"أمينة المفتي" ربما هذه الجاسوسة هي من كشفت مكان السنوار، ومن يدري كم شخصاً سقط بسببها أيضاً؟ فمن هي؟
أردنية مسلمة تخلت عن وطنها ودينها فاخترقت صفوف المقاومة وسقط بسببها كبار القادة، حتى لقبت بلؤلؤة المخابرات الاسرائيلية.
فمن تكون أمينة المفتي؟
كانت أمينة جميلة جدا وتمتلك وجهاً ملائكياً لكن خلف ذلك الوجه كانت تخفي أبشع خيانة عرفها العرب، البعض يقول عنها إنها كانت ذكية الى حد الجنون لكنها في الوقت نفسه كانت مستعدة لبيع جسدها لأغراض مختلفة، فكرهها لمجتمعها جعلها تنظر الى كل شيء حولها كقيود يجب كسرها. وهذا المزيج من الذكاء والانحراف والخيانة جعلها أخطرجاسوس عربي في التاريخ، لذلك استغلتها اسرائيل وصنعتها من الصفر.
فأمينة لم تكن عميلة عادية بل كانت مشروعاً استخباراتياً كاملاً، كل خطوة في حياتها كانت محسوبة، كل صدفة كانت مدروسة حتى زواجها من الطيار الاسرائيلي لم يكن مجرد علاقة رومانسية، بل كان بابا مفتوحاً نحو عالم الجاسوسية والخداع والخيانة.
اليوم عندما يتم ذكر اسم أمينة المفتي تتدفق أمامكم صور لمؤامرات سرية، لقاءات مشبوهة ودماء سالت بسبب المعلومات التي سربتها. فتحولت هذه الفتاة من ابنة عائلة مسلمة محافظة الى أداء استخباراتية خطرة ساهمت في تصفية قادة المقاومة الفلسطينية وتخلت عن كل شيء مقابل حياة في الظل تبيع فيها المعلومات تماماً كما باعت روحها.
منذ صغرها كانت تشعر أنها مختلفة عن محيطها، لم تكن ترى نفسها جزءا من مجتمعها بل كانت تبحث عن شيء أكبر وعن حياة مختلفة وعن سلطة مطلقة وعن حرية بلا قيود. هذه الرغبة دفعت عائلتها الى ارسالها الى النمسا لدراسة الطب لكن بدلا من أن تكون هذه الرحلة مجرد مرحلة دراسية تحولت الى نقطة لا عودة في حياتها.
في فيينا وجدت الفرصة للتحرر من تقاليد عائلتها تجاهلت كل شيء يربطها بماضيها، حتى الدين لم يعد له أي قيمة عندها، فبدأت بالاختلاط بأوساط مشبوهة، وانتمت الى مجموعات تنادي بالتحرر الجنسي والنسوة المتطرفات وبأشخاص يعيشون بلا أي قيود اخلاقية. وكان المال الذي يرسله والدها كافياً لها لكنها لم تكن تريد مجرد المال بل كانت تريد التمرد وأن تكسر كل الحواجز خلال حياتها في النمسا حيث التقت بفتاة يهودية تدعى سارة بيراد التي كانت منغمسة في الحركات الليبرالية المتطرفة والتي تنادي بالتحرر من العادات والتقاليد وتدعو الى الحرية المطلقة في كل شيء بل كانت تجاهر بكراهيتها للأديان.
أصبحت أمينة مقربة جداً من سارة وبدأت تنغمس معها في أسلوب حياتها، ومع الوقت تعرفت الى عائلتها وهناك التقت بشقيقها الأكبر الذي كان طيارا عسكريا اسرائيليا يحمل رتبة نقيب اسمه موشيه بيراد. فاللقاء بين أمينة والطيار لم يكن علاقة عادية بل كان نقطة تحول، فقد كان كاختبار لها من ناحية اذا كانت مستعدة للتخلي عن كل شيء. فطلب الطيار منها الزواج لكنه وضع شرطاً واضحاً: "اذا كنتِ تريدين أن تكوني معي عليكِ ترك الاسلام واعتناق اليهودية!". وبدون تردد ودون صراع داخلي وافقت على الفور وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة لتثبت لنفسها أنها أصبحت انسانة جديدة بلا قيود وبلا هوية وبلا ماض يلاحقها .
