اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

العدوُّ الصادق

لا يتحقّق لشعبٍ في الحرب نصرٌ، أو تلحق، في المقابل، بشعبٍ هزيمة، فقط، على أساسِ فائضٍ أو انخفاضٍ في القوّة، عند أحدِ طرفَي النزاع. صحيحٌ انّ «القوّة هي القولُ الفصل في اثبات الحقّ او في انكاره»، الّا انّ القوّة هذه، تقدّس سرّها، معرفةٌ وسبلٌ ومناهج. فما يحدِّد، أوّلًا، نتيجةَ الصراع، هو حدٌّ من الوعي كافٍ لحقيقة العدو، أو جهلٌ بحقيقته تاريخًا وأسسًا فكريّة عليها قام كيانُه...

وفيها كمنت حوافزُ عدوانه. أضف، الى الجهل هذا، ما قد يصيب من وهنٍ ذاكرةَ الطرف المعتدى عليه بحيث يشغلُ ويلُ الحاضر نخبةَ قادته عن الاعتبار من ويلٍ سابق استعدادًا لمواجهة ويلٍ لاحق...

تُرى، هل ارتقى بنا، كطرفٍ معتدى عليه، وعيُنا الى هذا الحدّ الذي يكفل لنا معرفة حقيقة عدوّ يشنّ حربه علينا، منذ ما قبل قيام دولته، دولة «اسرائيل»؟ حتّى الاَن، وعلى الرغم من البطولات الاسطوريّة التي تقوم بها المقاومة في لبنان وفي فلسطين، لا يبدو أنّنا، ولاسيما في لبنان، قد بلغنا الحدَّ المنشود لمواجهة عدوّ الوجود...

خلاصةُ هذا الحدّ، في مفهومنا، هي في وجوب ان ننطلق، بالمواجهة، من قاعدة: أنْ يكونوا فلا نكون، أو أن نكون فلا يكونوا. هذي هي معادلةُ الحساب في جوهر الصراع بيننا وبين «أعداء جميع البشر»، كما وصفهم بولس الموصوف في المسيحية برسول الامم، قبل تحريف كلامه، الذي حلّت فيه اليوم كلمة يقاومون محلّ كلمة أعداء. ومع ذلك، هي ذي بريريّتهم، هذه الايام، كاشفةٌ ما يحتقنُ به وجدانهم، عبر الدهور، من سمومٍ وشرور. ومخطىء أو خاطىء من يطالعنا بأنّ حربهم علينا في لبنان هي بسبب اسناد المقاومة فيه المقاومةَ في فلسطين. حربهم، لكل من يعي حقيقتهم، يخوضونها انطلاقًا من رسوخ معتقدهم التوراتي بأنّنا، في لبنان وفي كل مداه الطبيعي، نحن الذين نحتلّ ارضهم. هم يقاتلوننا لتحرير ارضهم التي مُنحوها بوعدٍ من الَهٍ وغد... يفصحون عن ذلك غير محرَجين. يعلنون ذلك بلا أيّ حياء مستخفَّين بالناس جميعا. والبلاء البلاء انّ كثيرين منّا، وبجهالة ليس لها في التاريخ مثيل، يرفضون تصديق ما همُ الاعداء يفصحون عنه صادقين... لو تأتّى للمتردّدين منّا أو لأهل الرّدة الجديدة في العالم العربي ان يسمعوا وان يعوا لاستفاقوا على الحقيقة تقول: «انّ من يتخلّى عن حقّه في الصراع يتخلّى عن حقّه في الحياة».

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان