اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يجتاح العالم انحطاط اخلاقي كبير منذ اكثر من 18 سنة ويظهر في بقاع كثيرة من العالم ويتصاعد، حتى انه في سنة 2023 وسنة 2024 وصل الى ذروته ومن خلال الرؤية المستقبلية نجد ان هذا الانحطاط الكوني سيرتفع اكثر واكثر لان لا احد يهتم بمعالجته لا بل كل الاطراف والدول الكبرى وغيرها تصب الزيت على النار.

انما ما يجري في قطاع غزة حاليا منذ 8 اشهر ونحن في الشهر 9 يدل على ان العالم اغمض عينيه عن المجازر التي ترتكبها اسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة بشكل ابادة جماعية وجرائم حرب موصوفة وصحيح ان عملية طوفان الاقصى التي قامت بها حماس استهدفت المئات من المدنيين والعسكريين في غلاف غزة لكن هذا لا يحسب حساب له بالنسبة لما قام به الجيش الاسرائيلي من مظالم ومجازر ضد الشعب الفلسطيني والمقاتلين خاصة المدنيين ولا يمكن استغراب ان تقوم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بردة ضد مستوطنة في الغلاف بعد حصار دام 14 سنة لمليونين و400 الف فلسطيني في قطاع غزة وهم محرومون من الكهرباء ويعانون شح المياه والطعام ولا يجدون فرصة عمل وكل ابواب العبور من القطاع الى الخارج مفتاحها في يد جهاز الشاباك الذي دوره الاساسي قتل الشبان الفلسطينيين ومعاقبة الشعب الفلسطيني ونحن اصبحنا في القرن 21 بينما لم يحصل ذلك في ايام المغول والبرابرة.

لم يتحرك العالم تجاه المظالم والجرائم التي تحصل في قطاع غزة باستثناء الاعلان عن الاعتراف عن حل الدولتين في حين هذا الحل يبقى كلاما وتصريحات وحبرا على ورق، اما التنفيذ سيرد عليه وزير المالية الاسرائيلي وهو رئيس حزب ديني وانه سيستعمل صلاحياته لاجهاض الدولة الفلسطينية من خلال استملاك اراض للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وتحويلها الى المستوطنين الاسرائيليين كي يصبح الشعب الفلسطيني معدوم الامل بقيام دولته ويتم خنق حلم الدولة الفلسطينية في مهدها.

واذا انتقلنا الى السودان فالفظائع ترتكب هناك والعالم لا ينظر الى ما يجري وهنالك اكثر من 150 الف ضحية تم قتلهم من الشعب السوداني في نزاع داخلي واصبح قطاع غزة والسودان هما نقطتان يعلنان ان ليس من صالح اي طفل ان يولد فيهما ذلك ان المجزرة الكبرى تجري بحق الاطفال اولا ومن بعدها النساء كذلك المسنين لا حظ لهم في العيش والحياة في هاتين النقطتين اي قطاع غزة ودولة السودان، والجامعة العربية لا تجد حلا للحرب المستمرة في السودان منذ سنوات ولا الامم المتحدة ولا اي وساطة عربية ولا حتى المتصارعين في السودان يشعرون ان واجبهم الوطني تجاه شعبهم والاجيال الاتية تفرض عليهم وقف اطلاق النار.

ولننتقل الى سقوط العولمة فقبل 22 سنة انطلقت العولمة برسالة الى ان الدول المنتشرة على الكرة الارضية يجب ان تشترك بمصالحها البشرية والاجتماعية وتقيم علاقات على قاعدة المصالح العليا لشعوبها وليس المصالح الانانية الضيقة للانظمة وللحكام وهذا ما حصل وانطلقت اوروبا في مجال العولمة من خلال اعلان الوحدة الاوروبية كذلك اعلان مجلس نيابي مشترك وهو البرلمان الاوروبي وانتخاب ممثلين وصلوا الى حدود 30 دولة في البرلمان الاوروبي كذلك تم تنسيق العلاقات المالية والاقتصادية لكل دولة كي تكون شريكة في الاتحاد الاوروبي كما قاموا بتوحيد تأشيرة الدخول الى كامل هذ الدول وتقريبا ازالوا الحدود فيما بينهم وابقوا حاجزا لا يفتش عن تأشيرات الدخول او غيرها بل قد يسأل سؤالا واحدا واكثر الاوقات لا يتدخل مع السيارات التي هي بالالاف وتعبر الحدود بين البلدان الاوروبية وهكذا تم تسهيل الدخول الى الاتحاد الاوروبي اي الى حوالى 30 دولة اوروبية عبر تأشيرة الدخول الموحدة امام دول وشعوب العالم كله كما ان بريطانيا تخلت عن مقاطعة هونغ كونغ التي كانت تابعة لها وتركتها لجمهورية الصين الشعبية التي تريد ضم جزيرة تايوان لها لكن الولايات المتحدة تمنع ذلك حتى الان.

