لا يختلف أحد على أن الولايات المتحدة كانت تُمهِّد لتصفية القضية الفلسطينية، وتشريد الشعب الفلسطيني وخنق غزة تدريجياً الى حد الموت، وإقامة منظومة أمنية سياسية عسكرية واقتصادية في منطقة غرب آسيا، تقع "إسرائيل" في قلبها كعمود فقري، ويُشكِّل النظام العربي الرسمي بكل أطيافه أركان وأضلع هذه المنظومة تحت مظلة أميركية.
جاء طوفان الأقصى وتصادم مع هذا المسار، ووضع الأميركي أمام تحدٍّ وفق مصادر مطلعة، فالعمود الفقري أي الكيان الذي يشكّل عماد مشروع أميركا لرؤية أمنية وسياسية واقتصادية خاصة في هذه المنطقة، بات مهدداً في وقت كانت تعاني فيه "إسرائيل" داخلياً من الأساس من تحديات على مستوى الانقسام السياسي والاجتماعي والثقافي، مما جعل أميركا مع تراكم هذه المعطيات واصطدامها مع هذا الفعل العسكري، أمام تحدي التعامل مع تهديد حقيقي لنفوذها في المنطقة، وتهديد حقيقي لقوة "إسرائيل" ووجودها، لذا أرادت بقرارها وتدخلها في كل العمليات العسكرية التي حصلت من اللحظة الأولى في غزة، أن تردع سائر الأطراف عن التدخل، يعني أنها أرادت معركة ميدانها غزة، هدفها تصفية القضية الفلسطينية وتدمير القطاع وقتل الفلسطينيين.
بعد السابع من أكتوبر أدركت الولايات المتحدة أنها أمام منعطف، تضيف المصادر، وأن ما حصل ليس حدثاً عادياً ، وأنه يشكّل تهديداً كبيراً للسياسات الأميركية وللمنظور الأميركي لمستقبل المنطقة. فعندما وجدت نفسها أمام هذا المشهد، من البديهي أن تطرح مجموعة من الأسئلة، وفق المصادر منها: ماذا يعني أن تصل القدرات العسكرية والأمنية والقدرات العملياتية لفصيل مقاوِم مثل حركة حماس، الى هذا الحد الذي يمكّنه من شل القدرة المعلوماتية والعسكرية والاستخباراتية "الإسرائيلية" على مدى ساعات، ويُدخل الكيان في تحدٍّ له طابع وجودي؟ وإذا تمت إضافة هذه القدرة العملياتية والاستخباراتية، التي أظهرتها حركة المقاومة في غزة الى المنظور الأميركي الكلي، فكيف يمكن أن يكون حزب الله؟! وما الذي يتم تحضيره في اليمن؟! ففي ظل هذا الترابط بين جبهات المحور، كيف سيكون شكل المنطقة إذا استمر تنامي القدرات بهذا الشكل؟
سريعاً أتى جواب محور المقاومة، تقول المصادر، فعندما تدخلت المقاومة في لبنان، ثم المقاومة في العراق، ثم اليمن في هذه المعركة إسناداً لغزة، شعرت أميركا أن ما كان متخيَّلاً في يوم من الأيام، وما كان شعاراً في يوم من الأيام بدأ يتحوّل الى حقيقة، بخاصة مع دخول اليمن في المعركة، الذي كان مفاجئاً بالنسبة للأميركي الى حد كبير وصادم في أدائه وطبيعته، لأن القوة اليمنية الوازنة، التي شكّلت إضافة كمية ونوعية لمحور المقاومة، تحدّت أميركا في كثير من مفاتيح قوّتها، وشكّلت استنزافا خطيرا وغير مسبوق للنفوذ الأميركي في المنطقة سواء بالتصادم عند نقطة الممرات المائية أو إعاقة حركتها، وهذا الشي لا تستطيع أميركا تحمّله، وبخاصة اأنه لم يَحدث من قبل، ولأن الأساطيل وحاملات الطائرات التي تُغيِّر حكومات وتُغيِّر خرائط دول فشلت في الردع لا بل قُصِفت في اليمن.
أن يقف الأميركي ويحلِّل ما يدور بالعقل اليمني والإيراني وحزب الله، حقاً إنها نقطة تحوّل في الصراع، تقول المصادر، بوقت كان الأميركي يريد استنزاف المقاومة وإعاقتها من أجل إضعافها، أدرك أن مشروع المقاومة يستنزفه، فمن ناحية المقاومة على جميع جبهاتها هي التي اختارت أن تخوض حرب استنزاف طويلة ومدروسة لتقويض النفوذ الأميركي ولاستنزاف القدرة "الإسرائيلية" لتحقيق هدفين:
١- تأمين بيئة مناسبة لانتصار المقاومة في غزة، وحفظ وجودها ومنع تصفية القضية الفلسطينية عبر بوابة القطاع.
٢- من أجل جعل الوجود الأميركي المباشر أو عبر "الإسرائيلي" في المنطقة مكلفا وغير آمن وغير مستقر.
إذاً، تنظر المقاومة الى الصراع على هذا المستوى، وينظر الأميركي اليه على هذا المستوى أيضاً، لذا ستستمر الحرب، فهذا الصراع أصبح متعلقاً بوجود الطرفيْن وبين أن يكون مستقبل هذه المنطقة، وفقاً للرؤية الأميركية والصهيونية العربية واليهودية والغربية وفي يدها خاضعة لقواعدها وضوابطها، أو أن يكون شعوب المنطقة الذين اختاروا طريق المقاومة وعدم الرضوخ للإرادة الأميركية شركاء في تقرير مصيرها ومستقبلها على الأقل، وبالتالي جزءاً من مستقبل العالم.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:37
الجيش "الإسرائيلي" نفذ غارات وهمية فوق اقليم التفاح والنبطية
-
23:11
النائب ابراهيم كنعان: لست خيار أحد رئاسيّاً واسمي طُرح من قبل البطريرك لا من قبل كتلة نيابيّة ويجب انتخاب رئيس ضمن اتفاق لبناني - لبناني.
-
23:11
كنعان: أنا لا أهرب من المسؤولية وبإمكاني خدمة بلدي من أي موقع خصوصاً الموقع الرئاسي.
-
22:25
موقع "وللا" عن مسؤولين "إسرائيليين": لا تزال هناك فجوات كبيرة رغم إحراز بعض التقدم في الدوحة، والمفاوضات لم تنهر لكنها عالقة.
-
22:25
القناة 13 عن الجيش "الإسرائيلي": أصوات الانفجارات التي سمعت في "إسرائيل" صادرة عن عمليات للجيش في شمال قطاع غزة.
-
22:24
جيروزاليم بوست عن مسؤولين "إسرائيليين" وأميركيين: فرص التوصل لاتفاق في غزة قبل تنصيب ترامب ضئيلة.