اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بديهي أن تكون هناك مراكز قوى في ايران، تتعارض أو تتقاطع حيال القضايا ذات الحساسية الاستراتيجية. وبالرغم من القاعدة الايديولوجية (ومتى لا تنطوي الايديولوجيا على القليل أو الكثير من التوتر؟)، ثمة رؤوس باردة هناك تتقن اللعب على حافة الهاوية، وتعرف مع مَن تلعب على حافة الهاوية.

صرخات تدعو للثأر عقب عملية اغتيال اسماعيل هنية، وفي اختراق مدو، بعد سلسلة من الاختراقات للأمن الايراني، ما استدعى طرح الأسئلة حول جدية  وأهلية المنظومة الأمنية في حماية دولة يحيط بها الأعداء.

ولكن في نظام ايديولوجي، الصرخات اياها تبدو وكأنها جزء من ثقافة بنيوية شائعة، حتى أن العالم كان ينتظر الرد في كل لحظة، الى أن صرح المتحدث باسم الحرس الثوري (وحيث مركز الرؤوس الحامية) بأن "فترة الانتظار قد تكون طويلة"، وبأن الرد "لا يشبه العمليات العسكرية السابقة"، ليضيف "ان سيناريوات الرد ليست متشابهة، وستغيّر حسابات العدو".

ما نفهمه لا صواريخ ولا مسيّرات الى "اسرائيل"، عمليات استخباراتية؟

هنا الكلام المنطقي. منطق الدولة الذي يفترض أن يتغلب على منطق الثورة، حين يكون المشهد على هذا المستوى من الخطورة. كان واضحاً أن بنيامين نتنياهو، بالخلفية التلمودية الساحقة، وبسقوطه بين دماء ووحول غزة، تزامناً مع حالة الضياع داخل الادارة الأميركية، سيلجأ حتماً الى الرؤوس النووية لضرب المفاعلات النووية، وسائر المرافق العسكرية وحتى المدنية في ايران.

علينا أن نستذكر ما قاله آية الله خامنئي، بعدما زود الغرب الرئيس العراقي صدام حسين، وفي ذروة الحرب العراقية ـ الايرانية، بالصواريخ التي ضرب فيها ايران دون أن تمتلك هذه وسائل الرد،  "طوبى لكم رجالاً ونساء، طوبى للمحاربين والأسرى والمفقودين، وعائلات الشهداء العظيمة، أنا الذي ما زلت على قيد الحياة، أتجرع كأس السمّ الملوث بالقرار (قرار مجلس الأمن بوقف النار)، وأشعر بالعار مقابل عظمة هذا الشعب الكبير". في الحال أمر بالحصول على التقنية الخاصة بصناعة الصواريخ.

ثمة من يؤكد أن آية الله خامنئي أمر بانهاء المرحلة الأخيرة من صناعة القنبلة، وقيل في غضون أسابيع، بعدما استشعر مدى خطورة استخدام السلاح النووي ضد بلاده. لا ندري اذا كانت هناك مشكلة في صناعة الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس النووية، وهي التي تحتاج الى مواصفات تقنية بالغة التعقيد، وبعدما ألمحت وسائل اعلام أميركية الى أن دونالد ترامب حصل من كيم جونغ ـ أون  ولدى لقائهما عام 2019، على تعهد بوقف أي نشاطات نووية وحتى صاروخية  مع ايران.

كلام المتحدث باسم الحرس الثوري لم يأت من فراغ، اضافة الى "الرجاء الأميركي". مصادر أوروبية حساسة أبلغت طهران بأن نتنياهو أمر بوضع الصواريخ النووية في حال استعداد، مثلما فعلت غولدا مئير في حرب 1973. وكانت معلومات قد وصلت من واشنطن الى طهران، قد ذكرت أن زعيم "الليكود" أبلغ قادة الكونغرس، اثر القاء كلمته هناك في تموز المنصرم، بأن "لا اسرائيل آمنة الا بتدمير المفاعلات النووية الايرانية، وحتى النظام هناك".

معسكر للمجانين. لاحظوا مدى الكراهية ضد أي صوت معترض على سياسات "اسرائيل". مندوبها لدى الأمم المتحدة جلعاد اردان قال ان مبنى المنظمة الدولية "ينبغي أن يغلق، ويمحى عن وجه الأرض"، ليشير الى أن هذا المبنى "يبدو جميلاً من الخارج، لكنه في حالة عوجاء وشوهاء من الداخل"، عاكساً الثقافة التوراتية في اقصى تجلياتها. ازالة كل شيء من هذا العالم الذي وجد فقط لـ "شعب الله المختار".

وكان الأميركي جون بولتون، بشخصيته الهيستيرية الشهيرة، قد دعا الى تهديم طبقات من المبنى على رؤوس الذين يعارضون السياسات الأميركية.

من يتأمل في ثنايا الحالة "الاسرائيلية"، يدرك حدة الشقاق بل وحدة الصراع المتنامي بين المؤسسة السياسية وكل من المؤسسة العسكرية  والمؤسسة الأمنية. ممثل الجيش في الوفد المفاوض لوقف النار رفض المشاركة في محادثات القاهرة "لأنها دون جدوى بسبب تعنت نتنياهو".

هذا ما يجعل حتى المؤرخين الجدد، المعارضين لليمين، يبدون خشيتهم من تحلل الدولة أو انفجارها. المهم لا انقاذ لنتنياهو بعدم الوقوع في الفخ النووي. لندع الرؤوس الباردة ان في ايران أو في لبنان هي التي تتكلم...

الأكثر قراءة

حماس لن تتراجع: وقف النار او لا اتفاق... الكاتيوشا والمسيّرات الانقضاضية تتساقط على القواعد الاسرائيلية «صواعق كهربائية» بين ميقاتي والتيار... لماذا تُرفض العروض الإيرانية؟