عندما أعلنت ترك اسلامها تبرأت منها عائلتها تماما وهددوها بالقتل ان عادت الى الأردن لكنها لم تهتم ولم يكن هناك شيء يربطها بهم بعد الآن. فهربت الى اسرائيل مع زوجها الطيار، وهناك بدأت رحلتها في عالم الجاسوسية. حيث تم اعدادها لتكون سلاحا خطراً بيد الموساد ولكن تجنيدها لم يكن مباشراً، فلم يأتي أحد اليها ويقول لها "هل تريدين أن تصبحي جاسوسة؟" بل كان الأمر أذكى من ذلك بكثير. فبعد أيام قليلة من وصولها الى اسرائيل استدعتها جهات أمنية ولم يكن الاستدعاء رسمياً، بل جاء على هيئة جلسة استطلاع غير مباشرة، وخلال الحديث لم تخفِ مشاعرها الحقيقية تجاه العرب بل عبرت بصراحة عن كراهيتها لهم وعن احتقارها لمجتمعها وعن عدم اعترافها بالقضية الفلسطينية. فلم تكن بحاجة الى اثبات أي شيء فقد رأوا فيها مشروع جاسوس مثالية "جميلة جدا، تجمل جوازا اردنيا، تتحدث العربية بطلاقة، وتملك الكراهية التي يبحثون عنها"، من هنا بدؤوا في استغلالها، ولم يكن تجنيدها اجباريا بل قدم لها كفرصة لحياة أفضل وتم اغراؤها بالمال والسلطة وبوعود لم تكن تحلم بها من قبل. فخضعت لتدريبات مكثفة شملت كل شيء مثل: التشفير، نقل المعلومات، ارسال التقارير، استخدام أجهزة التنصت، أساليب المراقبة والتخفي واستخدام الأسلحة في الحالات الطارئة.
حينما أصبحت جاهزة تم تسليمها جهاز ارسال لاسلكي متطورا على هيئة راديو صغير وتذكرة سفر الى لبنان وتحديداً الى قلب مخيمات اللاجئين الفلسطينيين مثل عين الحلوة في صيدا والرشيدية في الجنوب. وهناك بدأت اللعبة الحقيقية حيث ذهبت تحت غطاء المتطوعة الانسانية التي جاءت لمساعدة الفلسطينيين في محنتهم، ولم يكن أحد يشك في نياتها فهي امرأة عربية تتحدث بلهجة فلسطينية وكانت تحمل معها الأدوية والمساعدات وتبدي دعمها العاطفي للقضية الفلسطينية وبفضل مظهرها الجذاب وشخصيتها الذكية استطاعت تكوين علاقات وثيقة بسرعة لكنها لم تكتف بالكلام وحده بل استخدمت أسلوبا آخر أكثر خطورة وقذارة.
تعرفت أمينة الى شخصين كانا مفتاحها للوصول الى معلومات حساسة مقابل منحهما جسدها، كان أحدهما موظفا في قطاع الاتصالات وهو من سلمها معلومات لا تقدر بثمن ومنها عناوين القادة الفلسطينيون وأرقام هواتف سرية لمنظمات فلسطينية وأرقام مشفرة تخص الزعماء العسكريين للفصائل. ولم تكتف باعطائه جسدها بل أغرقته بالمال حتى أضبح أداة بيدها لكنها لم تكن غبية حيث كانت تعتبر أن الاعتماد على رجل واحد خطأ، لذا بدأت تسجل كل لقاءاتهما وتجمع الأدلة تسجل صوته وهو يسلمها الأسرار العسكرية وتلتقط لها الصور في أوضاع خاصة. ثم فجأة صارحته بالحقيقة: "أنا عميلة للموساد وأنت الآن تعمل معي"، وبعدما هددته بالصور الفاضحة التي تجمعهما والتسجيلات الصوتية له وهو يعطيها المعلومات، أصبح مجبراً على خدمتها وساعدها مع آخرين الى التسلل الى داخل فلسطين بين الفصائل الفلسطينية.
كما دخلت المخيمات وتعرفت الى القادة الميدانيين وقدمت نفسها كطبيبة متطوعة للمساعدة في علاج المصابين، وأظهرت ولاءها وأبدت حماسا غير محدود للقضية الفلسطينية ونجحت في كسب ثقة قادة بارزين في المقاومة، حتى انها حصلت على تصريح رسمي من الفصائل الفلسطينية للدخول الى جميع المواقع الفلسطينية، سواء العسكرية أو المخيمات. ولم يكن أحد يشك في انها عين اسرائيل في قلب المقاومة ويدهم التي لا ترى، وبفضلها سقطت أسماء لا يمكن الوصول اليها، فكانت المعلومات التي ترسلها لا تقدر بثمن وساعدت في كشف أخطر مخابئ المقاومة وقادت الى اغتيال قيادات بارزة ونجحت في تمرير بيانات كانت ستحتاج اسرائيل الى سنوات للحصول عليها.
