اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مع تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية على لبنان، تتزايد التحديات مع بدء العام الدراسي الجديد، اذ ان هذه الحرب لم تعد محصورة في الجنوب، بل توسعت لتشمل مناطق في عمق البلد مثل بيروت والبقاع الشمالي والغربي، مما يضع الطلاب وأسرهم أمام مستقبل مجهول. فمنذ الأسبوع الماضي، يشهد لبنان سلسلة من الأحداث المؤلمة، حيث نفذت إسرائيل ثلاثة انفجارات ضخمة استهدفت أجهزة اتصال البيجر واللاسلكي، ما أدى إلى إصابة الالاف، بينهم من فقدوا أطرافهم أو بصرهم بشكل كلي، مما يزيد من حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها اللبنانيون.

وتزامنت هذه التطورات الخطرة مع ضربات عنيفة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث قصف الطيران الإسرائيلي منطقة الجاموس بالقرب من مجمع القائم، مما أسفر عن سقوط حوالى خمسين شهيداً ولا يزال هناك مفقودون تحت الأنقاض. ويعكس الدمار الذي لحق بالبنايات الشاهقة التي تدمرت بشكل كامل حجم الكارثة.

أمام هذا المشهد المأسوي، يُطرح السؤال: ما مصير المدارس امام هذه التطورات الأمنية والضغوط الإنسانية التي قد تقودنا إلى تصعيد أكبر، مما يجعل مصير العام الدراسي مجهولاً؟ وفي ظل هذه الظروف الصعبة، هل سيتمكن الأساتذة من نيل حقوقهم بعد المطالبات التي رفعوها إلى وزير التربية ورئيس الحكومة، أم أن هذه الأزمات المتلاحقة ستفرض واقعاً مختلفاً، مهددةً بتأجيل أو تعطيل العام الدراسي المقبل؟

إعادة الـ 50 دولارا مرتبطة بالتمويل!

أوضح رئيس لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي، الدكتور حسين محمد سعد، لـ "الديار" أن "مساهمة الـ 50 دولاراً لم تُلغَ، وينتظر وزير التربية عباس الحلبي التمويل، إما من خلال الدولة اللبنانية أو عبر الدول المانحة على غرار ما يحدث كل عام، أي تمويل صناديق المدارس الرسمية، معتبرا ان هذا التمويل ليس عبثياً، وإنما هو مقابل استخدامهم المدرسة الرسمية لتدريس السوريين في دوام بعد الظهر، حيث يتم استهلاك المؤسسات التربوية الحكومية. لذلك أعتقد أنه من واجب هذه الدول، نتيجة استخدامها القطاعات الرسمية من مبانٍ وتجهيزات وغيرها من الأغراض، دعم المدرسة الرسمية وذلك مقابل بدل الاستخدام. لكن لا تزال الأمور، حتى الساعة، تراوح مكانها، وبالتالي تبقى الـ 50 دولاراً نافذة المفعول بانتظار الحكومة اللبنانية وجلسة مجلس الوزراء المخصصة للتربية، وذلك لمناقشة وضع الأساتذة وماذا ستعطيهم بدل إنتاجية، وكذلك ماذا ستقدم للقطاع العام وللأساتذة المتعاقدين والمتقاعدين".

وأضاف "في حال تم تمويل الـ 50 دولاراً، التي هي عبارة عن مساهمة لصناديق المدارس والثانويات، بما في ذلك تلك المقدمة في الثانويات، فساعتئذ تُلغى، ويُردّ المبلغ الذي دفعه بعض الأهالي. وكان الوزير عباس الحلبي واضحاً في هذه المسألة، إذ اتخذ هذا القرار بناء على أن المدرسة الرسمية تتضمن تجهيزات ومستحقات للمستخدمين، وهؤلاء يحصلون على اتعابهم من هذه الصناديق مقابل تشغيلها".

