اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تكن عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 لحظة وعي ونضال فلسطينية منفصلة عن تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي وهي متصلة بالتاريخ وذاكرة المنطقة. انها متصلة بثورة القسّام عام 1936 ومعركة رفض التقسيم عام 1948 التي تسمّى النكبة ومعركة تحرير قناة السويس عام 1956 و معركة 1967 ومعركة 1973 ومعركة 1978 ومعركة 1982 وإنتفاضة 1987 ومعركة 1993 ومعركة 1996 ومعركة تحرير 2000 والإنتفاضة الثانية 2001 ومعركة 2006. عملية طوفان الأقصى إستمرارية لكل هذه المعارك مع الكيان الصهيوني وجاءت إعتراضاً على التطبيع الخليجي - الإسرائيلي ومحاولة لعرقلة إندماج إسرائيل في النظام الإقليمي السياسي والإقتصادي والأمني وكمركز للكوريدور التجاري الدولي الهندي الذي أشار إليه رئيس وزراء العدو نتنياهو أثناء كلمته في الأمم المتحدة مؤخراً. مما لا شك فيه ان إسرائيل كانت ستهاجم غزة والمقاومة الفلسطينية فيها وكذلك المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان بعد إبرامها لإتفاقية سلام مع السعودية في إطار التعاون الأبراهامي، وكما انها كانت ستطبق «خطة الحسم» التي يلوّح بها سموتريتش و بن غفير في الضفة لإلغاء شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية.

والجدير ذكره أن إسرائيل قامت بإحتلال جنوب الليطاني عام 1978 بعد أشهر قليلة من زيارة السادات الى القدس وقبيل توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وإجتاحت لبنان عام 1982 بعد إنسحابها من سيناء (1981) وتقديم الجامعة العربية مبادرة السلام التي صاغها ولي العهد السعودي آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز في مؤتمر فاس عام 1981. بالتالي يجب ان نرى الصورة بكليتها وبصيرورتها التاريخية وأن معركة مساندة غزة التي خاضها حزب الله – المقاومة اللبنانية كانت للتضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر في أرضه ومع قضيته العادلة، وكانت أيضا حرباً إستباقية للدفاع عن لبنان وحماية وحدة أراضيه لأن إعادة سيطرة إسرائيل على غزة والضفة سيكون تمهيداً لإعادة إحتلال جنوب لبنان والعودة الى مرحلة ما قبل 2000 وما قبل 1982.

كذلك ان إعادة إحتلال غزة ليس فقط عودة الى خارطة 1967 وإنما ترجمة لمخطط إعادة تشكيل الإقليم والهيمنة عليه على أساس تفتيت الدول العربية وإقامة كانتونات طائفية ومذهبية تدور في فلك الكيان الصهيوني كما جاء في كتابات أوديد يينون Oded Yinon مستشارالمجرم أرييل شارون. إن المقاومة اللبنانية والفلسطينية وضعت هذا الكيان الغاصب أمام هاجسه الوحيد ألا وهو وجوده وهو نفس الهاجس الذي كان ينتابه في السنوات الأولى لقيامه المشؤوم وهذا يعني ان جهاد وقتال رجال فلسطين ولبنان قد أعاد الكيان الصهيوني 70 سنة الى الوراء.

يقول ضابط المخابرات الأميركية سكوت ريتر أن الرد الصاروخي الإيراني كان خطوة حاسمة للردع وتوازن القوى وبيّن محدودية نتائج الضربات والإغتيالات التي نفذها نتنياهو ولاسيما أن تلك الصواريخ الفرط - صوتية طالت كل الأماكن الحساسة في جغرافية الكيان العسكرية وأظهرت حقيقة الصورة ومعادلات القوة وضعف القيادة الصهيونية الجديدة برئاسة نتنياهو. أما الانجازات والانتصارات التي يتحدث عنها المجرم بيبي Bibi وتغيير المشهد الإقليمي ليست سوى بروباغاندا بحسب ريترScott Ritter والجيش الإسرائيلي يواجه الواقع الحقيقي الآن في جنوب لبنان في لحظة التلاحم البري مع المقاومة اللبنانية التي لم تتأثر قدراتها وإمكاناتها العملانية رغم إغتيال السيد حسن نصر الله.

