اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


منذ عقود تفرض الولايات المتحدة إيقاعها السياسي على المنطقة كقوة مهيمنة على دولها. منذ ما لا يقل عن خمسين عاماً تملك تلك الامبراطورية الكبرى المستعمِرة لهذه المنطقة والمتجذِرة فيها مصالح سياسية وإقتصادية، ومنذ ذلك الزمن قامت بصنع أنظمة فيها، وأنتجت حكّاماً وحكومات تُدافع عن نفوذها ووجودها في هذه المنطقة.

يُعتبر طوفان الأقصى حدثاً استثنائياً بالنسبة للأميركي لأنه عطّل مسارات تقول مصادر متابعة، منها مسار الانخراط العربي العلني بالتطبيع مع "إسرائيل" ، والذي كان سِرِّياً منذ عقود، لذا أرادت أميركا أن تقول: في غزة يجب أن تقف المعركة، بمعنى أن لا يتدخل أحد من جبهات المحور، فتُطلِق يدها مع "الإسرائيلي" لتصفية القطاع وتدميره كلياً، وتفكيك كل مقومات الحياة فيه، كهدف من أهداف الحرب لجعل هذا المكان غير قابل للحياة، وغير قابل للاستمرار، وغير حاضن لفكرة المقاومة ومشروعها.

تريد واشنطن إزاحة ما تَعتبره عائقاً في طريق المسار الأميركي - "الإسرائيلي" بالتواطؤ والخضوع الكلّي للنظام العربي الرسمي في هذا المشروع. وبحسب المصادر، فان أميركا لا تقبل بأقل من سحق المقاومة، ليس لأن الخسائر "الإسرائيلية" كانت كبيرة في السابع من أكتوبر، وإنما لأن تصفية القضية الفلسطينية هو هدف بحد ذاته بالنسبة لها.

الموضوع لم يقتصر على النظام العربي الرسمي فقط ، وإنما شمل الشعوب العربية التي ظَهَرَ تقصيرها الحقيقي حيال فلسطين في هذه الحرب. ووفقاً للمصادر، لقد أثبتت المعركة الجارية منذ أحد عشر شهراً أن الشعوب العربية مأزومة بوعيها وفهمها ومنهجيتها، وأن هناك قدراً كبيراً من الجهل، خاصة بعد أن غرقت بنمط التفكير والحياة الأميركية حتى أصبحت عدوّة نفسها.

لم تقم هذه الشعوب بما عليها لنصرة غزة، ولم تتخذ الموقف المناسب نصرة لغزة، وأن التعاطف مع أهل غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يُعتبر غير كافٍ بتاتاً... بحيث تقول المصادر إن خيارات هذه الشعوب التي بمعظمها سلبية، من الطبيعي ستؤثر في الوزن السياسي لها ولدولها في المستقبل، فلولا جبهات الإسناد مِن تظاهرات اليمن وجبهته، مروراً بالعراق وصولاً الى جنوب لبنان وجبهته... مَن هي الشعوب التي تَشعر أن هناك حرباً في غزة؟ وما هو حجم ما قُدِّم لغزة؟

من خلال هذا الواقع تَبرز قيمة ما تقوم به المقاومة تؤكد المصادر، خاصة بعد أن ظن الجميع أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال إلا الرضوخ للأميركي، والقبول بالكيان الصهيوني كأمر واقع، وأن قدَر الفلسطيني إما أن يَنزح أو يُوَطَّن أو يُقتَل، لكن الآن أصبح الموضوع مختلفاً، لأن في هذه المنطقة مَن آمن بحقِّه وقدرته على استعادته ببناء مشروع مقاومة، يستطيع من خلاله أن يبقى له وجود ويحصل على دور في تقرير مصيره في منطقته. من هنا يرى مشروع المقاومة أن هذه المعركة فرصة لاستنزاف الوجود الأميركي التاريخي المتجذِّر، لإضعافه وتَحدِّيه وتقويضه ولو تدريجياً وبكلفة عالية على مدى طويل، لأن صورة المستقبل أو جزءاً أساسياً منها ستقرِّره سياقات هذه المعركة، لذلك يُفهم التوتر الأميركي الشديد في إدارة هذا الصراع. 

الأكثر قراءة

المقاومة تثبّت مُعادلة بيروت مقابل «تل أبيب» وتمطر «اسرائيل» بأكثر من 300 صاروخ العدو يتقصد استهداف الجيش اللبناني بوريل يحذّر: لبنان على شفير الانهيار