اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

إعداد وترجمة تونيا الخوري

كشف ديفيد هيرست، المؤسس المشارك ورئيس تحرير "Middle East Eye"، أن هدف نتنياهو الوحيد هو إشعال النار في المنطقة، مشدداً أن "على العالم أجمع أن يدرك هذا".

وتابع هيرست، وهو معلق ومتحدث في المنطقة أن نتنياهو "خسر حرب العلاقات العامة وخسر الحرب القانونية وخسر الحرب العسكرية وفرصه الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي جر أمريكا إلى مواجهة مباشرة مع إيران"، مؤكّداً على أن "هذا هو التهديد الأساسي للسلام العالمي، وكل شخص يجب أن يأمل بسقوطه".

وقال، المحرر والمراسل السابق لصحيفة الغارديان في روسيا وأوروبا وبلفاست إنني "قابلت نتنياهو لأول مرة حين كان زعيم المعارضة في إسرائيل عام 2000. في ذلك الوقت كان لديه فقط في الأساس فكرة واحدة وهي "إيران هي العدو وحماس وحزب الله هي فقط حاملات طائراتها" .

وتابع أن الدافع الأساسي لسياسة نتنياهو، بغض النظر عن فعل كل ما في وسعه لوقف إنشاء دولة فلسطينية، هو إقحام أميركا في مواجهة مباشرة مع إيران. مشيراً إلى أنه "يُنظر إلى الحرب على حزب الله على أنها مسألة وقت وليست إحتمال".

وأضاف هيرست أنه "إذا كانت إسرائيل قد فشلت في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في القضاء على حماس بعد 10 أشهر من إسقاط القنابل على غزة بأعدادٍ فاقت ما أسقطه الحلفاء على درسدن وهامبورغ خلال الحرب العالمية الثانية، فكيف تعتقد أنها ستتمكن من الإطاحة بحزب الله أو دفعه إلى التراجع؟" مردفاً أن "حزب الله أفضل تسليحاً من حماس، ويمتلك قذائف دقيقة جداً يمكن أن تتسلل تحت نظام القبة الحديدية. وبالتالي فإن إسرائيل بأكملها عرضة لحرب إقليمية على خمس جبهات".

وأوضح هيرست أن هذا، في الأساس منافياً لجميع المصالح الغربية، وخاصةً بعد سلسلة من الهزائم للسياسة الغربية في العراق، واليمن، وسوريا، وفي ليبيا.

وأشار إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية عملت أساساً "تحت عبء كبير فرضته على نفسها"، فقد كانوا يحاولون إقناع نتنياهو بوقف الحرب، لكنهم لم يقدموا له أي حافز لوقف الحرب. مضيفاً إلى أنها "لا تزال سياسة الحزبين في ما يتعلّق بواقع الشرق الأوسط، إذ يعمل بسياسة "مهما حصل في الشرق الأوسط ومهما ارتكبت إسرائيل من أخطاء سوف ندعمها" وهذا عبء لم يسمح الرئيسان الجمهوريان رونالد ريغان ولا حتى جورج بوش (الأب) بالعمل تحت وطأته.

وذكّر هيرست بموقف ريغان عام 1892، حين أوقف إسحاق شامير من قصف بيروت الغربية "لأن مشاهد القصف الليلي، على شبكة "سي إن إن"، كانت في غاية البئس"، لدرجة أن ريغان، الشخصية الإعلامية بامتياز، قال "لا، لا أريد ذلك، أوقفوها!" وفي غضون 20 دقيقة، توقف القصف على بيروت. ومن جهته، هدد بوش (الأب) بقطع المساعدات عن كل مستوطنة جديدة يتم الإعلان عنها.

وتابع رئيس تحرير "Middle East Eye" أن "الآن الرئيس جو بايدن وهو صهيوني بحت، ومتحدّر من أجيال من الصهاينة، قد أعطى مساحة أكبر بكثير لإسرائيل لارتكاب جرائم أكثر بربرية وإعطائها الضوء الأخضر للقيام بما يحلو لها على مدى فترة زمنية أطول بكثير، وبالتالي تضعه مطالبته بإنهاء الحرب الآن في موقفٍ ضعيف، لأنه كان بإمكانه أن يقول كل ما يقوله قبل 10 أشهر. فلم يتحقق شيء سوى استشهاد 40000 فلسطيني وسقوط حوالي 100000 جريح وحتى هذا قد يكون استخفافًا كبيرًا بالأرقام".

