اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في العام 2019، طالب وزير الدفاع الأميركي آنذاك مارك إسبر، رئيس الوزراء العراقي عادل عبد مهدي، بالمساعدة في منع الهجمات على القوات الأميركية في البلاد، ومنذ أيام تكرر المطلب الأميركي، قبل وقوع العملية العسكرية على القاعدة الأميركية في الأردن، وما بعدها كان غير ما قبلها.

منذ سنوات وتتهم الولايات المتحدة الأميركية الجمهورية الاسلامية في إيران بالوقوف خلف دعم وتجهيز القوات المسلحة التي تهاجم القواعد الاميركية في العراق، ولذلك لم يختلف كثيراً الاتهام الأخير الذي وجهه بايدن للإيرانيين عن الاتهامات السابقة، ولكن المستجد اليوم هو الظرف السياسي والأمني في المنطقة، وحجم الخسائر الاميركية في الضربة الأخيرة.

ربما لم تكن الضربة العسكرية التي تعرضت لها القوات الاميركية في الاردن محسوبة النتائج، فمن كان يدري أن الطائرة المسيرة ستجد طريقها الى حاويات نوم الجنود دون أي إنذار مسبق، فالأميركيون يتحدثون عن ضربة قاسية للغاية تعرض لها جنودهم في أسرّتهم، ولو كان الهجوم بأكثر من مسيرة، لكنا تحدثنا عن مجزرة بالجنود الأميركيين.

ضربات كهذه تُشعل الحرب، وهي من نوع الضربات التي تقلب المشهد وتجعل القرارات العقلانية غير قابلة للصرف، خاصة في زمن الانتخابات، لذلك يمكن القول أن المنطقة نجت من حرب محققة لو أن الضربة العسكرية كانت أكبر، رغم ذلك سيكون لها تداعيات كبرى.

عندما أعلن الأميركيون موافقتهم على خوض مباحثات مع الحكومة العراقية حول خروجهم من العراق، طلبوا من الحكومة السعي لوقف الهجمات على قواعدهم، ولكن قبل الضربة في الاردن كان المطلب قاسياً على المقاومة العراقية، وبعد الضربة صار المطلب بسيطاً، خاصة في ظل النقاش الدائم في العراق حول جدوى عمليات المقاومة دعماً لغزة، وخطورة جعل المقاومة العراقية في حرب مباشرة مع الاميركيين، الأمر الذي سيضرها ويضر العراق بالدرجة الأولى، ويضر المحور كونه يعتمد نهج الوصول الى المكاسب دون الدخول في حروب واسعة سيكون لها نتائج سلبية، لذلك أعلنت كتائب حزب الله العراقية، تعليق العمليات العسكرية والأمنية ضد القوات الأميركية بالمنطقة، في قرار يهدف لعدم "إحراج الحكومة العراقية".

على الرغم من نفي إيران أي علاقة لها بالهجوم الذي حصل في الأردن، إلا أن قرار كتائب حزب الله العراقية تعليق عملياتها العسكرية لا يمكن أن يقرأ إلا في إطار الرغبة الإيرانية بعدم التصعيد الذي يقود إلى المواجهة الموسعة، خصوصاً أنها تدرك أن الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن، تتعرض لموجة واسعة من الضغوط من أجل دفعها الى رد حازم، حيث توجه أصابع الإتهام إلى طهران بالوقوف وراء هذه العملية، ومع هذا البيان قد يكون الإيراني والعراقي قد منحا إدارة بايدن إنجازاً كبيراً قبل الضربة، مما يسمح لبايدن تقليص حجمها وتسويق النتائج.

بالإضافة إلى ما تقدم، هذا الأمر لا يمكن فصله أيضاً عن التوتر الذي طغى على العلاقات العراقية - الإيرانية في الفترة الماضية، بعد الهجوم الذي قام به الحرس الثوري الإيراني على هدف في أربيل، وبالتالي هو يعكس أيضاً رغبة إيرانية بالتهدئة، فالإيراني الذي يطمح لخروج الاميركيين من العراق، لا يريد إضعاف الحكومة العراقية التي ستدخل المباحثات السياسية مع الاميركيين حول وجودهم.

في هذا المجال، من الممكن الحديث عن أن طهران بعد أن وجهت رسائل نارية على أكثر من جبهة، قررت التراجع بعض الشيء، على إعتبار أن المطلوب من هذه الرسائل قد تحقق، وبالتالي من المفترض إنتظار التداعيات التي ستترتب على ذلك، والتي تصب في إطار التفاوض مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن البعض يرى أنها لا تزال خارج المفاوضات القائمة حول التسوية في قطاع غزة، وهو ما لا يمكن تأكيده. 

الأكثر قراءة

احتمالات التهدئة والحرب متساوية وواشنطن تضغط لهدنة مؤقتة! «مسوّدة» رسمية حول «اليوم التالي».. والجيش يتحضر لوجستيا ردود اسرائيلية «يائسة» على «الهدد 3» وتهويل بمواجهة وشيكة