اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


 الطائفية هي ظاهرة سلبية تعتمد على التمييز والتفرقة بين الأفراد بناءً على الانتماء الديني أو الطائفي. تعتبر هذه الظاهرة من الظواهر الخطيرة التي تؤدي إلى تفاقم الصراعات والانقسامات في المجتمعات. تعتمد الطائفية على إظهار الانتماء الطائفي بشكل متطرف ومبالغ فيه، حيث يتم التشدد في التعبير عن الانتماء إلى طائفة دينية معينة على حساب الاحترام والتسامح مع الآخرين وعلى حساب الوطن ايضا. وهذا يؤدي إلى نشر روح العداء والكراهية بين الأفراد وتعزيز الانقسامات والصدامات في المجتمع.

واحدة من أخطر أشكال الطائفية الوقحة هي تحولها إلى أداة سياسية تستخدم لتحقيق مصالح ضيقة وللتحكم في السلطة. ففي بعض البلدان، يستغل السياسيون الطائفية لتأزيم الصراعات وللحفاظ على السلطة، مما يعمق الانقسامات ويزيد من حدة الصراعات الداخلية.

لقد تخطت في لبنان الطائفية حدودها دون أي خجل، بل وقد اصبحت وقحة لدرجة متقدمة وباتت تشكل عبئا ثقيلا على اي استحقاق وطني فالنعرات الطائفية اصبحت كالسوس الذي ينخر الخشب والعيش المشترك صار كلاما جميلا يخلو من القيم  والاهداف المشتركة فالهوية انقسمت الى هويات والرؤية لم تعد واضحة. نعم ليس للبنانيين مشروعا موحدا لبناء الوطن ولا وجهة واحدة للعمل، كل ينظر الى مصلحة مذهبه ويغني على ليلاه والصبح المنتظر بات بعيد المنال. للأسف، لم نعد نملك مقومات الوطن لأنه بتعاظم الطائفية تتلاشى المواطنية والعكس صحيح، فهاذان المتغيران هما متناسبان عكسيا  ينمو كل واحد على انقاض الآخر

(Variables inversement proportionnelles)

هنا اسأل، من اين يبدأ الحل؟ وأين هي طريق الخروج من القطيع؟ وهل يمكن بناء وطن ذو رؤية مستقبلية واضحة؟  هل تعليم التنشئة الوطنية في المدارس يساعد على تكوين مواطنين بحق؟ وهل أن عيش المواطنة بحاجة الى دولة قوية؟ ام أن عيش المواطنة ينتج دولة قوية؟

تؤثر الطائفية الوقحة على المواطنة من خلال تقويض العدالة والمساواة بين الأفراد، وتهدد الوحدة الوطنية وتزيد من الانقسامات داخل المجتمع وتتسبب في تفتيت القدرة على العيش معا بسلام وتعزز التفرقة والتحزب الأعمى وتعمق الفجوات بين الناس، مما يعرض المجتمع للخطر ويعرض الأفراد للظلم والاضطهاد. واكثر من ذلك قد تتسبب الطائفية الوقحة في تقويض العلاقات الاجتماعية وتهديد السلم والأمان في المجتمعات، حيث تعمل على زعزعة استقرار الأفراد وتعرض اسس الوطن الى إنقسامات عميقة وبالتالي الى تشرذم المجتمعات. وبدلا من تعزيز التعايش والتعاون بين الناس، تثير الطائفية الوقحة الفتن وتفتح بابا للعنف والتعصب.

إن غياب المواطنة عائد لأفكار ومعتقدات مثل التحيز العنصري والثقافي وتعزيز التمييز بين الأشخاص بناء على أصولهم الدينية أو القومية أو العرقية. ورغم أن الطائفية الوقحة تعتبر ظاهرة سلبية ومدمرة، إلا أنها لا تزال متواردة في عدة مجتمعات حول العالم، مما يجعل الحاجة إلى مواجهتها ومكافحتها أمرا ضروريا. وهذا هو حالنا في لبنان. فالتباهي بما يسمى بالتعايش او العيش المشترك بات حبرا على ورق وكلاما رنانا يستعمله مارقو السياسة على المنابر فقط.

لحماية المجتمعات من الطائفية الوقحة، يجب تعزيز قيم المساواة والعدالة وتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل بين الأفراد. كما ينبغي تعزيز التواصل الفعال والتفاهم بين الثقافات المختلفة، وتشجيع التعاون والتضامن بين الناس بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية أو العرقية.

خبرتي في الحياة تدفعني الى القول بأن مجالات تفعيل المواطنة الصحيحة تبدأ في تعزيز الانتماء والتفاعل الايجابي بين مكونات هذا الوطن بل وتتخطى هذا الفعل للوصول الى التناغم بين العائلات الروحية. العدالة والمساواة يشكلان اعمدة صلبة في هذا السياق ويدفعان المواطن الى المشاركة في بناء الوطن ويصبح الكل يعمل بإتجاه واحد. فالمشاركة الجماعية تعزز الانتماء والعكس صحيح وهكذا نكون قد شكلنا مجتمعا متضامنا رؤيته واحدة وهدفه واحد وهو بناء هذا الوطن.

في النهاية، يجب على الجميع الوقوف معً ضد الطائفية الوقحة والعمل على تشجيع التعاون والتضامن بين الناس، لبناء مجتمعات متسامحة ومتناغمة وخالية من التمييز والانقسامات فالتسامح والتعاون هما السبيل الوحيد لمواجهة رفعة الطائفية الوقحة والحفاظ على السلم والاستقرار في المجتمعات.

علنا يوما ما نصنع وطنا عماده الديموقراطية والمشاركة والمواطنة الحقة.

 

الأكثر قراءة

هل تغزو الفصائل السوريّة البقاع؟