اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

افتتح مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة دورته السابعة في حفل ضخم ، وجرى خلاله تكريم ضيفة الشرف الممثلة المصرية والفنانة العربية الكبيرة يسرا، تقديرًا لمسيرتها الرائدة والمتميزة في عالم السينما والفن. وقد تلقّت من وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري ورئيس ومؤسِّس مجتمع بيروت السينمائي ومدير المهرجان سام لحود جائزة "تانيت" وهي عبارة عن مجسّم تانيت بيروت الذهبي، تمثال الإلهة الفينيقية، وسط حضور حشد من السفراء ونجوم وأهل الفن وضيوف المهرجان وهم نخبة من مدراء المهرجانات العالمية ومن المخرجين والمنتجين اللبنانيين والعرب والأجانب، إضافة إلى شخصيات سياسية وديبلوماسية ونقابية وفنية وإعلامية وثقافية...

وقد أراد المنظمون من خلاله التغلّب على منطق الحروب والعنف والصمود رغم كل الصعوبات والأوضاع والصراعات التي يعاني منها لبنان والوطن العربي، وذلك من خلال نشر لغة السلام والحب والثقافة والفن...

ويهدف هذا المهرجان الذي بات يشكّل محطة سنوية ينتظرها الكثيرون ومنبرًا لصنّاع الأفلام والنقاشات المفتوحة، إلى تمكين المرأة وتسليط الضوء على دورها القيادي والريادي. نساء رائدات في هذا المجال، يحتفى بهن سنويًا في حفل افتتاح المهرجان، فكان هذا العام من نصيب أيقونة السينما العربية يسرا التي أدهشت عيون محبّيها وأبدعت أداءً وإنسانية. 

استهل الافتتاح بكلمة لعريفة الحفل الإعلامية نسرين ظواهري التي تحدثت عن أهمية السينما بشكل عام. واختصرت مشوار مجتمع بيروت السينمائي منذ 17 سنة الذي تضمن العديد من المحطات ومنها: تأسيس وتنظيم مهرجانات للسينما في لبنان وكندا والولايات المتحدة، برمجة أفلام لبنانية وتوزيعها في كل العالم، شراكات محلية دولية وأكاديمية مع مهرجانات ومؤسسات عالمية، وتمكين الشباب وخلق فرص عمل لهم...

وكانت كلمة لملكة جمال لبنان والوصيفة الأولى لملكة جمال العالم ياسمينا زيتون شكرت فيها القيّمين على المهرجان، مؤكدة "إيمانها الثابت في لبنان والتشبث والبقاء فيه والعمل على كل ما يساهم في نهضته".

ثم جرى التعريف عن أعضاء لجنة التحكيم وعرض للأفلام التي ستتنافس في المسابقة الرسمية للمهرجان.

وتحدث بعدها وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري الذي اعتبر أن هذا الحدث يتوّج بيروت بلقب "عاصمة الإعلام والفن والثقافة والإرادة وحب الحياة" رغم كل الصعوبات والتحديات". وأضاف: "مكرّمتنا هي اسم على مسمى فيسرا تعني اليسر وهي في مسيرتها إيجابية جدًّا وضد العسر. بين حرفي الياء في بداية اسمها والألف في ختام اسمها، تختصر كلّ الأبجدية العربيّة من ألفها إلى يائها، وتختزن أسرار الطاقة. أمّا حرف الميم الذي لا يمتّ بصلةٍ إلى اسمها، يرافقها في كلّ مفاصل حياتها. متميّزة في فنّها، متألّقة في أدائها، محبوبة في محيطها، ومستثمرة محترفة في محبّة الناس لها، وملهمة للمرأة العربيّة، ورغم كلّ صفاتها الجميلة.. متواضعة متواضعة متواضعة، (والميم الأخيرة والأهم) مصريّة. ولدت في رحم مصر، وكبرت في حضن الوطن العربي الذي عبرت إليه بفنّها، والعابرة للحدود عابرة للقلوب! المرأة الأيقونة القابضة على قلوبنا، بيننا اليوم، وبيننا وبينها قصة عشقٍ لا تنتهي، وهي مكرّمة الليلة لأنّها الرقم واحد".