أما بالنسبة إلى الطلاب السوريين غير الشرعيين، فيوضح سعد: "في ما يخص السوريين غير القانونيين الذين دخلوا إلى لبنان بطرق غير نظامية وليس لديهم أوراق ثبوتية تخوّلهم البقاء في لبنان، فهؤلاء من المفترض ترحيلهم، وبخاصة أن بلادهم أصبحت أكثر أمناً من بلدنا. وفي هذا السياق، صدر عن مجلس الوزراء في الاجتماع الأخير قرارٌ بمنع تسجيل هؤلاء ومعاملتهم معاملة الطلاب أو النازحين غير القانونيين".

الأساتذة يتجهون نحو التصعيد!

وقال: "تقدمنا خلال لقاء رئيس الحكومة ووزير التربية مع الروابط في القصر الحكومي الأسبوع الماضي، برسالة رسمية مكتوبة إلى معالي وزير التربية ورئيس الحكومة عبر القاضي محمود مكية، الذي استقبل الرسالة ونقل مطالبنا الواضحة، والتي تتمثل في رفع أجر ساعة الأساتذة المتعاقدين، وإعطاء بدل إنتاجية مساواةً مع الأساتذة الملاك، بما في ذلك بدل النقل وتجهيز مرسوم يتعلق بالضمان للأساتذة المتعاقدين. وقد طلب رئيس الحكومة من الوزير عباس الحلبي إعداد مقترح أو مرسوم في هذا الشأن، وذلك لشمول الأساتذة المتعاقدين بالضمان الصحي أو الضمان الاجتماعي، وقد لمسنا التجاوب وننتظر القرار الحاسم في الجلسة المخصصة للتربية. ونحن بانتظار النتيجة، وكأساتذة متعاقدين، قد نذهب الى التصعيد لكن إذا كانت الأمور مناسبة، فلا ضرورة لذلك". وشدد على أن "الأمور ما دامت تحت سقف التفاوض ويسودها جو من التجاوب من قبل المعنيين، فلا داعي للكلام حالياً عن التصعيد، ونعمل بالمثل القائل: 'لنوصل إليها بنصلي عليها'.

طلاب وأساتذة ضحايا تفجيرات البايجر

وفي ختام حديثه، أكد سعد ان "طلابا أصيبوا بتفجيرات البايجر واللاسلكي"، مشيراً إلى أن اللجنة تقف إلى جانبهم وتساندهم إنسانياً وأخلاقياً وروحياً. وكشف لـ “الديار" عن أن هناك أيضاً أساتذة فقدوا أيديهم وأرجلهم وأعينهم، ولن يتمكنوا من القيام بمهامهم الأساسية كما كانوا من قبل، وذلك نتيجة بتر الأيدي وفقدان البصر، بالإضافة إلى الإصابات الجسدية البالغة، حيث بات يواجه هؤلاء تحديات جسدية واحتياجات خاصة".

ماذا عن العام الدراسي في الجنوب؟

من جانبها، قالت مصادر في وزارة التربية لـ "الديار": "ان التصعيد لم يعد محصوراً في المناطق الحدودية، بل وصل إلى بيروت، ويبدو أنه سيبلغ أي مكان. ويزعم العدو أنه يستهدف أهدافاً عسكرية، لكنه بالطبع يقصف المدنيين قبل أي شيء. ولذلك، فإن الوضع صعب، خاصة في البلدات المحاذية للشريط الحدودي. ومؤخراً، يمكننا القول إن الجنوب لم يعد آمناً، ولا نعرف ما إذا كان الأهالي سيتشجعون لإرسال أولادهم إلى المدارس، لكن الساعات المقبلة ستكون حاسمة في هذه القضية".

كيف يمكن للطلاب العيش في هذه المرحلة الصعبة؟

من جهتها، قالت الاختصاصية النفسانية والاجتماعية غنوة يونس لـ "الديار" يمكن للطلاب التعامل مع الأوضاع الحالية القاسية عبر تنفيذ الخطوات الاتية:

1. التعامل مع القلق وإدارة التوتر الدراسي

وأشارت الى ان "الشعور بالخوف على الأهل من أكثر المشاعر تعقيداً التي يواجهها الطلاب في هذه الظروف. قد يشعر الطالب بعبء عاطفي كبير عندما يتعرض أحد افراد اسرته لأذى او خطر مباشر. لذلك، يجب أن يدرك أنه من الطبيعي أن يشعر بالخوف، لكنه لا يجب أن يسمح لهذا الإحساس بالسيطرة على حياته اليومية. تقنيات مثل التنفس العميق، التأمل، والتركيز على اللحظة الحالية يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر".

