اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في حروبها في المنطقة وفي علة وجودها، تختلف بعض الأمور على «اسرائيل» بين تلك التي تقلقها وتلك التي تخيفها. وهذه أبرزها:

1 - تخاف «اسرائيل» من نفسها!

إن خوف «اسرائيل» الأكبر على نفسها هو من نفسها، ومن سوء أدائها، ومن سوء استعداداتها، ومن سوء خططها واستراتجياتها وسياساتها... بمعزل عن أفعال أو ردود أفعال أعدائها!

إنه خوفها من فقدان الثقة بقوتها وبجيشها، لذلك، فهي حريصة على تفوق تجهيزها العسكري، كما بالقبة الحديدية وصواريخ الباتريوت وطائرات F35 و F15 والتكنولوجيا الحديثة لـ «الموساد»، والتي تستعملها في الاغتيالات، وبالتدريب العالي جداً لجيشها، وعلى عديده الذي يتخطى الـ 170.000 عسكري، وعلى احتياطها الذي يصل الى 450.000 عسكري!

وإذا كان النجاح الهائل في 7 أكتوبر يعود بالتأكيد لتنظيم وتنفيذ حماس لعملية طوفان الأقصى ودعم إيران لها! ولكنه يعود أيضاً، وخاصةً، للفشل الأمني «الاسرائيلي»، ولاستخفاف «اسرائيل» بحركة حماس، ولاستخفاف «الموساد» بتدريباتها في 6 مراكز مكشوفة، ولسهر في الملاهي، ولسكر في الاحتفالات لمن يفترض أن يكونوا مستيقظين ومتيقظين لحماية الأمن، ولاعتقاد «الاسرائيليين» أن التكنولوجيا تكفي لوحدها من دون عنصر بشري لتحريكها والتحكم بها، ولاعتقادهم أن جداراً من حجر يحمي بشراً من بشر!

قد يكون هدف «اسرائيل» الأول في حربها على غزة اليوم هو استعادة وإعادة ثقة الرأي العام «الاسرائيلي» الداخلي بالجيش، لأنه المدخل الأساسي لاستعادتها داخلياً لهيبتها ولمكانتها، التي تلقت ضربة موجعة جداً في 7 أكتوبر!

2 - زعزعة اللوبي الصهيوني- الأميركي تحديداً!

تخاف «اسرائيل من زعزعة اللوبي الصهيوني الداعم لها، ومن تراجع قدراته وامكانياته الدولية بدعمها. فهو الذي يؤمن لها الدعم الأميركي غير المحدود، كما الدعم الأوروبي، أي الدعم السياسي والعسكري والمالي واللوجيستي والاعلامي... كما يضع بتصرفها وبجهوزية دائمة، «الفيتو» الأميركي في مجلس الأمن، ويؤمن لها تصويت بريطانيا وفرنسا الدائم الدعم لها. ولكن هذا اللوبي يبدو حالياً أقوى من أي زمن مضى! وليس هناك لوبيات جدية لمواجهته، لا عربية ولا غير عربية.

3 - الخوف من تكرار 7 أكتوبر!

تخاف «اسرائيل» من أي كابوس... مفاجيء! تخاف المفاجأة! وتخاف في لياليها من كابوس 7 أكتوبر. والأهم أنها تخاف من أن يتكرر.

ويعتقد كثيرون أنه لا يمكن لطوفان الأقصى أن يتكرر عملياً، بسبب تعلم «اسرائيل» ودفعها لفاتورة ثقيلة جداً، لدرس ضرورة الجهوزية الدائمة ولتجنب عنصر المفاجأة. ولكن التكرار «الممكن» الوحيد له حالياً هو من جنوب لبنان، من حزب الله تحديداً! فهو الوحيد القادر ميدانياً و»جغرافياً» من تنفيذ 7 أكتوبر جديد!

إذ أن حماس تحتاج الى عشرات السنين لاستعادة قواها. أما فلسطينيو الضفة فهم سيتعرضون لحملات اضطهاد «اسرائيلية» كبيرة بعد الانتهاء من غزة! وهم قادرون على الأكثر، على إطلاق انتفاضة جديدة، قادرة «اسرائيل» بجيشها وبحوالى 750.000 مستوطن مسلح في أكثر من 100 مستوطنة في داخل الضفة، من السيطرة عليها.