وأضاف: "نعيش في عصر الصورة بمختلف تجلياتها، والصورة تعني السينما، والسينما تعني العالم، وبين الصورة والسينما والعالم، يعي الجيل الجديد أهميّة الانفتاح بشكلٍ حضاري ومسؤول. لقد نجحت المرأة العربيّة في السينما، ونجحت السينما العربية في تظهير قضايا المرأة، وفي تسليط الضوء على أهمية تفاعلها في مجتمعها بالطريقة التي تستحقّها وتليق بها. كذلك نجحت السينما في تقديم محتوى ينقل وجع الناس بشفافيّة، يدعم النهضة، ويدعو إلى السلام، وهنا لا بدّ من لفتة تجاه المرأة اللبنانيّة، التي تتمتّع بحضورٍ قوي كصانعة أفلام ولها بصمة واضحة، ونريد لهذا الحضور أن ينمو أكثر من خلال وضع سياسات لتشجيع وتحفيز المرأة في السينما والدراما والإعلام، وهنا تكمن أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في السينما والفنون والإعلام".

وأكد: "نعتزّ في وزارة الإعلام، بهذا التعاون مع "مجتمع بيروت السينمائي"، ومع شركة "الصبّاح"، لتعزيز مشروع "لبنان بلد صديق للسينما"، وآمل أن نوفّق جميعاً في تحفيز إنتاج المحتوى الدرامي والسينمائي.

وختم الوزير المكاري كلمته "بشكر الفنانة يسرا، وشكر الصديق صادق الصبّاح، وشكر مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة الذي يحيي دورته السابعة، وشكر بيروت المدينة النوّارة التي لا تموت.. أليست غريبة هذه الـبيروت؟ متألّمة حتّى النخاع، ولكنّها جميلة حتّى التألّق، وثائرة ومبدعة حتّى التميّز، وعصيّة على محاولات قتلها، ولا ولن تموت".

وألقى السيد صادق الصبّاح أكد فيها "أن كل عمل تقوم به الشركة يحمل رسالة لمجتمعنا اللبناني والعربي. وأن انتشار مكاتب الشركة في العديد من بلدان العالم العربي لم يثنيها يومًا عن التخلي عن وطننا لبنان. فمسؤوليتنا الوطنية تحتّم علينا السعي أكثر لازدهار الصناعة التي تساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد اللبناني".  وشدد على "أهمية التعاون بين شركات الإنتاج والجمعيات، بحثًا عن آفاق اجتماعية واقتصادية أفضل لشبابنا العرب. فشراكتنا اليوم مع مجتمع بيروت السينمائي تهدف إلى تمكين الشباب والمواهب الجديدة"، معلنًا عن "إطلاق مشروع كبير يختص بكتابة السيناريو من قبل مجموعة من المواهب الشابة، على أمل المحافظة على صناعة الإنتاج والصدارة بما فيه خير لمجتمعاتنا العربية".

أما مؤسّس ورئيس مجتمع بيروت السينمائي ومدير المهرجان سام لحود فأشار في كلمته إلى "أن مجتمع بيروت السينمائي والمهرجان يعملان من أجل السلام والعدالة والحرية لجميع الشعوب المستضعفة والمحتلة والمتألمة في كل قطر من أقطار هذا الكوكب".

وبعدما ندّد بالحروب وبمنطق العنف والشر الذي يسود حاليًا  في مجتمعاتنا، قال: "قد نقتل معنويًا ولكن لن ننتحر. لن نقتل إرادتنا في الحياة بأيدينا. وليس وجودنا هنا اليوم سوى دليل قاطع على أن الإنسان يحب الحياة بالفطرة وأن الفن مقاوم لكل نوع من أنواع الموت".