وأضاف أنه "من مصلحة السياسة الأميركية الحد من الصراع في الشرق الأوسط، والانسحاب لمواجهة الصين في بحر الصين. لذا فإن كل هذا يتعارض تمامًا مع مصلحة أميركا ومع ذلك فإن موقفها الافتراضي هو «علينا حماية إسرائيل» و«يجب أن تمتلك إسرائيل الأسلحة التي تحتاجها». لذلك، إذا كانت أميركا تحارب سياستها الخاصة، فسياستها الخارجية غير متّسقة".

وأشار هيرست إلى أن "العقبة الوحيدة أمام صفقة وقف النار ليس المفاوضين الإسرائيليين وليس الدولة الإسرائيلية العميقة ولا حتى الجيش الإسرائيلي، بل هو نتنياهو نفسه لأنه يخشى أن تنحل حكومته بمجرد انتهاء الحرب، وهذا يضع "الملك" أمام خطر بالإطاحة به".

وتابع أنه "بعد 10 أشهر طويلة تلقينا بعض التصريحات التهديدية والرئيسية من وجهة نظر نتنياهو، أولاً من قبل وزير دفاعه يوآف غالانت حين قال إن إسرائيل لا تستطيع تحقيق أهدافها عسكريًا. والآن بايدن بنفسه والولايات المتحدة يقولان إنه لا يمكن هزيمة حماس عسكريًا وإن كانت شبكة الأنفاق أوسع بكثير مما كانوا يعتقدون والطريقة الوحيدة لإخراج الرهائن الأحياء المتبقين البالغ عددهم 115 هي من خلال التفاوض". مضيفاً أنه "لن يكون لنتنياهو أية جوائز أو إنجازات من هذه الحرب، فمحمد ضيف ما زال على قيد الحياة، وفقًا لكبار مسؤولي حماس، المسؤولين بشكل مباشر عن هجوم 7 تشرين الأول، ولم يقتل يحيى السنوار الذي أصبح الآن الزعيم الجديد لحماس. وغزة وحماس وحركة المقاومة على قيد الحياة ولا تزالان قادرتين على إطلاق الصواريخ على تل أبيب بعد 10 أشهر من القتال".

وأردف أن "الشخصية البارزة الوحيدة في حماس التي اغتالتها إسرائيل هي إسماعيل هنية وهو لم يكن يختبئ في أي نفق، فقد كان يعمل علناً من طهران كمتحدث رسمي ودبلوماسي لحماس. وكان أوضح مؤشر على أن إسرائيل لم تكن مهتمة بمحادثات السلام الحقيقية والمفاوضات من خلال اغتيال كبير المفاوضين، لكنهم لم يغتالوا هنية فقط، بل قتلوا 60 فرداً من عائلته بينهم أولاده وأحفاده، وهذا ما أطاح، بشكلٍ أساسي، بمفاوضات وقف النار وأي أمل بعودة الأسرى أحياء".

وقال هيرست إن "من عوامل التوتر الرئيسية في إسرائيل هي سياسة نتنياهو في ما يتعلّق بملف الأسرى، أي أن حماس ستسلّم الأسرى فقط تحت الضغط العسكري. وهذا بعكس الواقع تماماً. فالقاتل الرئيسي للأسرى حتى الآن هو قصف الجيش الإسرائيلي نفسه. وحتى الأسرى الثلاث الذين كانوا يحاولون الاستسلام قتلوا برصاص الجنود الإسرائيليين. أما الطريقة الوحيدة لاستعادة الأسرى المتبقين هي من خلال السلام ومن خلال المفاوضات مع حماس". مشيراً إلى أن "هذا يوضح بشكل أساسي الغباء الكلي لحماقة تفكير نتنياهو الذي يدور حول الضربات التكتيكية والتي لا علاقة لها باليوم التالي للحرب".

وأكّد هيرست في كلامه على أن "خطأ نتنياهو الأول هو أنه لا يمكن قطع رأس منظمة مثل حماس أو حزب الله، ففي كل مرة تغتال فيها أحد أفرادها، يظهر فردان جديدان لأخذ مكانه. فهذا نظام مثبت يحافظ على المنظمة. فإذا قضيت على القائد لن تقضي على المنظمة. أما الخطأ الثاني هو أن الاغتيالات هذه استفزاز مكشوف وشكلٌ من التصعيد، وهم يعلمون أن حين تصعّد إسرائيل يقول بقية العالم ‘لا لا لا تردوا عليها’. فقد اغتيل رئيس أركان حسن نصر الله أيضًا في هجوم ذي صلة، وأعلن كل من حزب الله وإيران إنهما سينتقمان من عمليات الاغتيال هذه".