ولمنع 7 أكتوبر من أن يتكرر، فـ «اسرائيل» مستعدة للاستمرار بالحروب حتى خنق أي قدرة على تكراره! ما يعني أن حروب «اسرائيل» في المنطقة ستكون طويلة... جداً!

4 - صواريخ حزب الله القصيرة والمتوسطة المدى!

لا تخشى «اسرائيل» الصواريخ الكبرى والبالستية، لا من إيران ولا من اليمن ولا من العراق ولا من لبنان، باعتبار أن القبة الحديدية قادرة على اعتراضها جميعها! هذا ما تعتقده على الأقل.

وما يقلق «اسرائيل» من دون أن يخيفها هو قدرة المسيّرات «المحدودة» على اختراق الأجواء «الاسرائيلية» من دون اعتراض.

أنفاق حزب الله مقلقة جداً للجيش «الاسرائيلي» إذا أراد خوض معركة برية ودخول الأراضي اللبنانية، لمحاولة تأمين منطقة عازلة، خالية من أسلحة الحزب حتى شمال الليطاني. وهي يمكن أن تشكل عامل ردع ولو محدود، في خيارات الحرب «الاسرائيلية».

أما الخوف «الاسرائيلي» الفعلي فهو من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، لأنه يصعب، لا بل يستحيل عملياً على القبة الحديدية اعتراضها، مالياً بشكل أساسي.

هذه الصواريخ قادرة على منع مستوطني شمال «اسرائيل» من العودة الى منازلهم (80 الى 100 ألف مهجر قسري). وقادرة على تهديدهم بغزارتها وبتكاليفها «البسيطة» من إعادة تهجيرهم فيما لو عادوا! من هنا، ارادت «إسرائيل» إخراج حزب الله من منطقة جنوب الليطاني. وهنا يكمن مفتاح الحرب الشاملة مع حزب الله ومع لبنان!

5 - الخوف من السلاح النووي الإيراني

القلق «الاسرائيلي» والتخوف من امتلاك إيران للسلاح النووي، يمكن أن يصبح لاحقاً خوفاً حقيقياً وتهديداً جدياً لها! إلا إذا، وهذا مرجح، عمدت «اسرائيل» الى ضرب أي مفاعيل نووي في الداخل الإيراني قبل إتمامه، كما ضربت مفاعل أوزيراك العراقي بالقصف الجوي في 7 حزيران 1981.

6 - تكاثر عرب 48!

يتخوف الكثيرون من «الاسرائيليين» اليهود من عملية تكاثر 48، بحجة إنهم يمكن أن يصبحوا الأكثرية فيها بيوم من الأيام، وبالتالي يمكنهم التحكم عندها وعلى المدى الطويل بقرار دولة، لن تعود عندها... يهودية! كما أنه يمكن لبعضهم التحرك أو الانتفاض ضد السياسات الحكومية، هذا إذا لم يتعرضوا بدورهم الى مزيد من الاضطهاد!

يحمل عرب 48 الهوية «الاسرائيلية» مرغمين! ويقول الكثيرون منهم إنهم لم يفعلوا شيئاً سوى البقاء في أرضهم وفي منازلهم. وعددهم هو أكثر من مليوني نسمة بقليل، بينهم 400 ألف داخل الأراضي المحتلة، أي حوالى 21% تقريباً من عدد سكان «اسرائيل» البالغ 9.5 مليون نسمة، بحسب الاحصاءات «الاسرائيلية» في نيسان 2023، 80% منهم مسلمون، 11% مسيحيون، و9% يتوزعون بين دروز وشركس.

هل تنجح «اسرائيل» بتبديد مصادر مخاوفها؟ وهل تملك حلولاً وأجوبة أخرى عليها غير عسكرية؟ أم أنها تستطيع يوماً الوصول الى سلام مع محيطها؟ المؤكد اليوم أن الطريق ما تزال طويلة ووعرة جداً، والتهديدات كثيرة والأمن والأمان مؤجلان، والحروب مستمرة! 

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية

الأكثر قراءة

صواريخ المقاومة تشلّ مطار بن غوريون: تل أبيب تحت النيران «إسرائيل» توسع نطاق عدوانها البري