واعتبر أنه ليست صدفة أن يتزامن لقاؤنا اليوم مع صباح اليوم التالي لذكرى 49 سنة لاندلاع الحرب اللبنانية، علينا أن نتذكّر لنتعلّم. في 13 نيسان 1975 دخل لبنان في ظلام الحرب التي لم تنته فصولها بعد. يجب أن نكون قد تعلّمنا من تاريخنا. لقد لمسنا وما زلنا نلتمس آثار الحروب، من قتل وخطف وتهجير ودمار وجوع وفقر، غير أنه في نهايتها، يصبح زعماء الحرب وقطّاع الطرق وقادة المحاور زعماء للسلم ويتفقون فيما بينهم".

وشارك الحضور في حادثة موت والده بسبب الحرب في سن مبكّر، متحدثًا عن القرار الذي اتخذه بعدها في تكريس حياته لحماية الحياة ورفض كل أشكال الحرب والموت. وقال: "كل يوم تتكاثر التحديات لكن الإصرار أقوى منها بكثير. ممنوع علينا الفشل. وما يدفعني إلى الأمام كل يوم هي ضحكة كل شاب وفتاة، والفرحة في وجوه الكبار والصغار ووجوه طلابي في الجامعة ونظرة بناتي المليئة بالثقة والأمان عندما أدعوهم إلى عدم الخوف، وأنتم أيها الحاضرين الذين تركتم كل شيء وتحدّيتم الخوف والقلق  لتسكتوا طبول الحرب التي كانت تدق بالأمس، معلنين عن إرادتكم في الحياة وعزمكم على الصمود والفرح ونشر ثقافة الحب..."

وتوجّه إلى  الشباب اللبناني بالقول: "لبنان أكثر من رقعة أرض يقطنها مجموعة من البشر، لبنان ليس حدود جغرافية صنعتها اتفاقية سايكس بيكو، لبنان وطن الرسالة وحدوده كل العالم. ورسالتكم كبيرة في هذه المنطقة، رسالة لقاء وتلاقي، بفضل ثقافتكم في بعدها العربي والعمق المشرقي والتأثير الغربي وبتنوعكم الديني. قدركم التواصل مع كل البشر وتقريبهم من بعضهم البعض وأن تكونوا صورة ومثالًا وتؤثروا بثقافتكم على البشر. أدّوا هذه المهمة مهما كانت صعبة لأن دوركم فيها عظيم ومهمم".

وأكد "أن مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة هو جزء من مشروع الإنسان الحر‘ لأن قضايا المرأة لم تعد فقط تختصر بشؤون المرأة الاجتماعية، لا بل لديها بعد إنساني كبير يشمل قضايا الطفل والتربية والبيئة وتوازن المجتمع وقوانين العمل وحماية الإنسان والهوية الإنسانية".

وتوجّه بالشكر لكل الشركاء الدوليين والمحليين وفريق العمل والرعاة وكل فرد ساهم بإنجاح هذا الحدث.

وليسرا قال: "أنت وريثة حضارة كبيرة اسمها مصر. وبين مصر ولبنان قصة عشق قديمة، وبين سينما لبنان ومصر تاريخ مشترك. هناك لائحة كبيرة من الأسماء لممثلين ومخرجين ومنتجين لبنانين عمالقة  ذهبوا إلى مصر وأبدعوا في أعمالهم. لبنان موجود في قلب السينما المصرية ومصر موجودة في قلب لبنان. حضورك معنا اليوم هو تأكيد على أهمية المحافظة على هذه الجسور الصلبة بين البلدين. وبقاؤك بالرغم من كل ما حصل هو رسالة صمود وقوّة موّجهة منك لكل الشباب الموجودين هنا الذين سيتعلمون منك ويحتفلون بك مكرّمة على مسرح هذا الصرح الثقافي الكبير".

