اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بينما تصعّد «إسرائيل» حربها مع حزب الله في لبنان، وسط الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، لم تعرب أي مدينة أميركية أخرى عن دعمها للمقاومة أكثر من ديربورن ميشيغان، لذلك، قد يرى الكثيرون المدينة على أنها معادية لأميركا، بينما يرى آخرون أنها واحدة من أكثر المدن الأميركية.

وتعتبر ديربورن أكثر ازدهارًا بكثير من مدن صناعية أخرى في ميشيغان، مثل ديترويت أو ساغيناو أو فلينت. فهناك أعمال ومنازل كبيرة في كل مكان. وقد قيل إن ديربورن «لم تمت» أو تعاني مثل تلك المدن لأن العمود الفقري لها هو ريادة الأعمال، فالجميع يقصدها لإطلاق أعمالهم التجارية.

واليوم، يعد حوالي 55٪ من سكان ديربورن، البالغ عددهم 110.000 شخص، من أصول عربية، مما يجعلها المدينة الأميركية الوحيدة ذات الأغلبية العربية، حيث هاجرت العديد من العائلات العربية إلى الولاية لأسباب مختلفة عديدة، أبرزها الحروب والبحث عن حياة أفضل وأكثر استقرارًا.

ولكن الوجود العربي في ديربورن يسبق أي حرب في الشرق الأوسط، فقد كانوا في ديترويت عندما بدأ هنري فورد في بناء «الموديل تي» لسيارة فورد، في عام 1908. وكان فورد، المعروف بطبيعته العنصرية والمعادية للسامية، يفضّل توظيف العرب على اليهود أو السود. وبعد أن قدمت شركة فورد عرض الـ « 5 دولارات لقاء يوم عمل»، ازداد عدد المهاجرين العرب إليها. وبحلول أوائل العشرينيات من القرن الماضي، كان معظم العمال، على خط إنتاج «الموديل تي»، من العرب. وعندما نقلت فورد مقرها الرئيسي إلى ديربورن، وهي ضاحية قريبة، انتقل المجتمع العربي معها، مما يعني أن التواجد العربي في ديربورن يعود أصله إلى قرنٍ من الزمان.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، من المرجح أن يتمحور السباق الرئاسي حول سبع ولايات رئيسية في ساحة المعركة: بنسلفانيا ووسكنسن ونورث كارولينا وجورجيا وأريزونا ونيفادا وميشيغان.

وتعرف هذه الولايات بـ «الولايات المتأرجحة»، وهو مصطلح سياسي يطلق في الولايات المتحدة على الولايات الأميركية التي لا تحتوي على أغلبية سياسية جمهورية أو ديموقراطية، الأمر الذي يجعل مواقفها مُتغيّرة من دورة انتخابية إلى أخرى. لذلك تتجه أنظار الحملات الانتخابية إلى تلك الولايات لمحاولة استمالتها والفوز بأصوات ناخبيها.

وهنا يأتي دور ديربورن الرئيسي في الانتخابات المقبلة. نظرًا لأنها المدينة الوحيدة ذات الأغلبية العربية في إحدى الولايات المتأرجحة، ناهيك عن الولايات المتحدة ككل.

في مقابلة، أوضح الإمام حسن القزويني، أحد أبرز قادة ديربورن المسلمين وأحد أبرز المسلمين في أميركا، والذي عقد اجتماعات مع العديد من الرؤساء والباباوات وشخصيات رئيسية أخرى، الموقف العربي والإسلامي من الانتخابات والسياسات الخارجية الأميركية.

وأجاب القزويني على السؤال الأكثر طرحًا حول الموقف الإسلامي من الولايات المتحدة، وربطه بسياساتها الخارجية، قائلاً إن «كثيرًا من المسلمين من حول العالم يكرهون أميركا لسببٍ واحد، وهو دعمها الأعمى لإسرائيل»، مؤكدًا أنه «في اليوم الذي تتوقف فيه الولايات المتحدة عن دعم إسرائيل، أو على الأقل تتخذ موقفاً محايدًا منها، عندها لن يكون لدى العرب والمسلمين أي مشكلة معها».

