اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لم نعد ندري، ونحن في ذروة الهذيان السياسي، وربما الهذيان الوجودي، ما اذا كان مصير لبنان مسألة لبنانية أم مسألة اقليمية أم مسألة دولية. لعله مسألة لبنانية واقليمية ودولية في آن.

لندع جانباً الاستعراضات البهلوانية لبعض الكتل النيابية (لمن يذكر رقصة الطرابيش في ملهى الكيت كات)، ونسأل أصحاب القامات، والهامات، العالية، ما اذا كانوا قد فهموا، أو استنتجوا، شيئاً مما تفوّه به سفراء اللجنة الخماسية. هذا اذا كنا نصدّق أن أياً من الدول الخمس تولي أولوية ما لتسوية الأزمة في لبنان. ما تبيّن لنا أن البعض يرى في الأزمة ضرورة تكتيكية، البعض الآخر يرى فيها ضرورة استراتيجية.

يقال لنا "لا تتوقعوا من اللجنة أن تحمل، على أكتافها، رئيساً للجمهورية. كل من أعضائها يدرك أن المشكلة ليست في أبواب القصر المقفلة، وبتلك الصلاحيات الملتبسة، وانما في مكان آخر، أو في أمكنة أخرى". مثلما حل الأزمة غير ممكن في الوقت الحالي، انتخاب رئيس للجمهورية غير ممكن أيضاً. هذا ما يعلمه الرئيس نبيه بري، كما يعلمه الرئيس نجيب ميقاتي. لكنه صياح الديكة على الشاشات أو على المنابر.

نائب بيروتي قال لنا "أعضاء اللجنة مقتنعون بأن مهمتهم لا تتعدى محاولة ضبط الايقاع في هذه الغرنيكا السياسية"، ليضيف "ثمة جهة ديبلوماسية فاجأت أحد المراجع بأن التشكيل الحالي للجنة بعيد كلياً عن احداث حتى ثقب في الأزمة. كان يفترض أن تضم أميركا والسعودية وقطر وايران واسرائيل. واذا كان ذلك مستحيلاً فان الخروج من النفق، في الظروف الراهنة، مستحيل أيضا".

الكل بانتظار التداعيات الغامضة لأحداث غزة. الاسرائيليون يبدون وكأنهم يلعبون ضد الأميركيين الذين يريدون توظيف "ديناميكية الدم" للدفع في اتجاه تجميد الوضع عند حدود معينة. السناتور بيرني ساندرز يتهم حكومة بنيامين نتنياهو بـ "تفجير الشرق الأوسط في وجهنا". أما برنارد ـ هنري ليفي، العراب الفلسفي للسياسات الاسرائيلية، فيعتبر، وبتأويل توراتي مثير، أن التفجير ضروري أميركياً، واسرائيلياً، وعلى أساس عندما يتحول الآخرون الى حطام، يولد الشرق الأوسط الآخر الذي لمصلحة بقاء اسرائيل، ولادارة أميركا للمنطقة.

هذا ليس وقت الحل، ولا حتى التفكير في الحل. الأميركيون ضائعون. جو بايدن يتخبط في تصريحاته، لنتوقف عند قول وزير الدفاع لويد أوستن، وهو يعكس رأي الجنرالات، أن عدد ضحايا الحرب في غزة ناهز الـ 25000. هل أراد البنتاغون القول لتل أبيب... كفى؟

مجزرة الطحين أيقظت حتى عرب الغيبوبة. هل نحن أمام هولاكو، أم أمام كاليغولا، أم أمام الشيطان وهو يحصد الجوعى بتلك الطريقة الهمجية؟ وكان أنتوني بلينكن قد حاول، عبثاً، اقناع أركان الائتلاف بأن الادارة اتفقت مع حكومات عربية على أن يكون وقف النار نقطة انطلاق لعملية ديبلوماسية تضع تصوراً مبدئياً، وعلى مراحل، لاقامة الدولة الفلسطينية، ليكون ذلك بمثابة المدخل الى عملية تطبيع تذهب بالمنطقة الى آفاق أخرى.

مؤشرات يومية على أن الرهان على صدقية المقاربة الديبلوماسية الأميركية رهان ساذج. صدمنا كلام ليندا توماس غرينفيلد في مجلس الأمن. الأقمار الصناعية الأميركية التي ترصد دبيب الرمال في غزة، لا تمتلك أي معطيات حول ما جرى في "الخميس الأسود".

كل الصور التي التقطت بكاميرات عادية أظهرت، بدقة لامتناهية، تفاصيل ما جرى. نساء، ورجال، وأطفال، تهدلت حتى هياكلهم العظمية، ينتظرون ما يقيهم، ولو ليوم واحد، الموت جوعاً، تكدست جثثهم في المكان. بدل الطحين... الدم!

من في العالم لم يزعزعه المشهد. قيل أن بعض أركان البيت الأبيض أصيبوا بالذهول. لكن عينيّ جو بايدن ليست على قبور الموتى (وأي قيمة لجثثنا؟) وانما على صناديق الاقتراع. قناة "فوكس نيوز" قالت ان بايدن يخشى أن يدفنه دونالد ترامب وهو حي.

لا رهان على أميركا، ولا على أوروبا. واذا كان برنارد لويس قد وصف الشرق الأوسط بـ "العربة العتيقة التي تجرها آلهة مجنونة"، تبدو القارة العجوز "العربة العتيقة التي تجرها أحصنة عرجاء".

أما متى يكون هناك عرب، ورهان على العرب. الاجابة في قهقهات شهرزاد و... ساقي شهرزاد!!

الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء