وشيكة