وحدد القزويني أعمال أميركا كسبب لجعل إيران وحزب الله معادين لها، مؤكدًا على أنه «لو لم تدعم أميركا إسرائيل بشكلٍ أعمى، لن يكون للعرب والمسلمين أي مشكلة معها».

وتابع أنني «أعتقد أنه إذا أدركت إسرائيل أن لديها وسيلة وحيدة للصمود، بدون الاعتماد على دولة أخرى تبعد عنها 6000 ميل، إذ سيأتي يوم لن تدعم أميركا فيه إسرائيل، لأي سبب من الأسباب. عندها سيتوجب على الإسرائيليين الدفاع عن أنفسهم». متسائلاً «كيف سيتمكن خمسة أو ستة مليون إسرائيلي من مواجهة أربعمئة مليون عربي بدون دعم أميركا؟ يستطيعون مواجهتهم الآن بمساعدة الولايات المتحدة، أما إذا تخلّت الأخيرة عنهم، لأي سبب، فحسابياً، الأمر مستحيل، وسيقضى عليهم».

وعن إمكانية حصول «هولوكوست» جديدة في حال سحبت أميركا دعمها عن «إسرائيل»، قال القزويني إنه «لا يمكنني معرفة ذلك ولكن معاداة السامية ظاهرة أوروبية وليست ظاهرة إسلامية». مشيرًا إلى أن «اللوبي الإسرائيلي يستغل بلدنا ويخدع شعبنا بزعمه أنه يحارب معركتنا، أي معركة؟».

وأشار إلى أن «المسلمين في ديربورن، بقدر ما يُنظر إليهم على أنهم غير أميركيين ومعادين لأميركا، يتشاركون العديد من القيم مع الجمهوريين»، أي ما يروج له ترامب.

وأما موقف سكان المدينة من الانتخابات الرئاسية، فالتأرجح بين هاريس وترامب كان سيده، فقد قال الإمام القزويني إنني «لست راضيًا عن الديمقراطيين. فنحن نختار بين الشر والشر الأسوأ».

وأضاف أنني «لست سعيدا مع كامالا هاريس. هي تقول إنها ستستمر في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، هل تعتقدون حقًا أنها لا تعرف أن من يقتل في هذه الحرب هم من الأبرياء، ومن بينهم أطفال؟ لكني أرى أن هناك شرًا وهناك المزيد من الشر».

وتابع أنني «أعتقد أن ترامب هو الأكثر شرًا، مقارنة بالديمقراطيين، لكنّ ذلك لا يعني أنهم أناس طيبون، أو أنهم سياسيون جيدون، ويجب أن ننتخبهم، لا». متسائلاً «لمن يجب أن نصوت؟ بصراحة، لا أعرف. هذا سؤال لا أستطيع الإجابة عليه».

وأكد أنني «شاركت في معظم الانتخابات الرئاسية منذ أن أصبحت مواطنًا في عام 1998، لكن في هذه الانتخابات، على الأرجح سأبقى في المنزل».

وختامًا، ونظرًا إلى عدد العرب الموجودين في ديربورن ومدن أخرى في ميشيغان، فذلك يمكن أن يميل كفة ميزان الأصوات في الولاية، وبالتالي الانتخابات، إلى دونالد ترامب.

وسيتحتم مراقبة ما سيحدث في الأسابيع المقبلة في ظل مواصلة «إسرائيل» حربها على لبنان وحماس وتصعيد مواجهتها مع إيران واحتدام مواقف السياسة الأميركية الخارجية والداخلية حتى تشرين الثاني.

الأكثر قراءة

خاص "الديار": أول عملية استشهادية في الخيام ومعارك عنيفة مستمرة