اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

على ما يبدو أن العدوان الصهيوني على غزة دخل اللحظة الفاصلة التي تدخل فيها عادة الحروب، رغم اختلافها هذه المرة من حيث البداية والمسار والعوامل والعناصر والمدة والأهداف وحتى النهاية، هكذا تدل المؤشرات والتسريبات والمعلومات المغلوطة والضغوطات التي يمارسها "الإسرائيلي" والأميركي، ومعهما الوسطاء من الدول العربية.

بعد أن دخلت الحرب شهرها الرابع، وجدت جميع الأطراف نفسها بمرحلة وضع الأوراق على الطاولة، بحيث كل طرف يضغط على الآخر من خلالها، لكيلا يعطى انتصار صريح لأحد، أو بشكل أدق لا يريد "الإسرائيلي "ومن خلفه الأميركي إنهاء الحرب بإعلان وقف إطلاق نار نهائي، لأن نتنياهو يعتبر ذلك إعلان هزيمة "لإسرائيل"، ويُثبّت هذا الواقع بحال الاتفاق على إخراج جميع الأسرى مقابل جميع الأسرى كما كانت تطلب المقاومة من البداية، هنا تظهر عقدة نهاية الحرب والصعوبة بالتنبؤ بكيفية إخراجها.

صحيح أن العدو الصهيوني حقق إنجازات تكتيكية، إلا أنه عجز عن تحقيق إنجازات استراتيجية، لذا هي غير مرئية أمام الرأي العام داخل الكيان ولا أمام الرأي العام العالمي، باعتبار أن الأهداف التي وضعتها قيادة العدو بشكل علني، والتي طالبها بها المستوطنون حتى اللحظة لم تتحقق، فلا استطاعوا إعادة أسير واحد ولا استطاعوا القضاء على حركة حماس، وبخاصة أن رغم كل ما فعله "الإسرائيلي" بقيت تشكيلات البنية العسكرية لحماس سليمة، كما بقيَ حوالى ثمانين في المئة من أنفاقها، ما يعني أن قدرتها على إعادة ترميم قوّتها ما زالت موجودة، وهذا ما يُقلِق المستوطنين بالدرجة الأولى الذين يَضغطون على قيادتهم ويشترطون العودة الى غلاف غزة بمطالب أثبتت الوقائع عدم القدرة على تحقيقها، وهنا تكمن إحدى أزمات الكيان.

أما لناحية المقاومة فصحيح أنها بقدراتها الميدانية منعت العدو من تحقيق أهدافه، ما يعني أنها ما زالت تحافظ على قدرتها العسكرية التي تساعدها على الاستمرار في الحرب رغم طول مدتها، إلا أن ما يعيقها ويُشكِّل عبئاً كبيراً عليها هو الواقع الإنساني في غزة، الذي يُعتبر عامل ضغط أساسيا عليها في مسار الحرب والمفاوضات، لكن في الوقت نفسه وبعد كل هذه التضحيات، لا يمكن التضحية بها مِن قبل المقاومة، وإلا تكون تؤسِّس لحرب جديدة عليها، لذا كانت واضحة من البداية بثوابتها ومؤشراتها وشروطها، التي تؤكد كل يوم أنها تريد وقف الحرب وعدم إعطاء أي فرصة جديدة "للإسرائيلي".

إذاً، نحن أمام لحظة مُعقَّدة في حرب لا تُشبه سابقاتها، وفي وقت يتزامن الاستهداف الأميركي مع الاستهداف "الإسرائيلي" مع ضربات المقاومة الموجعة للعدو بمختلف جبهات المحور، مع تفاوض تُرجِّح مؤشراته على ما يبدو أن الحرب دخلت مرحلة الهبوط الى مستوى أدنى أكثر من احتمالية انفلاتها نهائياً وبشكل أوسع في المنطقة كما لا يريد جميع الأطراف...

الأكثر قراءة

نهاية سوريا نهاية العرب