وتابع إنني "أعتقد أن إيران قد وضعت إسرائيل في موقفٍ حرج، لأنها تعهّدت على الانتقام، وإسرائيل لا تعلم من أين ستأتي موجة الصواريخ ولا إن كان الرد سيأتي من الجبهات الخمس في آنٍ معاً، وفي الوقت عينه، يخضع نتنياهو نفسه الآن لضغوطاتٍ من الحلف الغربي الذين كان يدعمه والذي سئم من الوضع السائد ويريد إنهاء الأمر برمته غدًا".

وأضاف أن "الأهم من ذلك أيضًا، أن أحد أهداف الحرب كان دفع الفلسطينيين إلى البحر. وإذا انتصر أحدٌ في الحرب هذه، فهم سكان غزة وليس حماس، بل شعب غزة القائلين ‘أجل سنموت هنا بدلاً من تكرار أخطاء عام 1948 أو 1967’. فقد كان لدى نتنياهو خطة لتقليل عدد سكان غزة، وكلف ساعده الأيمن رون دورما بتنفيذ الخطة. واتضح من القصف ومن نمط الضربات أن الهدف لم يكن حماس بل كان كل سكان غزة. وكان هذا خطأً استراتيجياً أساسياً وجعل الحرب حربًا وجودية لجميع الفلسطينيين في كل مكان ليس فقط في غزة ولكن في الضفة الغربية أيضًا".

وأشار إلى أن "إسرائيل" قد أضرت حقاً بنفسها في هذه الحرب، فهي الآن تحت ضغط هائل للاستسلام و"التلويح بالعلم الأبيض".

وعاد هيرست ليشدّد على أن "نتنياهو ليس مجرد تهديدٍ للمنطقة فحسب ولكنه يمثل تهديدًا لإسرائيل نفسها. فقبل هذه الحرب، كانت إسرائيل، وما زالت، تتمتع بهيمنة كاملة من النهر حتى البحر، لكن نتنياهو أراد السيطرة على كل شيء".

وختم أن "ما ارتكبه نتنياهو هو خطأ كلاسيكي لجميع القوى الاستعمارية، فقد وقع فيها نابليون وارتكبها هتلر أيضاً، وهو اعتقاد كليهما بأنه يمكن أن يتوجا هيمنتهما العسكرية على أوروبا الغربية من خلال مهاجمة روسيا. وهذه حالة كلاسيكية من تجاوزات الإمبراطورية الاستعمارية. أما أوضح سابقة تاريخية مماثلة لما يفعله نتنياهو في إسرائيل هي الجزائر تحت الحكم الاستعماري الفرنسي، حيث كانت «القولون» القوة المهيمنة، وتمادت في أفعالها عندما حاولت فرنسا الاستيلاء على كل شيئ وكانت نتيجة تماديها فقدان الجزائر بكاملها. وهذا قد يكون موقف نتنياهو في إسرائيل اليوم". مشيراً إلى مثال آخر وهو جنوب إفريقيا "قبل أن يتصالح نظام الفصل العنصري مع المؤتمر الوطني الأفريقي وأدراك أنه كان عليهم التراجع بشكل أساسي عن كل ما كانوا يحاولون القيام به. فقد كانوا مشغولين بإشعال النار في المنطقة بأكملها، في بوتسوانا وفي جميع دول الخطوط الأمامية التي خاضوا حروباً فيها، وحيث عانت من الانقلابات. وأعتقد أنه ليس من قبيل المصادفة أن الأنظمة التي هي على وشك الانهيار تكون في أعنف حالاتها، وهذا ما يحصل مع إسرائيل اليوم".

الأكثر قراءة

نتائج زيارة هوكشتاين لاسرائيل: تقدم وايجابية ومجازر وتدمير؟! نتانياهو يراهن على الوقت لفرض هدنة مؤقتة مرفوضة لبنانيا الجيش الاسرائيلي منهك... ولا بحث بتجريد المقاومة من سلاحها