ويضيف سكوت ريتر في ما يخص التغيير الجيوستراتيجي الذي يدّعي نتنياهو تحقيقهن أن اسرائيل هذه ليست إمبراطورية او دولة عظمى وإنما تعاني نزفا" إقتصادياً وتجهد للبقاء الوجودي وجيشها منكشف في حرب غزة وهناك امكانية لهزيمته وبات المجتمع الدولي أكثر قناعة بضرورة قيام الدولة الفلسطينية بدلا" من دولة الأبارثايد الصهيونية. لذلك يوضح ريتر أنه يتعيّن على إسرائيل العمل من أجل البقاء وليس الانتصار وأنه من غير المعروف اذا كان الكيان سينجو من تداعيات هذه الحرب وآثارها الاقتصادية والاجتماعية والبنيوية المدمّرة. ويستنتج الضابط الأميركي ريتر أن إسرائيل ستخرج من هذه الحرب أضعف بطريقة مميتة وليس أقوى كما يدّعي نتنياهو.

عملية 7 اكتوبر أسقطت النظرية الأمنية التي قامت على أساسها إسرائيل وعملية الفدائيين الفلسطينيين في تل أبيب التي ترافقت مع سقوط الصواريخ الإيرانية وصاروخ فادي 4 في شارع رقم 6 الحيوي في تل أبيب والكمائن المميتة التي أعدتها المقاومة اللبنانية لوحدات النخبة الإسرائيلية على بوابات القرى الحدودية في الجنوب، كل هذه الأحداث ذات البعد والمعنى الإستراتيجي التي عصفت حياة الكيان في أقل من 24 ساعة يومي 1-2 أكتوبر 2024 تؤشر الى أن حركة المقاومة الفلسطينية وحركات المقاومة لشعوب المنطقة من لبنان الى سوريا الى العراق الى اليمن الى إيران هي التي تستطيع تغيير وقائع الأحداث التاريخية داخل إسرائيل التي ليست مكاناً آمناً لليهود المستوطنين وأن نتنياهو وفريقه اليميني المسياني لن يتمكن من إعادة رسم خارطة المنطقة وأن الازدهار الاقتصادي في الاقليم لا يمكن ان يحصل بدون الدولة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس. لقد طال هذا الليل الصهيوني دهرا وأعطيت للسفاح نتنياهو اجازة لقتلنا حتى نهاية الانتخابات الأميركية. حفظنا هذا الفيلم الأميركي المكرر والممجوج.

معركة طوفان الأقصى هي أطول معركة في تاريخ الصراع مع البربرية الصهيونية وستؤسس لنهاية هذا الكيان المتزعزع.

لم يعد الفلسطينيون واللبنانيون وحدهم في هذا العالم بعدما صارت فلسطين القضية الانسانية الأولى في العالم وانما المطلوب هو الصمود. المجد والخلود لشهداء طريق القدس، للشهداء القادة الكبار صالح العاروري وإسماعيل هنية ولسيد شهداء طريق القدس القائد الكبير اللبناني والعربي والاسلامي سماحة السيد حسن نصر الله.

* أمين سر «لقاء مستقلون من أجل لبنان»

في الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى

الأكثر قراءة

القصر الجمهوري يستعد... هل يكون 9 كانون الثاني موعداً للحسم الرئاسي؟ «الاسرائيليون» لاهالي الجولان: لن ننسحب وستخضعون للقانون «الاسرائيلي» بالتجنيد اعتراض اميركي اوروبي على العفو العام عن الإسلاميين وطلبات إخلاء السبيل رُدّت