اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يعلم المتابع لمجريات الظروف السياسية في المنطقة، أن تراجع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي عن تصريحاته بخصوص حزب الله كانت لزوم ما لا يلزم، وهو بالطبع لم يتراجع بسبب السخط اللبناني لبعض القوى السياسية، إنما لأسباب عربية بالدرجة الاولى وأميركية بالدرجة الثانية. فبالنسبة للعرب ليس الآن الوقت المناسب لإعلان وجود علاقات "سرية" بينهم وبين الحزب، وبالنسبة الى الاميركيين لا يمكن التراجع عن تصنيف حزب الله بالإرهاب، في الوقت الذي يخوض فيه الحزب حرباَ ضد "اسرائيل".

أولا، بحسب مصادر سياسية مطلعة، لا بد من الإشارة الى أن الجامعة العربية ليس لديها قوائم لتصنيف الجماعات والتنظيمات، بل كانت تعتمد التصنيف على سبيل التسمية، وكانت نتائجها المباشرة للتسمية التي نتجت من علاقة العرب بإيران بالدرجة الاولى، والحرب في اليمن وتداعياتها بأن تُقطع العلاقات مع الحزب. وبالتالي عندما عاد الحديث مع إيران والاتفاق السعودي - الإيراني في الصين، وعودة العلاقات الأمنية بين العرب وحزب الله، يعني حكماً ان التسمية سقطت، ولقاء زكي برئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد كان الأساس في كل ما يجري، فهذا اللقاء غاب حوالى 8 سنوات، وعودته تعني حكماً حصول أمر ما في الجامعة، أو على الأقل في العلاقة بين المكونات العربية وحزب الله.

وتكشف المصادر أن ليس زكي وحده مَن التقى حزب الله، فالمصريون لا يقاطعون الحزب، وبعد تحسين علاقتهم بإيران ارتفعت وتيرة العلاقات مع الحزب أيضاً، كذلك هناك اللقاءات الامنية التي تعقد بين حزب الله وممثلين أمنيين في دول خليجية، وهي لقاءات لم تنقطع، وبالتالي فإن التسمية هي مجرد شعار سياسي يُرفع عند الحاجة.

قد يكون مفهوماَ موقف بعض القوى العربية من الحزب في الوقت الراهن، كما الموقف الأميركي من الحزب، ولكن اللافت في كل ما جرى بحسب المصادر، كان التصريحات اللبنانية التي نددت بتراجع الجامعة العربية عن تسميتها لحزب الله بالإرهاب. فاليوم يبدو واضحاً ان القوى التي تصنف نفسها في الموقع المعارض تذهب بعيداً بالعداء مع الحزب، حتى ان بعضهم يعول على حرب "اسرائيلية" لضرب الحزب والقضاء عليه، وهو ما كان حصل سابقاً خلال حرب تموز، وتصريحاتهم تتماثل مع التصريحات "الاسرائيلية"، ففي حال كان اعتقادهم راسخاً بأن حزب الله ارهابيّ، فكيف يتعايشون معه في برلمان واحد؟

بعض القوى السياسية اعتبرت الموقف الأميركي وموقف "تل أبيب" من حزب الله كافيين للرد على موقف الجامعة العربية، فبالنسبة الى هؤلاء هم يقفون مع موقف "اسرائيل" بوجه حزب الله، وهذا لا يساهم سوى بأمرين: الأمر الأول تعميق الخلاف والهوة بين اللبنانيين، والأمر الثاني هو تعميق خسارتهم في المستقبل، لأن التسوية لن تكون مع الضعيف في لبنان، بل مع القوي، وهو ما يُثير قلق المعارضين بشكل أساسي.

كذلك تتوقف المصادر عند إعادة إحياء بعض الشخصيات السياسية في ظروف معينة، كالتي تجري اليوم، كرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي لا يظهر سوى للهجوم على الحزب، وهو الذي اعتبر القرار العربي هدية مجانية، مشيرة الى أن هناك شخصيات "غب الطلب" تتحرك فقط للهجوم على المقاومة.

وتؤكد المصادر أن هؤلاء المعارضين للمقاومة كان لهم في السابق منذ العام 2005 رهاناتهم السياسية، كذلك في حرب تموز وما بعدها ومع بداية حرب سوريا عام 2011 وما بعدها، ومع الثورة الشعبية عام 2019 وما بعدها، واليوم يكررون الرهانات، وكلها كانت رهانات خاسرة، وستكون كذلك اليوم، ولعل أكثر من قرأ هذه الرهانات الخاسرة كان الرجل الثاني في الفاتيكان الذي زار لبنان مؤخراً، وخرج بانطباع سيىء جدا.

الأكثر قراءة

إنهم يقتلون أميركا...