اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



في وقت لم يكن في هذه المنطقة صوت يجرؤ على أن يقول للأميركي لماذا؟ وليس لا... وفي وقت كان فيه الأميركي لا يحتاج أكثر من أن يقول ويُقال له سمعاً وطاعة، خرجت مجموعة تحمل فكرة المقاومة وتملك الجرأة على تحدّي القرار الأميركي والتصادم معه عسكرياً لتُحدِث فارقاً نوعياً، فيَصل الى يوم يَجد نفسه مضطراً أن يلعب بركائز نظامه الذي بناه في لبنان مثلاً، من أجل أن يخلق بيئة متعبة لمشروع البناء بالمقاومة، كجزء من استنزافه.

تقول مصادر مطلعة إن مشروع المقاومة جاء ليقول: نحن نستطيع أن نبني، وفيديو عماد ٤ دليل على ذلك، وإلا لماذا "فيديو" كهذا يُسبِّب حالة من الهستيريا؟!! لربما لأنه أظهر أن لدى المقاومة قدرة على البناء رغم كل ما جرى ويجري حولها، فهي تقول إنها تستطيع أن تبني شيئا نوعيا ومؤثِّرا  ومؤذيا للعدو، الذي لديه مشكلة باستمرارية المقاومة في البناء رغم تقديمها كل هذه التضحيات.

وأكثر من ذلك وما يتخطى الفكرة الى كيفية إدارتها، تَعتبر المصادر أن فكرة مشروع المقاومة وتميّزه أنه يُدار بعقل واع وبارد وهادىء ومتدرِّج، ولا ينزلق الى العنتريات ولا الاستفزازات ولا الى إعطاء صورة غير دقيقة عن قدراته، لأنه دائما يقول أقل مما يملك ويتحدّث أقل مما يفعل، هنا الأميركي يشعر بأنه للمرة الأولى يواجه قوة عاقلة، لذا كان خطاب السيد نصرالله الأول في الحرب مستفزاً للأميركي، لأنه كان يريد أن يكون الخطاب على الطريقة المعتادة عند العرب، لذا كان هذا الخطاب على عكس التوقعات ومبنيا على قراءة، وبعد عشرة أشهر ثبت أن هذا الخطاب كان الأعقل في تاريخ الصراع العربي- "الإسرائيلي".

يريد الأميركي الحرب من أجل الحفاظ على نفوذه، فهو لن يسمح بسهولة ويُسلِّم بفكرة أن محور المقاومة بات قوة مقرِّرة في هذه المنطقة، لأن ذلك يهدّده، وبالتالي كل العمليات السياسية أي المفاوضات هدفها الأساسي أن تضمن للأميركي ومعسكره في السياسة نجاحاً لم يستطع تحقيقه بالعسكر، وبالتالي تَعتبر المصادر المطلعة أن ما يُسمّونها مفاوضات هو جزء من الحرب، بحيث ان كل طرف يحاول استثمار ما بيده من أدوات وأوراق، من أجل أن يُكرِّس بالسياسة ما حققه وما لم يحققه في الميدان...

إذاً، هناك عنوان كبير للمعركة اسمه صراع قوّة قديمة مهيمِنة مع قوّة ناهضة مقاوِمة، الأولى تريد السيطرة والثانية تريد التحرّر، وضمن هذا الصراع هناك جولة اسمها طوفان الأقصى وضمن هذه الجولة هناك مسارات المفاوضات واحدة منها، والتي تهدف الى خدمة الهدف الأساسي للمقاومة من جهة وللعدو من جهة أخرى، فإما تكريس قدرة المقاومة على التحدي والاستمرار، أو أن ينجح العدو في فرض معادلات من خلال التفاوض لم ينجح في فرضها من خلال السلاح، فنتائج المفاوضات مرتبطة بقدرة وإرادة الطرفين. لذلك الموضوع مُعقَّد جداً، لأنه من المؤكد أن الأميركي يشعر بخطورة أن يخطو أي خطوة الى الوراء، ومن المؤكد أيضاً أن المقاومة ليس لديها أي نية بالتراجع، بخاصة أنها مدركة أن الحدث الحالي هو الأخطر بتاريخ الصراع العربي- "الإسرائيلي"، لأنه مرتبط مباشرة بطبيعة الدور الأميركي في المنطقة، الذي يؤثر في طبيعة الدور الأميركي في العالم... إنها المعركة الحقيقية.

الأكثر قراءة

المقاومة تثبّت مُعادلة بيروت مقابل «تل أبيب» وتمطر «اسرائيل» بأكثر من 300 صاروخ العدو يتقصد استهداف الجيش اللبناني بوريل يحذّر: لبنان على شفير الانهيار