ثم حصل الربيع العربي على قاعدة التغيير في الانظمة العربية وظهرت منظمات تكفيرية بعضها مدعوم من دول عربية والاهم مدعومة من دول اوروبية واقليمية كانت تقول ان هذه المنظمات تريد القتال من اجل التغيير لكن عمليا جاءت هذه المنظمات التكفيرية للقتل وليس للقتال وما قامت به داعش وجبهة النصرة وغيرهما كانت مذابح طالت الملايين خاصة في العراق حيث قتلت داعش مئات الالاف من الازيديين والسريان والكلدان كذلك حصل في دول اخرى من قتل مواطنين مسلمين ايضا وليس على قاعدة مسيحي او مسلم وبالنتيجة تم تطويق هذه المنظمات التكفيرية وازالتها لكنها ما زالت موجودة في مناطق من العراق والجمهورية السورية وفي خلايا نائمة حتى في لبنان. ولا ننسى الحرب الدائرة في ليبيا والخلافات فيها وهي كانت دولة متطورة لكنها غرقت في الحرب الداخلية.

اما في لبنان فكانت الازمة الكبرى منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبدأ لبنان بالتراجع ثم ظهر فساد كان موجودا الى حد ما لكنه اصبح كبيرا ومستشريا وضاعت اموال لبنان وضاع مستقبله وضاعت المشاريع فيه وضاع دوره المشرق في الشرق الاوسط او تجاه العالم كله وكان دولة المؤسسات وكان له جيش قوي جدا وكان فيه مؤسسات حكومية عامة ومؤسسات خاصة سواء المستشفيات حيث سمي مستشفى الشرق ومستشفى العالم العربي اضافة الى الجامعات التي درس فيها ملوك وامراء من الخليج ورؤساء جمهوريات من العالم العربي وكانت السياحة عامرة فجاء الفساد والخلافات والانانيات بين المسؤولين لتدمر لبنان وتؤدي لنزوح كبير من المواطنين خاصة من المسيحيين الذين تراجعوا من عدد 45% الى 18% كما يقول رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وهو مسؤول كبير في الدولة وبات لبنان يفتش عن ابنائه الذين لم يعد يجدهم الا في اوستراليا وكندا والولايات المتحدة ودول العالم بينما هم تركوا لبنان وفي قلبهم غصة كبيرة وحنين الى اهلهم الذين تركوهم وبعضهم عمل على هجرة اهله لتتألف عائلات لبنانية في الخارج.

وسقطت العولمة ايضا مع حرب روسيا على اوكرانيا لكن الدولة الكبرى في العالم التي هي الولايات المتحدة لعبت دورا كبيرا في اسقاط العولمة وارادت ان تبقى القطب الوحيد الاول في العالم ولن تقبل روسيا بقيادة بوتين بهذا الامر وبدأت تتحرك، والولايات المتحدة التي رعت حرب السعودية في اليمن عمليا تخلت عن السعودية ولم تدافع باسلحتها الدفاعية الجوية عن الصواريخ التي استهدفت السعودية ففكر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بوساطة الصين مع ايران لمعاهدة حسن جوار وسار برؤية 2020 ـ 2030 للمخطط الذي يريده للسعودية.

وقد كان افضل خيار هو حسن الجوار بين السعودية وايران واصبح قائما فعليا بين ايران ودولة الامارات ودولة البحرين كما حصل منذ اسبوع ولكن طبعا لسنا نتحدث عن عولمة جديدة حاليا نشهد سقوط العولمة بشكل كبير ويبدو ان اقصى اليمين ينتصر في الانتخابات النيابية خاصة في اوروبا ويتصاعد في دول عديدة ضد المهاجرين الى دول مثل الولايات المتحدة وغيرها لكن اقصى اليمين الذي تريده الصهيونية ان يقوى ويزداد نموه فان اقصى اليمين ينادي اقصى اليمين بعد 30 سنة كي ينقلب على الصهيونية كما حصل في الماضي.

هل من منقذ لمنع الانحطاط القومي ولاعادة مستوى من العولمة القائمة على احترام القيم الانسانية والاخلاقية؟

شارل أيوب