اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

«اسرائيل» تعيش حربا داخلية وحربا خارجية. داخلية حيث الانقسام كبير بين الاحزاب الدينية المتطرفة، التي يهدد وزراؤها بالاستقالة من الحكومة في حال اقرار خطة الافراج عن الاسرى مقابل هدنة طويلة، وبذلك يهددون حكومة نتانياهو بالسقوط، ويهددون وجود نتانياهو في موقع رئاسة مجلس الوزراء في الكيان الصهيوني.

وفي المقابل، هنالك فريق يتزعمه حزب العمل المعارض مع وزيري الحرب بين غينيس وغادي آيزنكوت يؤيدون الصفقة للافراج عن الاسرى لدى حركة حماس، كما يهاجمون بتصريحاتهم وزراء الاحزاب الدينية المتطرفة مثل الوزير بتسلئيل سموتريتش ممثل الاحزاب الدينية اليهودية المتطرفة، الذين يسيئون الى علاقة «اسرائيل» مع العالم، ويطلقون تصريحات منها الدعوة الى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة طوعيا، وباعطائهم اغراءات مالية كي ينتقلوا الى دول اخرى، ويدعون الى مؤتمر دولي من اجل ايجاد دول تستقبل اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة. فيما الاتحاد الاوروبي يرفض هذا الامر، كذلك الادارة الاميركية ومعظم دول العالم من روسيا الى الصين واليابان وافريقيا وآسيا وحتى اميركا اللاتينية.

هؤلاء الوزراء من حكومات الاحزاب الدينية اليهودية المتطرفة يغرّدون خارج السرب، ويعودون بالفكر الصهيوني الى بدايته، اي الى التطرف المطلق الذي يجعل «اسرائيل» في خطر وجودي، نتيجة الصراع بينها وبين الولايات المتحدة بالنسبة لوجهات النظر، حيث ان الولايات المتحدة تضغط على نتانياهو كي تكون الهدنة لفترة 4 اشهر يتم فيها الافراج عن الاسرى المحتجزين لدى حماس، مقابل السجناء في السجون «الاسرائيلية».

الوزراء المتطرفون في حكومة نتانياهو اعلنوا انهم سيقدمون استقالاتهم، فيما نتانياهو يدعوهم الى عدم الاستقالة، لكنها لعبة مكشوفة يقوم بها نتانياهو الذي يدفع الوزراء بهدوء الى التطرف لرفض الصفقة وفترة الـ 4 اشهر هدنة، لانه لا يريد ان تنعقد الصفقة التي ستؤثر كثيرا على وجوده في رئاسة الحكومة وعلاقته مع الولايات المتحدة، كذلك ستعطي الفرصة لحركة حماس كي تقوم بتنظيم صفوفها. فاعلان جيش العدو الاسرائيلي ان شمال قطاع غزة اصبح تحت السيطرة كليا ليس صحيحا، ففي الواقع ان عناصر حماس عادوا ونظموا صفهوفهم في مخيم البريج وجبالي والمدينة وفي المغازي، وفي مناطق واسعة من شمال قطاع غزة.

كما ان تصريح رئيس وزراء العدو نتانياهو بانه تم انهاء وجود 17 كتيبة من كتائب حماس ولم يبق لديها الا 7 كتائب، تبيّن انه مناف للحقيقة، فحركة حماس ماضية في المقاومة، وكل يوم تسجل خسائر في صفوف «الجيش الاسرائيلي»، حيث تم الاعلان عن مقتل ضباط وجنود في الساعات الـ 24 الماضية وفق احصاءات يقدمها جيش العدو كل يوم.

كما ان تصريح نتانياهو انه يشكر الولايات المتحدة على دعمها المطلق ل «اسرائيل»، لا ينفي ابدا ان هنالك خلافات بين الادارة الاميركية والحكومة «الاسرائيلة». وبالتالي تضغط الولايات المتحدة كي تكون الهدنة لمدة 4 اشهر، وستعطي حركة حماس حرية الحركة، كما ستسهّل دخول المساعدات الانسانية والادوية الى اهالي قطاع غزة، وستستفيد حركة حماس من هذه المساعدات، اضافة الى تنظيم صفوفها وعملها في الانفاق، حيث ان قدرة جيش الاحتلال لم تستطع تدمير الا 25 بالمئة من هذه الانفاق التي بنتها حركة حماس، وان 75 بالمئة منها لم يستطع» الجيش الاسرائيلي» السيطرة عليها.

ان «اسرائي»ل تعيش خطرا وجوديا بين الاحزاب الدينية المتطرفة وبين المعتدلين، الذين يريدون افضل علاقة مع الولايات المتحدة، وان لا يحصل اي خلاف معها بالنسبة للهدنة وبالنسبة لصفقة الاسرى والمحتجرين لدى حماس، وعندما نقول الاسرى فانما نتحدث عن السجناء الفلسطينيين الموجودين في السجون «الاسرائيلية».

