اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



تعتبر المدن واحدة من أهم المظاهر التي تعكس مستوى التطور والحضارة الإنسانية. وإن تمدن وتطور المدن هو مؤشر مهم على مستوى التقدم والتطور الاجتماعي والاقتصادي لأي مجتمع. تعد المدينة المثالية هي تلك التي تتميز بتوفير جميع سبل الراحة والتطور لمواطنيها، حيث يتمتعون بالفرص الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية.

ولكن بالرغم من ذلك، هناك بعض المدن التي قل فيها التمدن والتطور، وتشكل بيئة غير مناسبة لحياة الإنسان. تعاني هذه المدن من كثرة الفوضى وانعدام القوانين لتصبح مدينة تعج بالمشاكل والتحديات. يعود ذلك إلى عدة عوامل، منها الفقر المدقع، ونقص الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والكهرباء، وعدم توفر فرص العمل والتعليم، وغياب الثقافة والفنون. والأهم من ذاك عدم تطبيق القوانين وعدم مراعاة حقوق الإنسان.

من اهم أسباب قلة التمدن في المجتمعات هو غياب الرؤية الاستراتيجية للتنمية والتطوير، حيث تفتقر المدن إلى خطط واضحة ومدروسة لتحقيق التقدم والرفاهية لسكانها. وهذا ينعكس سلبا على جودة الحياة في المدينة ويزيد من تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، إن قلة التمدن يعود إلى مشكلة نقص الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يؤدي إلى تدهور البيئة وظهور التشتت العمراني وانعدام الشبكات الاجتماعية المؤثرة، فنرى احياء مكتظة بمبان غير مكتملة متلاصقة ومصدعة وازقة ضيقة تفوح منها رائحة الحرمان والشر والموت.

كل مدينة يقل فيها التمدن تمثل تحديا كبيرا للمجتمع المحلي وللسلطة المحلية، حيث تحتاج هذه الأخيرة إلى استراتيجيات وتدابير عاجلة لمعالجة اي تدهور ولسياسات استثنائية لحماية المواطنين وتأمين حقوقهم وبالتالي لتحقيق التطور والرقي فيما بعد. هنا يجب على اي سلطة محلية الاهتمام ببناء البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، وتشجيع الاستثمار وتوفير فرص العمل، بالإضافة إلى تعزيز الثقافة والفنون والترفيه في تلك المدن.

المواطنون هم مسؤولون فعليهم أن يلعبوا دورا فعالا في تحسين وتطوير مدنهم، من خلال المشاركة في الأنشطة المجتمعية والتطوعية، والحفاظ على النظافة والترتيب في البيئة المحيطة بهم. فالتغيير يبدأ من الداخل، وإذا عمل الجميع معا من أجل تحقيق التطور والتمدن، فإنه بالتأكيد سيتحقق النجاح. كل مواطن يجب ان يبدأ من داخل بيته ومن المبنى الذي يقطنه والحي الذي يسكن ضمنه والمدينة او البلدة التي ينتمي اليها. كل مواطن مسؤول لأنه معني مباشرة بأي تردي وانهيار او اي تقدم وازدهار.

من جهة اخرى على السلطات المحلية التنسيق مع المدارس والجامعات والاندية والجمعيات من اجل خلق مساحات مشتركة تركز على تعليم وتثقيف وتدريب ابنائها وتفعيل الحس الاجتماعي لديهم من خلال ورش عمل وندوات ولقاءات تهدف الى التطبيق المباشر في البيئات المهددة. فالمسؤولية الاجتماعية تجاه هذه المجتمعات هي من اولى الاولويات فتحصين النشء باكرا يتم عبر الانخراط في العمل الانساني كالصليب الاحمر والمؤسسات الخيرية والجمعيات البيئية والاندية الرياضية مما يؤدي الى تحسين نوع الحياة في المجتمعات فتنمو منذ بداياتها بطريقة سليمة تساهم يوما ما في جعل هذه المجتمعات متمدنة بالفعل ليس بالاسم فقط.

باختصار، يجب أن ندرك أن مدن يقل فيها التمدن هي تحدي يستوجب العمل المشترك والجهد الجماعي من الحكومة والمواطنين على حد سواء من أجل تحقيق التطور والتقدم. فتعلم فن الحوار والانفتاح على الآخر مهما كان دينه او عرقه او جنسيته او نسبه هو المدخل لفك عزلة كل جاهل متقوقع ولو يسكن في المدينة. حوار الاديان وتبادل الثقافات يشكلان ايضا خطوة متقدمة في محو الامية في وسط التمدن الكاذب فيجعلا كل مساحة مسكونة مدرسة لتبادل الخير وبالتالي تخف نسبة الشرور الناتجة عن التعصب والجهل والتمدن الخادع.

في النهاية، يجب على السلطات والقادة المحليين الوقوف على قدم المسؤولية للعمل على تحقيق التمدن والتطور في مجتمعاتهم، من خلال وضع خطط واستراتيجيات فعالة للتنمية، وزيادة الاستثمار في القطاعات الحيوية، وتعزيز الشراكة بين الحكومة المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. فقط من خلال هذه الجهود المشتركة والتعاون الفعّال يمكن تحقيق التمدن والرقي في أي مدينة تعاني من قلة في التمدن.

تعزيز التعليم والتعليم والتعليم وتحفيز الاستثمارات في التدريب في الموارد البشرية ودعمها وتأهيلها، وتحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات العامة تجعل المجتمع أكثر حرية وتمدنا.

لكن يبقى الأهم في جعل المجتمعات أكثر رقيا وتمدنا وهو التطلع الى الرب والعمل بمشيئته! 

الأكثر قراءة

«اسرائيل» تواصل التهويل: انسحاب حزب الله او الحرب الشاملة تعديلات بالشكل لا بمضمون «الورقة الفرنسية» لا بروفيه وامتحان موحد لـ«الثانوية»