اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لمئات السنين، كانت القهوة أكثر من مجرد طقس صباحي؛ فهي علامة ثقافية، ورابط اجتماعي، ومتعة عطرية لا تضاهى. ولكن إلى جانب جاذبيتها التي لا يمكن إنكارها، يكشف البحث الحديث حقيقة مفاجئة: القهوة، باعتدال، تقدم مجموعة من الفوائد الصحية تتجاوز مجرد دفعة بسيطة من الطاقة. إنّ الكافيين معروف منذ فترة طويلة كمادة منبهة، حيث يعزز اليقظة والتركيز. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن تأثيره يتجاوز مجرد تعزيز إدراكي مؤقت. ربطت الدراسات استهلاك القهوة باعتدال (حوالى 3-4 أكواب يوميًا) بانخفاض خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري من النوع 2 ومرض باركنسون والزهايمر. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن القهوة توفر فوائد وقائية ضد أنواع معينة من السرطانات وأمراض الكبد وحتى الاكتئاب.

هذا ويمكن أن يُعزى هذه الآثار الإيجابية إلى العديد من المركبات النشطة بيولوجيا الموجودة في القهوة إلى جانب الكافيين. على سبيل المثال، تحارب مضادات الأكسدة الجذور الحرة الضارة وتقلل الالتهاب، مما يؤخر ظهور الأمراض المرتبطة بالعمر. علاوة على ذلك، تتميز القهوة بالعناصر الغذائية الأساسية مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم وفيتامين B2، مما يساهم في الصحة العامة والرفاهية.

أظهرت دراسة أجراها البروفيسور فرانك هو، أستاذ التغذية وعلم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد، أن القهوة يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها.

وتشير مجلة Harvard T.H. Chan School، إلى أن تناول القهوة باعتدال (حتى 5 فناجين في اليوم) يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الكبد وسرطان بطانة الرحم ومرض باركنسون والاكتئاب. وقد حصل الباحثون على هذه النتائج خلال دراسة وتحليل بيانات تشمل 208 آلاف شخص أعمارهم 25-75 عاما، حيث جمع الباحثون معلومات شاملة عن حالتهم الصحية وعاداتهم الغذائية ومن ثم تابعوا حياتهم. واتضح للباحثين أن الاشخاص الذين يتناولون القهوة بانتظام نادرا ما يعانون من اضطرابات نفسية وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان. كما أظهرت النتائج أن القهوة الخالية من الكافيين لها تأثير مماثل.

ولكن لم يتضح للباحثين بصورة كاملة لماذا القهوة مفيدة بهذه الدرجة. ويقول البروفيسور معلقا على هذه النتائج- القهوة مشروب "معقد جدا". لأنه ربما يحتوي على مئات أو آلاف المركبات النشطة بيولوجيا. لذلك يصعب تحديد التأثير المحدد لكل منها.

في الختام، فإن القهوة، عندما تُستمتع بها بمسؤولية، تتجاوز أهميتها الثقافية وتبرز كحليف محتمل في سعينا للصحة. بدءًا من تحسين الوظيفة الإدراكية إلى تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

والجدير بالذكر ، أن الاعتدال هو المفتاح، فيمكن أن يؤدي الإفراط في استهلاك القهوة إلى القلق والأرق وغيرها من الآثار الصحية السلبية، خاصة بالنسبة للأفراد الذين يعانون من حساسية معينة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إضافة كميات كبيرة من السكر والكريمة إلى القهوة يمكن أن تلغي فوائدها الصحية المحتملة وتساهم في مشاكل صحية أخرى.

الأكثر قراءة

لبنان في «عين العاصفة» ورسائل الردع بلغت «كاريش» السلطة تدرس خطّة خروج من الأزمة عمادها شطب الودائع؟