إن الادارة الاميركية فرضت عقوبات على المستوطنين الذين يستعملون العنف في الضفة الغربية ضد الشعب الفلسطيني، وهو امر ازعج الاحزاب المتطرفة الذين وصفوا المستوطنين بالابطال الذين يدافعون عن «اسرائيل» والكيان الصهيوني، وهو امر ترفضه الولايات المتحدة كما الاتحاد الاوروبي.

وصل الكيان الصهيوني الى ازمة وجود حقيقية، وهو الذي يقود الحروب ضد الجيوش العربية وينهيها بانتصارات بدعم اميركي خلال اسابيع. اما اليوم فقد مضى 4 اشهر على الحرب في قطاع غزة، ومع ذلك لم يستطع «الجيش الاسرائيلي» تحقيق اي انتصار، بل اصيب بخسائر كبيرة. واذا كان العدو قد اعلن ان خسائره هي اربعة بين قتيل وجريح يوميا، فان مستشفى «سورات» يستقبل ما بين 30 الى خمسين مصابا يوميا، وهكذا ترتفع نسبة الاصابات في صفوف «الاسرائيليين» الى 5 او 6 آلاف اصابة.

يقف «الجيش الاسرائيلي» عاجزا وغير قادر على حسم المعركة، وكتائب القسام تصيب يوميا دباباته، وينشر فيديوهات تظهر بشكل واضح كيفية اصابة دبابات الميركافا الاحدث بقذيفة الـ ياسين 105 ، كما يظهر في هذه الفيديوهات اصابة جنود «اسرائيليين» بصواريخ وقذائف هاون. ولذلك فان «اسرائيل» التي لم تستطع تحقيق انتصار في قطاع غزة ولا في الضفة الغربية، مع انها تستعمل كل طاقاتها لاجتياح المخيمات التي يقيم فيها حوالى 6 آلاف فلسطيني من شباب ونساء واطفال في سن 16 سنة، ومع ذلك لا تستطيع السيطرة على الضفة الغربية.

ان الحرب الجارية في جنوب لبنان ضد شمال فلسطين المحتلة، ادت الى نزوح 100 الف مستوطن «اسرائيلي» من كامل المستوطنات الموجودة قبالة الجبهة الجنوبية، ولم يستطيع جيش العدو تأمين عودتهم .

كما ان قصف حزب الله الحق خسائر كبيرة بالمستوطنات والمواقع العسكرية الاسرائيلية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، اضافة الى مراكز المراقبة الالكترونية وتجمعات الجنود «الاسرائيليين»، حيث تحقق المقاومة اصابات مباشرة.

الحرب على الجبهة الجنوبية هي حرب حقيقية، فمقاومة حزب الله تستعمل الصواريخ المضادة للدروع وصواريخ غراد ، وتحقق اصابات مباشرة فيها، وهذا ما يجعل العدو يفقد اعصابه ويقول بانه لن يسكت بعد الآن وسيهاجم لبنان، وهو يعرف كم هي كلفة الهجوم على لبنان من دمار سيلحق بالكيان الصهيوني.

من هنا، فان الحرب ستستمر لمدة طويلة، وكما قال نتانياهو ان الحرب ستستمر الى عام 2025 . فاذا حصلت هدنة لمدة 4 اشهر ستكون فرصة كبيرة لحركة حماس كي تعيد تنظيم صفوفها من جديد، وتوزع قواها على كامل قطاع غزة خاصة في الشمال، حيث لديها منصات اطلاق صواريخ تستطيع الوصول الى عمق «اسرائيل» ومطار بن غوريون، كما ان المستوطنين الذين يريد العدو اعادتهم الى غلاف غزة يرفضون العودة، وطالبوا رسميا بكتاب رفعوه الى نتانياهو بتأخير العودة الى شهر تموز المقبل.

كل هذا يدل على ان المخطط الصهيوني في ازمة كبرى، والمقاومة اصبحت قوية وتستطيع التصدي لهذا الجيش الصهيوني، الذي اذا استمر على هذا الوضع سيصاب بخسائر وازمات نفسية لدى جنوده وضباطه، وبالتالي سيكون الانتصار للمقاومة.

شارل ايوب 

الأكثر قراءة

«حبس انفاس» بانتظار نتائج الانتخابات الأميركيّة والردّ الإيراني صمود المقاومة براً يضع حكومة العدو أمام خيارات «أحلاها مرّ» قائد الجيش «مُستاء» ويكشف معطيات عن الإنزال: تعرّضنا للتشويش