اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


من اللحظة الأولى للحرب، فَهِم الأميركي حجم المعركة وكذلك عرف محور المقاومة أنه أمام منعطف وتحوُّل تاريخي، فطوفان الأقصى بدأتها حركة حماس، وجبهة الجنوب بدأتها المقاومة الإسلامية في لبنان، وجبهة اليمن بدأتها القوات المسلحة اليمنية، بحيث قامت المقاومة بفعل الابتداء، وكل ما يفعله العدو هو محاولة إلحاقها، وهذا ما جعله يذهب الى خطوات شديدة الحساسية والخطورة لكي يقول لمحور المقاومة: "أنا جاهز للتحدِّي وأملك القدرة، وأستطيع رفع السقف والقيام بخطوة الى الأمام، وجعلكم غير قادرين على استنزافي".

وما تؤكده مصادر مطلعة أن من بداية الحرب عرف محور المقاومة أن السبيل الأنجح لتحقيق الأهداف، هو استنزاف العدو على مدى زمني مُحدَّد ومدروس بأدوات محدَّدة ومدروسة، فالزمن يلعب لمصلحته والعدو لن يَطيق معه صبراً، ففرَض إيقاعه وضوابطه على المعركة، وبات التحدّي هو السير بالمسار الذي رسمه، وإفشال كل مخططات العدو ومحاولات تحييده عن هدفه.

هذا ما يُفسِّر المشهد الحالي، عندما رفع العدو سقف استهدافاته والتي كان آخرها اغتيال القادة خارج الدائرة الجغرافية، واستهداف مدنيين، وهذا ما يستدعي رد كبير من المقاومة يَتوقع العدو أن يَحيدها عن هدفها الأساسي. لكن ووفق مصادر مطلعة، فإن المقاومة تأخذ الوزن النوعي لقدراتها لتوظفها بخدمة الهدف المرحلي، أي وقف الحرب على غزة الذي يخدم الهدف البعيد المدى، ألا وهو تقويض أميركا وإزالة "إسرائيل" من الوجود، وهنا تكون الإدارة السليمة للموارد والمقدرات والقدرات، والتي يَحسب لها العدو ألف حساب.

صحيح أن المقاومة سترد حتماً وفق المصادر، لكن ضمن قواعدها وضوابطها للصراع الدائر حالياً، بحيث لن يستطيع أحد أن يَجرّها الى حيث يريد، ولن يستطيع أحد أن يفرض عليها أي شيء، فهي تفعل فعلها بوعيها، فتقوم بما يؤذي العدو ويخدم السياق الذي تريده، وبخاصة أنها معنية بالقول للأميركي "نحن أجرأ منكم في قبول التحدّي، ولدينا القدرة على الردع وعلى الاحتفاظ بالخطوة الاستباقية التي قمنا بها، وإعادة الجميع للسياق الذي نريده".

لا شك أن هذه المعركة تحتاج الى أعصاب وعقول باردة وبال طويل، فلا مجال للانفعالات والتسرُّع، لذا لن تخرج المقاومة عن السياق الذي قررته لأنه فعّال، تؤكد المصادر، ودليل فعاليته أن العدو اضطر أن يذهب الى أفعال يعرف أن لها حسابات معقدة لكن أُجبر عليها، لأنه يريد أن يدافع عن وجوده ويذهب بالتحدّي الى سقف أعلى .. وبما أن المقاومة هي مَن وضعت العدو بهذا المكان، فهي معنية بزيادة الضغط عليه، دون إعطائه فرصة ليفتح باباً لتنفيس ضغطه...

إذاً، المقاومة من البداية قالت: أي فعل عسكري أو أمني سيأتي في سياق هذه المرحلة، يجب أن يخدم الهدف المرحلي والهدف النهائي، فما تقوم به المقاومة هو البحث بوعي عن النقاط التي تؤذي العدو، وتدفع به الى التراجع والسقوط بأعلى جودة ممكنة وبأقل كلفة، لأن الغاية هي خدمة الهدف النهائي...

الأكثر قراءة

دمشق بين الجيش التركي والجيش "الإسرائيلي"