وبعد منحها جائزة المهرجان، تحدث الفنانة يسرا بعدما خانتها دموعها لأكثر من مرّة، فشكرت فيها المنظّمين على هذا التكريم المذهل والمتميز الذي تخطّى توقعاتها.  وقالت: "لقد عشت معكم في هذا التكريم كل مراحل حياتي: ذكرياتي، أوجاعي، ضحكاتي، نجاحاتي، فشلي...".

كما أعربت عن سرورها في أنها لم تفوّت عليها هذه المناسبة بسبب التوتر الذي حصل في الوضع في المنطقة وخصوصًا في لبنان، مشيرة إلى "أنها شعرت بحب كبير لم تشعر به منذ وقت طويل".

وأشادت بمزايا اللبنانيين ومنها حب الحياة والعطاء دون مقابل وبلا الحدود وكيفية التغلّب على الأزمات". وأعربت عن المحبة الخالصة التي تكنّها للشعب اللبناني، لافتة إلى أنه قد تعلّمت منه الكثير والأهم القوة والصمود.

وقالت: "لقد اشتقت كثيرًا للبنان، وعندما وصلت إليه وجدت بيروت حزينة ولما حصل الحدث الأمني شعرت بالخوف عليكم وخفت أن أحزن أكثر معكم، وفي الوقت نفسه لم أعش هذه اللحظة من قبل، لكن عندما رأيت كيف تتعاملون مع هذه الأحداث، شعرت بالخجل من ردّة فعلي".

وأعربت عن امتنناها لعائلة الصبّاح التي كان لها الفضل في أول فيلم في حياتها. كما شكرت مدير المهرجان وفريق العمل على جهودهم الحثيثة لتنظيم هذا التكريم الرائع الذي لم تشهد مثيلًا له في حياتها وفي كل المهرجانات التي كرّمتها في كل بلدان العالم.

وفي ختام كلمتها، أشادت بالعظمة التي رأتها في هذا الحفل من كل النواحي: التنظيم، التميّز في الأداء الفني على المسرح ، الكلمات الملقاة، الحب التي رأته في عيون الحاضرين...، معتبرة أن اللبنانيين يتفوّقون دائمًا في كل المجالات، ومعربة عن كل الشكر والحب والامتنان لهذا الشعب العظيم الذي سيتخطى كل أزماته بفضل صموده وإرادته الصلبة في البقاء والاستمرار.

هذا وتضمن حفل الافتتاح عرض وثائقي عن حياة يسرا ومسيرتها المتميزة، وعرض فيديو مميز للملحن وعازف البيانو ميشال فاضل ووصلة غنائية رائعة قدّمتها فرقة الفيحاء، إضافة إلى أداء حيّ للمطرب المبدع بافو. وقد أضفت هذه العروض تنوّعًا وإثارة على الحدث. كما قدّم الشاعر والنحات رودي رحمة منحوتتين لكل من الفنانة يسرا والمنتج صادق الصبّاح، وتلا قصيدة شعرية للمكرّمة.

تستمر فعاليات المهرجان حتى 19 نيسان الجاري في صالات Grand Cinemas  في مجمّع ABC في ضبيه، المفتوحة أمام الحضور، حيث سيعرض ٧٣ فيلمًا طويلًا وقصيرًا، ضمن مجموعة متنوعة من الأفلام الروائية والوثائقية والرسوم المتحركة والتجريبية، إضافة إلى أفلام الرقص، من ٣٥ دولة مختلفة، ويتضمن أيضًا ندوات وحلقات حوارية. ويختتم المهرجان في ١٩ نيسان في حفل توزيع الجوائز. هذا وسيختار الجوائز أعضاء لجان التحكيم، التي تترأسها الممثلة الكبيرة كارمن لبّس، وتضم ١٨ عضوًا من كبار صنّاع السينما والممثلين والفنّانين، يتوزعون على لجان خاصة بكل فئة من الأفلام المعروضة.


الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان