اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


هل هي مصادفة ان يكون حفل اعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام ٢٠٢٤، متزامنا مع عيد المقاومة والتحرير؟ لعل عيد طرابلس في حدثها التاريخي، يتماهى مع عيد المقاومة والتحرير، وهي مدينة عريقة متجزرة في تاريخ المقاومة وفاعلة على دروب تحرير الارض من العدو اليهودي الصهيوني.

حفل اعلان المدينة عاصمة للثقافة العربية لعام ٢٠٢٤ في قاعة معرض رشيد كرامي الدولي توج بتوأمة مع مدينة القدس عاصمة فلسطين، المعلنة عاصمة دائمة للثقافة العربية، وهو حفل تميز بحضور سياسي لبناني وعربي لافت، وشخصيات ثقافية واجتماعية واقتصادية، وفي المقدمة راعي الحفل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ونائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، والداعي للحفل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، والمدير العام للالسكو الوزير ولد اعمر، وعدد من الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، المطران جوزيف نفاع ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عدد من السفراء العرب والنواب والمفتين والمطارنة وحشد لبناني وعربي.

أكدت طرابلس، انها مدينة تحب الحياة وان عمق تاريخها صمد امام كل التحديات، وكل محاولات تشويه صورتها وسلخها عن تاريخها، فازدانت شوارعها بفرح المناسبة لتعلن انها المدينة المختزنة لاهم الاثار التاريخية لحقبات وحضارات منذ ما قبل الفبنيقيين والى عهود تركت بصماتها في ارجاء المدينة الزاخرة بالقلاع والحصون والمساجد والكنائس والخانات والحمامات الى ما يربو على 140 موقع أثري، لكنها مدينة عانت من التهميش والتجهيل المتعمد من الدولة، فيأتي الاعلان في الحفل ليكشف اهميتها كمدينة تاريخية سياحية تضاهي اهم المدن السياحية في العالم...

قد يكون حفل الاعلان عن تسمية المدينة عاصمة للثقافة العربية، جاء نتيجة جهد بذله وزير الثقافة، لكنه بدا انه لم يرق الى مستوى الحدث التاريخي المطلوب لعدة اسباب ابرزها، ضآلة التمويل، بل ربما لعدم توافر المال الكافي لتنظيم الاحتفاليات اللازمة نتيجة الانهيار المالي الذي تشهده البلاد، وثانيا، لعل اللجان المكلفة كانت مقيدة بحجم الموازنة المعتمدة، رغم ذلك نجح الحفل، وشهدت المدينة عرسا ثقافيا وطنيا واسعا وضعها على خارطة التنمية المستدامة حسب قول المرتضى.

والعرس لا يكتمل دون تجهيزات لا بد منها بدءا من احياء دور المعرض الدولي وتأهيل مطار القليعات وتشغيل فندق المعرض مع انشاء فنادق اخرى وتأهيل المواقع الاثرية والسياحية وفتحها امام الزوار، وتنظيم حملة اعلامية عالمية تعرف بمدينة طرابلس السياحية التاريخية عدا عن تأهيل شوارع المدينة وانارتها بالكامل كي تعود الى القها ودورها الفاعل والمتفاعل على الخارطة اللبنانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاثرية والثقافية والسياحية.

بدأ الحفل بالنشيد وبكلمة ترحيب من المحامي شوقي ساسين أكد فيها ان "طرابلس هي امس واليوم وهي حاضنة العرب وخزانة ثقافتهم".

ثم ألقى اعمر كلمة قال فيها: "إن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تثمن كل الجهود المبذولة من أجل إظهار مدينة طرابلس بحلتها التي تليق بها، والتي تعكس أهليتها لهذا الحدث والاستحقاق الثقافي والحضاري الهام؛ لتظل منارة حضارية كما كانت دائما، ولتكون أيضا وكحال أخواتها مدن الثقافة المحتفى بها سابقا نموذجا تحتذي به بقية العواصم العربية للثقافة.. خلال السنوات المقبلة".

بدوره، قال المرتضى: "إعلان طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024، حدث في تاريخ المدينة ولا أبهى، يزف إليها، وهي ولبنان والمنطقة في الظروف القاسية التي تعلمون. لن أترك للشجن أن يتسرب إلى مفاصل يومنا الطرابلسي السعيد، لكن لا بد من قول يقين لا يتزحزح، بأنه ينبغي لهذه المناسبة أن تكون فرصة تستعيد فيها المدينة كامل موقعها على خريطة التنمية المستدامة، نظرا لما تحتويه من مرافق اقتصادية ومقدرات ثقافية، ومن إمكانيات بشرية ذات كفاءات عالية في جميع الميادين. فطرابلس التي احتضنت العروبة ولبنان والإنسان، علينا اليوم أن نحتضنها نحن، لتعلن عن حقيقتها المضيئة، أنها منارة على شاطئ الغد، ومختبر لكيمياء العيش في المعية على ألفة الآخر، زندا بزند وقلبا إلى قلب، في فضاء الفكر الحر والإيمان السمح ولقاء الإنسان بالإنسان. وهذا بالحقيقة مغزى الثقافة وغايتها، كما عاشتها الحضارة العربية ووزعتها على العالم أجمع. إنها تلك التي تبني الحياة بكامل تجلياتها المادية والمعنوية، وتسعى إلى إرساء السلام بين الأنام على مبدأ "لكي تعارفوا". وهي تشهد اليوم صراعا ملتهبا وداميا بينها وبين العنصرية الصهيونية التي تقوم على رفض الآخر حتى قتله وإبادته وتدمير وجوده. وهذا ما يحدث في غزة والجنوب وغيرهما من بلادنا المقدسة. وإذا كان لجبهات القتال العسكرية مع هذه العنصرية الحاقدة أن تتأيد بعزائم المقاومين وتضحياتهم، فإن المقاومة الثقافية لا تقل أهمية عن النزال العسكري، ولهذا وجب علينا كلبنانيين وكعرب، بعد غزة ومآسيها، أن نعمل على إرساء استراتيجية ثقافية تشترك فيها جميع عناصر القوة التي نمتلك، بما فيها نعمة الاختلاف، وهي في عمقها قيمة إنسانية مناهضة للأحادية العنصرية التي يعيش بها هذا الكيان المغتصب".

اما ميقاتي فقال: "لعل أبرز عنوان لدخول طرابلس في الطور الجديد، هذا المعرض الذي نحن فيه الآن، والذي يحمل اسم الرئيس الشهيد رشيد كرامي. صحيح أن الاستفادة منه بالصورة الفضلى التي يتيحها موقعه وهندسته ووظيفته، لم تتحقق إلى اليوم، لكن من دواعي فرحنا في لبنان، أنه أدرج مؤخرا على قائمة التراث العالمي لدى منظمة الأونيسكو، وهذا يلقي علينا، مقدارا عظيما من المسؤولية للحفاظ أولا على ارث حامل اسم هذا المعرض وثانيا على هذا المعلم المعماري الفريد، واستعماله من ضمن الضوابط الفنية والقانونية المعتمدة، لتحقيق الوظيفة الوطنية التي بني لأجلها"، مضيفا "من طرابلس بالذات اكرر واؤكد ان لا مكان لليأس في نفوسنا، ونحن عازمون على العمل بعزم وارادة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان، والتخفيف قدر المستطاع من الآم اللبنانيين ووضع الامور على سكة التعافي".

لوحة تذكارية

بعد ذلك، ازاح ميقاتي واعمر والمرتضى ورئيس مجلس ادارة معرض رشيد كرامي الدولي أكرم عويضة، اللوحة التذكارية للمناسبة.

توأمة مع القدس

ثم وقع المرتضى مع سفير دولة فلسطين اشرف دبور ممثلا وزير الثقافة الفلسطيني، اتفاق توأمة بين طرابلس والقدس عاصمتين للثقافة العربية. وتسلم المرتضى درعا تذكارية من دبور، في حين سلم ولد اعمر وزير الثقافة درع العاصمة الثقافية.

ووجهت خلال الحفل "تحية من طرابلس الى الأشقاء في العالم العربي" فقرة فنية مع المبدعة كريستيا كساب ابنة الجنوب و"موسيقيون من أجل طرابلس" بقيادة المايسترو هياف ياسين.

الأكثر قراءة

من تعدّيات يزبك الى فضائح بركات ودرغام وجعجع... حكايات نفوذ وفساد بلا حدود على شاطئ كفرعبيدا - تحوم!