وتابعت "في هذه الفترة العصيبة، قد يجد الطلاب صعوبة في التركيز على دراستهم بسبب التشتت الذهني والضغوط النفسية. انصحهم بترتيب أولوياتهم الدراسية وأخذ فترات استراحة منتظمة. وقد يساعد التخطيط المسبق ووضع جدول زمني مرن في تحقيق التوازن بين الواجبات الأكاديمية والراحة".

2. الدعم النفسي

وأكدت "يُعتبر الدعم النفسي من المحيط الاجتماعي، سواء من الأهل أو الأصدقاء أو المرشدين، عنصراً اساسيا. لا ينبغي للطلاب أن يشعروا بالخجل من طلب المساعدة عندما تتفاقم الضغوط. ومن المهم أيضاً أن تستفيد المؤسسات التعليمية من تقديم جلسات دعم نفسي جماعية أو فردية للطلاب، حيث يمكنهم مشاركة مخاوفهم وتجاربهم، وإيجاد العزاء في معرفة أنهم ليسوا وحدهم في هذه المعاناة".

وأضافت "بسبب تضرر الأهل والأقارب، قد يشعر الطلاب أن عالمهم أصبح غير آمن، مما يخلق لديهم حالة من عدم الاستقرار. لذا، من المهم أن يجدوا طرقاً لاستعادة الشعور بالأمان، حتى ولو كانت بسيطة. قد تشمل هذه الطرق بناء روتين يومي ثابت، سواء من خلال الأنشطة الدراسية أو الاجتماعية، مما يمنح إحساساً بالسيطرة في عالم يبدو فوضوياً".

واردفت "التواصل المستمر مع أفراد العائلة المتضررين أو الباقين هو امر مهم جداً. يحتاج الطلاب إلى الشعور بالارتباط بمن يحبون وتقديم الدعم العاطفي المتبادل. تبادل الأحاديث حول مشاعرهم ومخاوفهم سيساعد في تقليل الشعور بالوحدة، وسيعزز من قدرتهم على مواجهة الضغوط".

3. تجنب الانعزال والعزلة

واستكملت "في أوقات الأزمات، يميل البعض إلى الانعزال خوفاً أو احساسا بالعجز. ومع ذلك، من المهم أن يظل الطلاب منخرطين في الحياة الاجتماعية سواء داخل الحرم التربوي أو خارجه. الأنشطة الجماعية، مثل التطوع أو الانضمام إلى مجموعات دعم، تساعد في تعزيز الشعور بالانتماء وتحقيق هدف مشترك، مما يخفف من آثار الصدمة النفسية".

وختمت "قد يشعر بعض الطلاب بالذنب لأنهم لم يتضرروا بنفس الطريقة التي تضرر بها أقاربهم أو أصدقاؤهم. هذا الإحساس بالذنب يُعرف بـ "ذنب الناجي"، وهو شائع في أوقات الأزمات. لذلك، يجب أن يتفهم الطلاب أن مشاعرهم مشروعة، ولكن من الضروري أن يدركوا أن دعمهم لمن حولهم هو جزء من شفاء الجميع. ومع استمرار الأزمة، قد يحس الطلاب بالإحباط أو اليأس تجاه المستقبل. وهنا يأتي دور المجتمع بأكمله، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والعائلات، في تعزيز الإيمان بالقدرة على الصمود وتجاوز هذه الظروف الصعبة. فالأمل هو أحد أهم العوامل التي تساعد على النجاة من الأزمات النفسية".

الأكثر قراءة

خاص "الديار": أول عملية استشهادية في الخيام ومعارك عنيفة مستمرة