اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تقوم «إسرائيل» في سابقة من نوعها، وخلال حربها على حزب الله في لبنان، باستهداف قوّات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان بهدف حفظ الأمن والسلم الدوليين، وقد اعتدت عليها مرّات عدة خلال الأشهر الماضية، آخرها كان يوم الخميس الفائت. ولا تزال أصداء هذه الإعتداءات تتردّد في أروقة الأمم المتحدة، لا سيما مع استنكار الدول المشاركة في «اليونيفيل» لما يحصل من استهداف لها.

هذه القوّات الدولية التي عزّز البند 11 من القرار 1701 الصادر في 11 آب 2006 عديدها (ليبلغ 15 ألف عنصر على الأكثر) ومعدّاتها ومهامها وحقل عملياتها في جنوب لبنان، لمراقبة وقف الأعمال الحربية بين حزب الله و"إسرائيل». وهذه القوّات التي بلغ عدد الدول التي تتألّف منها حتى أيلول الفائت، 50 دولة، ويُشارك فيها ما مجموعه 10.058 جندياً لحفظ السلام، هي من بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي. فهل سيتمّ السكوت عن مثل هذه التجاوزات التي لا تحترم القوانين والمواثيق الدولية، أم ستجري معاقبة «إسرائيل» على تعدياتها غير المسبوقة على قوّات «اليونيفيل»؟!

عن الإعتداءات «الإسرائيلية» الأخيرة التي طالت برج المراقبة في مقرّ «اليونيفيل» في الناقورة ما أدّى الى إصابة جنديين في مقرّ الكتيبة السريلانكية، وضرب موقع الأمم المتحدة وإلحاق الضرر بالآليات وبنظام الإتصالات، كما بكاميرات المراقبة، وبالإضاءة وبمحطة إعادة الإرسال وسواها، تقول أوساط ديبلوماسية بأنّ التعديات «الإسرائيلية» على قوّات حفظ السلام تُشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701، وهي غير مقبولة ولا يُمكن بالتالي السكوت عنها.

ونقلت الاوساط عن مسؤولين في بعض الدول المشاركة في «اليونيفيل» بأنّ ثمّة غضبا عارما لديها من هذه الإعتداءات على القوّة الدولية. فـ «إسرائيل» تُعرّض سلامة أمن الجنود وموظفي الأمم المتحدة للخطر، وهو أمر خطير للغاية. فالدول الـ 50 المشاركة في «اليونيفيل»، تستنفر اليوم وتستنكر ما يحصل، ولكن أي منها لم يتقدّم حتى الآن بطلب عقد جلسة خاصّة لمجلس الأمن الدولي لمحاسبة «إسرائيل»، أو على الأقل لمنعها من القيام باي أعمال عدائية تجاه قوّات حفظ السلام. وهو أمر مطلوب، ويُمكن لأي من هذه الدول التقدّم به الى الأمانة العامة للأمم المتحدة بطلب عقد جلسة طارئة، لا سيما سريلانكا، نظراً لتعرّض جنديين في كتيبتها للنيران «الإسرائيلية». وحتى الآن، دعت أربع دول مشاركة في «اليونيفيل»، وفق المعلومات، وهي فرنسا (673 جندياً) وإيطاليا (1086) وإسبانيا (676 ) وإيرلندا (370)، الى عقد اجتماع عبر تقنية الفيديو الأسبوع المقبل، من أجل مناقشة تداعيات هذه الإعتداءات «الإسرائيلية» التي ندّدت بها، وقد تتخذ القرار بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن تهدف الى حماية قوّات «اليونيفيل».

أما سبب مثل هذه الإعتداءات، فتعزوه الأوساط نفسها، الى أداء «اليونيفيل» كونها قامت بمهامها فور بدء محاولات الجنود «الإسرائيليين» بالتوغّل الى الداخل اللبناني، وحذّرت في بيان لها من أنّ «أي عبور إسرائيلي الى لبنان يُشكّل انتهاكاً لسيادته وسلامة أراضيه وقرار مجلس الأمن الدولي 1701». كذلك تسعى «إسرائيل» الى ترهيب هذه القوّات، سيما بعد أن طالبتها، وفق المعلومات بإخلاء مواقعها لكي تقوم هي باحتلالها، الأمر الذي يُمكّنها من اجتياح المناطق اللبنانية الحدودية. غير أنّ «اليونيفيل» رفضت تنفيذ هذا الطلب، وأكّدت على استمرارها في عملها في لبنان.

وفي هذا السياق، أكّدت الأوساط بأنّه لا يُمكن للجيش «الإسرائيلي» أن يُقرّر بقاء «اليونيفيل» أو تركها لمواقعها في الجنوب اللبناني، فهي موجودة بناء على قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، ولا يُمكنها وقف مهامها من دون قرار آخر من مجلس الأمن. كذلك فإنّ الإعتداء عليها، كما على موقع الأمم المتحدة، يعني «إعتداء خطيراً» على سائر الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهو أمر بغيض لا يحترم المواثيق الدولية، ولا يحترم المنظمة الدولية، ولا الدول الأعضاء فيها.

من هنا، تجد الدول المشاركة في «اليونيفيل»، وفق الأوساط الديبلوماسية، بأنّه لا يُمكنها ترك «إسرائيل» تتمادى في اعتداءاتها سيما وأنّ سلامة جنودها هي اليوم في خطر، وإن كان بعضها يدعم «إسرائيل» في عدوانها على حزب الله وحماس. وقد ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بإطلاق النار على موقع قوّات «اليونيفيل»، وأوضح لإسرائيل أنّه لا يُمكن التسامح مع هذا الحادث. غير أنّ هذا الأمر لا يكفي بل لا بدّ من أن تطلب إحدى الدول المشاركة في «اليونيفيل» بعقد جلسة لمجلس الأمن لاتخاذ قرار يمنع «إسرائيل» من التعرّض لجنودها العاملين في الجنوب اللبناني، والطلب منها تطبيق القرار 1701. وستكشف الأيام المقبلة، إذا ما كان سيتمّ اتخاذ مثل هذا القرار من قبل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وإيرلندا. كما أدانت النروج غير المشاركة في «اليونيفيل» تعرّض قوّاتها لإطلاق النار من قبل القوات «الإسرائيلية» معتبرة أنّ الأمر «خطير للغاية».

ويخشى البعض، على ما نقلت الاوساط أن تكون «إسرائيل» تسعى الى إخراج «اليونيفيل» من الجنوب عنوة، لكي تسيطر هي وجنودها عليه. غير أنّ هذا الأمر غير ممكن على الإطلاق، سيما وأنّ هناك أكثر من 10 آلاف عنصر لقوّات الطوارىء، وهؤلاء لا يُمكنهم الإخلاء أو ترك مواقعهم لأي كان، سيما وأنّ دورهم هو دور الوسيط بين جميع الأطراف. كما أنّ الجيش اللبناني ينشر 4 آلاف من جنوده في الجنوب، و"اليونيفيل» تُنسّق وتتعاون معهم بناء على القرار 1701. وتحدّث رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد جلسة مجلس الوزراء الجمعة عن استعداد حكومته لنشر الجيش اللبناني هناك أي لتعزيز عديده (لكي يصل عدد عناصر الجيش اللبناني الى 6 آلاف) في المنطقة الحدودية.

الأكثر قراءة

دمشق بين الجيش التركي والجيش "الإسرائيلي"