كانت أمينة خنجراً مغروسا في قلب المقاومة وأداة استخدمتها اسرائيل لضرب مناضلين لم يكن من الممكن الوصول اليهم لولا تسريباتها، لكن لكل خائن يوم يسقط فيه. وأمينة المفتي لم تكن استثناء فقد ارتكبت خطأ يبدو بسيطاً لكنه كان الخطأ الذي كشفها تماماً، فأثناء حديثها مع أحد قادة المقاومة الفلسطينية طرحت سؤالاً عابراً عن ابنائه ليرتبك القائد فوراً، فلم يكن أحد يعلم أنه متزوج ولديه أطفال، وبدأت الشكوك تحوم حولها فأرسلوا طلباً الى الأردن للتحقق من هويتها، جاء الرد بأنها فعلاً طبيبة أردنية درست في النمسا وغادرت بلادها بعد خلافات عائلية. لم يكن هذا كافياً لادانتها لكن الشكوك ظلت قائمة حتى ورد بلاغ من أحد المصادر الفلسطينية في النمسا، يؤكد وجود طبيبة أردنية درست هناك وكانت صديقتها المقربة يهودية توفيت بجرعة زائدة ولديها أخ طيار اسرائيلي تزوج من طبيبة أردنية هربت معه الى اسرائيل. عند هذه النقطة بدأت الصورة تتضح وكل الخيوط كانت تشير الى الجاسوسة أمينة المفتي.
عندما أيقن الموساد أن أمرها انكشف أمرها بالتخلص من هاتفها والفرار فورا، لكنها لم تحصل على الفرصة فقد تحركت المخابرات الفلسطينية بسرعة واعتقلتها قبل أن تهرب، وعندما فتشوا شقتها لم يجدوا أي دليل يدينها فقد أخفت كل شيء باتقان، لكن اللعبة انتهت وسقطت أخطر جاسوسة عربية بقبضة المقاومة. وبقيت أمينة معتقلة في السجون الفلسطينية بينما كانت التحريات عنها والتأكد من حقيقتها متواصلة، ولم يقتصر الأمر على التحقيقات المباشرة بل تمكنت الاستخبارات الفلسطينية من الوصول الى شقتها في فيينا حيث عثر على مذكراتها التي كشفت الكثير عن حياتها ولا سيما زواجها من يهودي وسفرها معه الى اسرائيل وارتباطها بالموساد. وأثناء وجودها في الاعتقال اعترفت بكل شيء ولكن نهايتها لم تكن بالاعدام كما توقع البعض بل تم اسليمها ضمن صفقة تبادل أسرى ليغلق بذلك أحد أخطر ملفات الجاسوسية في تاريخ المنطقة.
يتم قراءة الآن
-
عون في السعوديّة لفتح صفحة جديدة في العلاقات سلام: لا شروط سياسيّة لإعادة الإعمار... المواجهة بدأت التعيينات بالترتيب: أمنيّة ــ ماليّة ــ ديبلوماسيّة ــ قضائيّة
-
ماذا يفعل ترامب بالقادة العرب ؟
-
عون في الرياض اليوم... ترقّب لاختراق كبير نتنياهو يستخدم سلاح التجويع في غزة خلال رمضان حزب الله للحكومة: ننتظر الافعال لا الاقوال
-
إنفجار مرفأ بيروت... معلومات صادمة قد تظهر للعلن
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
14:54
زيلنسكي: أنا مستعد لتقديم استقالتي شرط حصول أوكرانيا على عضوية النيتو
-
14:13
الرئيس جوزاف عون وصل في هذه الأثناء الى مطار الملك خالد الدولي بالرياض وفي مقدمة مستقبليه الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيزنائب أمير منطقة الرياض والسفيرالسعودي في لبنان وليد بخاري
-
13:50
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي وصلت إلى هذا المستوى من التخصيب
-
13:34
محلقة اسـرائيلية تبث كلمات تهديد وتحريض ضد الأهالي فوق بلدة كفردونين وبير سلاسل واطراف بلدة الشهابية
-
13:28
المفوضية الأوروبية: سنقدم خطة شاملة لدعم أوكرانيا وتعزيز الدفاع الأوروبي
-
13:27
فايننشال تايمز عن مسؤول بريطاني: لم يتم الاتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا لمدة شهر
